مصطفى زبدي: انتعاش تجارة العجائن راجع إلى سهولتها وسعرها المغري

شباب يستنجدون بـ"المحاجب" و"الكسرة" لتوديع البطالة

شباب يستنجدون بـ"المحاجب" و"الكسرة" لتوديع البطالة
  • 3274
رشيدة بلال رشيدة بلال

اتجه اهتمام الشباب مؤخرا إلى احتراف صناعة العجائن بأنواعها بعد عزوف النساء ـ على حد قولهم لـ"المساء"ـ عن العجن لعدة اعتبارات، أهمها الخروج للعمل، وبحكم أنه نشاط تجاري سهل ومربح، اعتبره أغلب الممارسين له وسيلة لنفض شبح البطالة عنهم. "المحاجب سخونين".. "المطلوع" و"خبز الدار".. الحلويات التقليدية مثل "المبرجة" هي عناوين لمحلات استحدثت مؤخرا، وعلى الرغم من صغر مساحتها، بل وضيقها في بعض الأحيان، إلا أن إقبال المواطنين عليها، بما في ذلك الأطفال كبير. 

"المساء" وفي رحلتها الاستطلاعية، تحدثت إلى فؤاد جوادة (24 سنة)، اختار رفقة زميله استئجار محل صغير في ساحة أودان بالعاصمة للتخصص في تحضير "المحاجب"، وفي دردشتنا معه حول سبب اختياره للعجائن كنشاط قال: "البطالة هي التي دفعتني إلى عجن "المحاجب"، وهي من الصناعات التي اشتهرت بها عائلتي، وبحكم أنني على اطلاع على كل ما يخص تحضيرها قررت امتهانها، ـ ويفتح قوساـ  "حتى لا أزعج والدتي ببقائي في المنزل دون عمل، أقوم بتحضير العجينة وخليط المحاجب من ‘الشكشوكة’ في المنزل، ثم أنقله إلى المحل لأبدأ العمل في ساعات الصباح الأولى ولا أنهيه إلا في ساعات متأخرة من الليل بسبب كثرة الطلب"، ويعلق "حقيقية هذه المهنة متعبة جدا لسببين؛ الأول أنني أضطر إلى الوقوف طيلة اليوم من أجل تحضيرها، ناهيك عن إمكانية التعرض للحرق بسبب الاحتكاك الدائم بالزيت والنار، أما السبب الثاني فيتمثل في المستهلك بحد ذاته، فلا يخفى عليكم أن كل الأعمال التي تكون على اتصال مباشر مع الناس تجلب المتاعب، بحكم أن أمزجة الناس مختلفة، وبعيدا عن هذا مهنتنا سهلة، ويمكن لأي كان أن يمارسها، فقط تتطلب الصبر وتحمل التعب.

وعن سر انتعاش تجارتهم في العجائن، أكد فؤاد أن السبب الرئيسي ـ حسبه ـ هو عزوف النساء عن القيام بمثل هذه الأنشطة في المنزل، وأكثر من هذا، أغلب النساء أصبحن يفضلن الأكل في الشارع، بالتالي أعتقد أن أحسن شيء قمنا به نحن الشباب امتهان هذه الصنعة لأنهن وجدن فينا المخرج لتغطية ما تركنه. تركنا فؤاد منهمكا في تحضير "المحاجب" لتلبية الطلبات الكثيرة عليه، وقصدنا باب الوادي على اعتبار أن مثل هذه الصناعات التقليدية تنتشر خاصة في الأحياء الشعبية، حيث دردشنا مع شمس الدين بوطمين، شاب في مقتبل العمر كان هو الآخر حريصا على تقليب "الكسرة" حتى لا تحترق، لإرضاء الزبائن الذين يحبون اختبار ما هو متقن العجن ومطبوخ جيدا، إذ حدثنا قائلا: "السبب الوحيد الذي جعلني أمتهن حرفة النساء هي البطالة، مشيرا إلى أن محلهم لا يكتفي بتحضير الكسرة التي تباع بـ30دج فقط، وإنما يصنع أيضا كل الحلويات التقليدية كـ"البراج".

وحول أهم زبائنهم قال: "نستقبل في محلنا كل الشرائح، كما لا تتحرج النساء من طلب "الكسرة" وبأعداد تفوق ثلاث "كسرات"، كما يقصدنا الرجل وحتى الأطفال من الذين يشتهون هذا النوع من الخبز التقليدي الذي يكاد يختفي في منزلنا بسبب إهمال النساء لإعداده وتفضيل الخبز، مشيرا إلى أن أمر تحضير العجينة يتم بعضها يدويا والبعض الآخر باستخدام الآلة لسد الطلب الكبير. من جهته عبد الحليم بوبرطخ، الذي امتهن بدوره عجن "الكسرة" اشتكى من وكالة "أونساج" وقال؛ "البطالة هي التي دفعتنا إلى عجن الكسرة ويوم فكرت فيها كمهنة  خضعت لتكوين صغير، ومنه أجّرت محلا، غير أن وكالة "أونساج" رفضت تدعيمي  لاقتناء بعض الآلات التي تسهل علي العمل، حيث صادفت الكثير من العراقيل في شأن الملف، الأمر الذي جعلني أصرف النظر وأعتمد على نفسي في التأسيس لنشاطي، حيث أعجن تارة وأعتمد على بعض الأجهزة تارة أخرى، ويعلق: "رغم أن العجين مهنة نسائية، غير أن هذه المهنة مكنتنا من تأمين لقمة عيشنا، ومنه لا أتحرج مطلقا منها، و(خدام الرجال سيدهم)".

....ماذا عن رأي النساء في امتهان الرجال لصنعتهن؟

تباينت الآراء بين غير راضيات لامتهان الرجال صنعة النساء، ومشجعات من منطلق أن البطالة تدفع بالبعض إلى القيام بأي عمل لتأمين قوت اليوم، في الوقت الذي عبرت العجائز عن عدم رضاهن، بل وانتقادهن للنساء اللواتي يحبذن اليوم اقتناء كل شيء جاهز، إلى درجة أن بنات اليوم لا يعرفن حتى كيف يصنعن أبسط أنواع المعجنات، في حين كان رد أخريات مغايرا، حيث قالت سيدة عاملة: "إن استحداث محلات لتحضير المحاجب تحديدا أزال عنهن عبئا كبيرا بسبب الخروج للعمل والتكفل بتربية الأبناء وضيق الوقت، الأمر الذي حال دون إمكانية التفرغ لتحضير ببعض المأكولات التقليدية"، وتعلق؛ "إذا اشتهى زوجي أو أطفالي المحاجب أقتني منها ما يلزمني..."، في حين عبرت مواطنة أخرى عن سعادتها بتفشي هذا النوع من الأنشطة وعلقت: "من المعروف أن الرجل أحسن من المرأة في الطبخ، وبحكم أن الحاجة هي التي دفعتهم إلى العجن آن الأوان لنرتاح من العجن، خاصة أنه نشاط متعب ويتطلب وقتا كبيرا، في حين علقت أخرى بنوع من الأسف قائلة؛ إن تخلي النساء عن صنعة الجدات دفع بالرجال إلى احترافها وقد نجحوا فيها، ومع هذا شخصيا أحب الأكل التقليدي المحضر في المنزل، إذ تظل نكهته خاصة، على خلاف ذلك المسوق له الذي يشهي شكله، غير أننا نرمي أغلبه.


 

مصطفى زبدي رئيس جمعية حماية المستهلك لولاية الجزائر: 

انتعاش تجارة العجائن راجع إلى سهولتها وسعرها المغري

صرح مصطفى زبدي رئيس جمعية "حماية المستهلك" لولاية الجزائر لـ"المساء، أن "السبب الرئيسي لانتشار تجارة العجائن يعود إلى سهولة تحضيرها وسعرها المعقول بالنسبة للمستهلك، وتحديدا الطلبة والعمال الذين وجدوا فيها ضالتهم، لكن إذا كان هذا النشاط قائم في حدود شروط النظافة والصحة فهو مقبول، بل وإيجابي من منطلق أنه نشاط مراقب وطريقة تحضير مختلف العجائن سليمة، فإذا كانت كل الشروط محترمة، نحن نشجعها خاصة أنها كنشاط ساهم في تشغيل عدد من الشباب البطال، ويضيف: "غير أن المشكل المطروح أن هذا النوع من الأنشطة يتطلب الوقاية والحذر أكثر من المحلات الأخرى التي تخصصت في تحضير الأكلات، لأنه وكما هو معروف، "المحاجب" و"الكسرة" وغيرها تعتمد على الزيت، وكما هو معروف هذا النوع من العجائن يحضر يدويا، مما يخلق بيئة تساعد على انتشار البكتيريا، والمؤسف أن الذي يعجن ويطبخ هو الذي يقوم أيضا بعملية البيع، بالتالي يقبض النقود، وكما هو معروف النقود تعد أكبر مصدر للجراثيم، مما يعني أن ظروف ومناخ تنقل الجراثيم كبير، مما يعرض صحة المستهلك للخطر، بالتالي فالمطلوب من المستهليكن أخذ الحيطة والحذر، فإذا ثبت له أن من يبيع هو من يطبخ فما عليه إلا الامتناع على الكل، بمعنى المواطن مطالب بأن تكون له ثقافة استهلاكية هذا من ناحية، ومن جهة أخرى من المفروض أن هذا النوع من الأنشطة كغيرها تتطلب الاحترافية، وهو الأمر الذي يفتقر له بعض المقبلين على هذه الأنشطة، لأن تناول العجائن غير المحضرة بشكل سليم يخلق مشاكل صحية على مستوى المعدة، لذا نطالب بتكوين جميع المناوبين للأغذية أيا كان نوعها، وهو بالمناسبة، ما أشرف عليه مكتبنا مؤخرا في ولاية تيبازة، حيث أشرفنا على تكوين العاملين في قطاع  الأجنبية ومختلف مشتقات الحليب، حول كل ما يخص شروط الحفظ والتخزين. وحول ما إذا كانت هناك رقابة على هذا النوع من الأنشطة الحديثة، أكد محدثنا أنه يفترض أن تكون هناك رقابة على مختلف الأنشطة المرتبطة بالأنشطة التجارية وتحديدا تلك التي تتعلق بالمواد الاستهلاكية، غير أن ما نلاحظه كجمعية تعنى بحماية المستهلكين من تجاوزات يدل على وجود، إما تساهل مع التجار أو قلة رقابة.