رغم رسالتها التثقيفية والتربوية

شرائح كبيرة من المجتمع تدير ظهرها للمتاحف

شرائح كبيرة من المجتمع تدير ظهرها للمتاحف
  • القراءات: 1102
 بوجمعة ذيب بوجمعة ذيب

تُعد المتاحف من المؤسسات التعليمية والتربوية والتثقيفية الهامة؛ لما تلعبه من دور أساس في خدمة كل شرائح المجتمع، ناهيك عن مرافقتها لكل المؤسسات التعليمية المختلفة في كل أطوارها. وبالرغم من دورها 

الريادي إلا أنها تكاد تكون من أكثر المؤسسات التي تعرف عزوفا من قبل مختلف شرائح المجتمع، خاصة لدى الفئة العمرية الشبابية المتمدرسة. وحسب فاتح حموش، مدير المتحف الجهوي للمجاهد العقيد علي كافي بسكيكدة، فإن سبب العزوف يعود لغياب الثقافة المتحفية؛ "لأننا لم نصل بعد إلى تبنّي ثقافة ناضجة تولي أهمية لزيارة المتاحف قصد الاستفادة منها، لا سيما لعلاقتها بالحياة بوجه عام، مشددا على الدور الكبير الذي تلعبه المدرسة من خلال رسالة المعلم فيما يخص توعية النشء بأهمية المؤسسات المتحفية انطلاقا من كونها مؤسسة تربوية وحضارية وثقافية وتاريخية، وبوجه عام، فهي جزء من الحياة.

من جهته، اعتبر الأستاذ توفيق صالحي، أستاذ بجامعة سكيكدة اختصاص التاريخ، أن العزوف عن زيارة المتاحف ظاهرة عامة في الجزائر، أضحت تقتصر على عدد من الأفراد إضافة إلى الأساتذة والطلبة والإعلاميين وحتى السياسيين، الذين يقومون بزيارة هذه الأخيرة في مناسبات قليلة. أما بالنسبة للأغلبية فكأن الأمر لا يعنيهم إطلاقا؛ لاعتبارات عديدة، منها جهلهم بطبيعة المتاحف والمهمة المسندة إليها لحماية تراث الأمة وتخزين الذاكرة الوطنية، إضافة إلى عدم وجود الرغبة في الزيارة لاعتقاد الكثيرين أن الدخول إلى المتاحف مضيعة للوقت، وأيضا بأنها مخصصة لفئات معيّنة فقط وليس للجمهور الكبير. وما زاد الطين  بلة، حسب الأستاذ صالحي، ضعف التغطية الإعلامية المخصصة لمثل هذه الفضاءات أمام قلة المبادرات؛ فكلما قلّت هذه الأخيرة فشلت المتاحف في مهمتها الميدانية.

وفيما يخص رأيه في إنشاء المرصد الوطني للمتاحف، فقد اعتبرها مبادرة طيبة، من شأنها أن تساهم في تحقيق بعض الخطوات المهمة لمعالجة النقائص التي تواجه المتاحف والصعوبات المؤثرة، لكنه، بالمقابل، يعتقد أن المرصد لو يبقى حبيس مكاتب الإدارة فلا نفع منه؛  بمعنى أنه لا يستطيع تقديم الإضافة المرجوة للمسائل التي تهم المتاحف، التي ربط نجاح دورها بتشجيع المبادرات الخلاقة التي تساهم في ربط هذه الأخيرة بمحيطها، وتنويع مجالات التعاون بين المتاحف وعدد من الهيئات ضمن إطار متكامل مع قطاعات سياحية، تاريخية، ثقافية، جمعوية وتربوية، وبانتهاج هذا يمكن الوصول إلى المبتغى تدريجيا، مثلما هو معمول به في الدول الغربية، إذ تُعتبر المتاحف من أهم الفضاءات التي تقصدها العائلات باستمرار، لذا يرى أنه بات من الضروري أن يشرح التحديات التي تواجه المتاحف مع تقديم الاقتراحات العملية لحلها، وبموازاة ذلك تسطير الآفاق الواعدة لتجاوز الإشكالات المعرقلة لعملها، والتي تحتاج فعلا لحلول فعلية وواقعية بعيدا عن الترقيعات الإدارية أو الشروط التعجيزية، مع تشديده على ضرورة ترك المجال للمختصين لتقديم تصوراتهم العملية لجعل المتاحف أقطابا للتنمية السياحية.

 أما الشاب (ب/ هشام) 19 سنة طالب بجامعة ٢٠ أوت 55، فقد أرجع سبب عزوف المواطنين عن زيارة المتاحف، إلى غياب الثقافة المتحفية التي لم تولها المدرسة أي اهتمام، خاصة خلال مرحلة التعليم الابتدائي؛ فنادرا ـ كما قال ـ ما تنظم الابتدائيات زيارات إلى المتاحف، وإن تم تنظيمها فإنها لا تخرج عن دائرة زيارة عادية تغيب فيها الشروحات والأسئلة؛ إذ كثيرا ما يتم الاكتفاء بأخذ الصور ليس إلا.