في مشهد مزعج يعكس تخلي الأسر الجزائرية عن دورها

شوارع سكيكدة تعج بالأطفال إلى وقت متأخر من الليل

شوارع سكيكدة تعج بالأطفال إلى وقت متأخر من الليل
  • القراءات: 2786
بوجمعة ذيب بوجمعة ذيب
تعج شوارع وأحياء مدينة سكيكدة بعد الإفطار مباشرة بالأطفال من مختلف الأعمار مكتسحين كل الفضاءات الخارجية، محولين هدوءها إلى ضوضاء في مشهد أقل ما يقال عنه بأنه مزعج ويعكس تخلي بعض الأسر عن أهم مقوم من المقومات التي تضمن الأمن والاستقرار وتحمي من الانحرافات مهما كانت، والمتمثل أساسا في رسالتها التوجيهية والأخلاقية المقدسة.
الملفت للانتباه أن الفئة العمرية التي باتت تصنع الديكور الليلي للمدينة في هذا الشهر الفضيل، هي الشريحة التي يقل عمرها عن 6 سنوات، ومن الجنسين، حيث يجدون أنفسهم دون رقيب يلعبون ويصرخون، غير مكترثين بالأخطار المحدقة بهم، لاسيما أنهم لا يجدون مكانا للعب سوى الشارع الذي يتحول بسكيكدة في كل ليلة من ليالي رمضان الكريم، إلى ميادين إما للعب كرة القدم أو الجري أو التسابق بواسطة الدراجات الهوائية، ليستمر المشهد إلى غاية منتصف الليل، يحدث كل هذا بعيدا عن أعين العائلة التي قد تكون منشغلة بسهرات العائلية سواء أمام التلفاز أو مع الجيران أحيانا، خاصة أن العديد من النساء يفضلن ترك أولادهن في الشارع والتوجه إلى المساجد لأداء صلاة التراويح.
من جملة الأخطار التي وقفت عليها "المساء" وتهدد حياة الأطفال على مستوى ساحتي الحرية وأول نوفمبر بوسط المدينة، الفوضى العارمة التي أضحت تميزهما من خلال غزوهما من قبل بعض الشباب الذين يقومون بكراء الدراجات النارية من مختلف الأحجام، للأطفال الصغار، جلهم لا يملك رخص قيادة مثل تلك المركبات، وليت الأمر يتوقف عند هذا الحد، فأغلب من يركبونها لا يستعملون خوذات، ما قد يعرض حياتهم لأخطار حقيقية لا يحمد عقباها، وسط غياب شبه كلي للمصالح المختصة، فيما يفضل بعض المراهقين وفي نفس الحيز الضيق، ممارسة رياضة كرة القدم، بينما يلجأ آخرون إلى التدخين.
ومن المظاهر التي بدأت تعرف انتشارا رهيبا بسكيكدة في شهر رمضان، انتشار طاولات "البابي فوت" التي حولت ساحات أحياء المدينة إلى قاعات للعب، مفتوحة على الهواء وسط الضجيج العارم وما يتبعه من كلام فاحش، ويستمر الوضع في كل من حي 20 أوت 55 وممرات 20 أوت 55 ونهج هواري بومدين وصالح بوالكروة وحتى على مستوى ساحة أول نوفمبر، إلى ما بعد منتصف الليل، إلى جانب هذه الطاولات تفاقمت بسكيكدة ظاهرة كراء بعض ألعاب الأطفال كالسيارات الكهربائية الصغيرة، خاصة أمام المركز الثقافي البلدي عيسات إيدير أو بممرات 20 أوت 55 وأيضا بساحة الحرية، يستغلها بعض البزناسية الذين لم يتركوا أي نشاط غير شرعي للكسب، بغض النظر عن ظهور ألعاب أخرى أصبحت تدر على أصحابها أموالا سهلة خارجة عن الرقابة.
مساجد المدينة لم تشذ هي الأخرى عن القاعدة، حيث تحولت خلال صلاتي العشاء والتراويح إلى شبه روضة للأطفال، إذ يفضل العديد من المصلين من الجنسين اصطحاب أطفالهم الصغار ما دون 6 سنوات إلى المسجد ليشوّشوا بأصواتهم وحركاتهم من جري وضحك ولعب على المصلين، وهو ما وقفنا عليه بمسجد سيدي علي الأديب في وسط المدينة.
للإشارة، تعرف مدينة سكيكدة نقصا فادحا في النشاطات الترفيهية الموجهة للشباب، منها مثلا غياب البرامج الهادفة الثقافية والرياضية والجوارية الرمضانية التي تمس كل الشرائح الشبانية، خاصة برامج مديرية الشباب والرياضة الغائبة كليا عن الميدان. وعدا البرامج الثقافية التي ضبطتها مديرية الثقافة للولاية والتي تشهد هياكلها توافدا من قبل العائلات، فإن المرافق التابعة للشباب والرياضة تبقى خالية، وفي ظل تخلي الأسرة شبه الكلي عن دورها، يبقى الشارع المكان المفضل لأطفال سكيكدة لقضاء سهراتهم الليلية.