أعمالهم تزين الساحات وشهرتهم تعدت حدود ولاية بسكرة

شباب يتخصص في إنجاز مجسمات عملاقة بإمكانيات بسيطة

شباب يتخصص في إنجاز مجسمات عملاقة بإمكانيات بسيطة
  • القراءات: 2667
ح.عمران  ح.عمران

لا يختلف اثنان على أن الشاب الجزائري باستطاعته أن يصنع المعجزات إذا توفرت لديه أبسط الإمكانيات والدعم، وهذا الأمر تجسده الأعمال الفنية الراقية جدا والفريدة من نوعها التي تخصص مؤخرا في إنجازها وبطريقة مميزة، شباب من بلدية الدوسن غربي ولاية بسكرة، حيث أبدع هؤلاء في إنجاز مجسمات عملاقة أصبحت اليوم تزين الساحات العمومية على مستوى الولاية الأم بسكرة، وحتى العديد من الولايات عبر التراب الوطني.

تخصص في الآونة الأخيرة كل من السعيد معزوز وفواز طالب ومعهما عاملان شابان آخران من الدوسن، في إنجاز المجسمات العملاقة المجسدة لكل ما له علاقة بالتراث والتاريخ، حيث استطاع هؤلاء وفي ظرف وجيز أن ينجزوا عددا من هذه المجسمات ليجنوا من خلالها شهرة كبيرة فاقت حدود بلدتهم الصغيرة، ليصبحوا بعدها مطلوبين في أكثر من مدينة لتجسيد مجسمات مختلفة تناسب طلبات أصحابها وخصوصية منطقتهم. والملفت في الأمر أن هؤلاء الشباب لا يستعملون في نشاطهم الحرفي والفني هذا سوى مواد بسيطة ومسترجعة من الخشب والحديد وغيرها من المواد غير المكلفة، إذ استطاعوا بفضل هذه المواد البسيطة التي تحركها أناملهم الساحرة وعقلهم الفني المميز أن ينجزوا مجسمات فائقة الروعة، وهي اليوم تزين العديد من  الشوارع والساحات، وتلقى الاهتمام والإعجاب والتقدير من قبل السيّاح والزوار الذين لا يترددون في التقاط صور لتلك المجسمات إعجابا وانبهارا بروعتها.

وللكشف عن قصة هذا العمل الفني الفريد من نوعه من حيث القيمة الفنية والجمالية، التقت «المساء» بأحد هؤلاء النحّاتين الشباب ببلدية الدوسن، ويتعلق الأمر بالسيد معزوز السعيد الذي أكد لـ«المساء» أن بداية هؤلاء الشباب مع المجسمات كانت سنة 2011، حيث كان أول عمل منجز هو خريطة عملاقة وبندقيتين كبيرتين، ثم لوحات إشهارية عملاقة لبعض المؤسسات التربوية وذلك بطلب من السلطات المحلية آنذاك. ولأن هذا العمل فاق التوقعات من حيث الروعة وإعجاب الكثيرين به، فإن هؤلاء الشباب وبطلب من البلدية دائما وتشجيع من الجميع، سطروا برنامج عمل فني يتضمن إنشاء عدد من المجسمات عبر مراحل متتالية، وفعلا تم ذلك بداية من سنة 2012، كما قال السيد معزوز، حيث تمكن رفقة ثلاثة شبان آخرين، منهم نحّات وعاملان بسيطان، من إنجاز شبه جدارية تجسد حقبا تاريخية متتالية عاشتها بلديتهم الدوسن، ثم تلتها مجسمات أخرى هي عبارة عن مجسم لجبل ومعركة ثورية، وكان ذلك تزامنا مع إحياء إحدى المناسبات الوطنية الخالدة، ليتوسع الإبداع إلى إنجاز مدفع كبير ومطحنة عملاقة ومهراس حديدي وما يعرف بـ«الكانكي»، ثم حليّ قبائلية فائقة الروعة ومجسم عملاق لكأس العالم كان هدية من هؤلاء الشبان للفريق الوطني بعد تأهله إلى المونديال سنة 2014.  وحسب السيد معزوز، فإن جميع أعمالهم كانت تتم في ورشة صغيرة ومتواضعة بمواد بسيطة مسترجعة من الحديد وما شابهه، إضافة إلى بقايا الخشب، غير أن الذوق الفني والروح الإبداعية العالية جعلت من هؤلاء الشبان ـ كما قال السيد معزوز ـ   ينجزون تحفا فنية عملاقة ذاعت شهرتها حتى في بعض الولايات كالأغواط وجيجل مثلا. هؤلاء الشبان ـ كما قال لنا أحدهم ـ مستعدون للذهاب بعيدا في هذا التخصص شريطة أن يتوفر عندهم الدعم المادي والمعنوي بداية من ورشة كبيرة ومجهزة،  وصولا إلى المواد المستعملة. وفي حال توفرت هذه الأمور، فإن هؤلاء الشباب يؤكدون قدرتهم على التحدي وإنجاز مجسمات أكثر تميزا حتى يجعلوا من مدينتهم الدوسن وولايتهم بسكرة ورشة فنية متخصصة في إنجاز مثل هذه المجسمات العملاقة التي أصبحت مطلوبة وبكثرة، باعتبارها تساعد على استقطاب السياح وتزين الساحات العمومية وبأقل تكلفة.