تحسبا لفصل الشتاء

سيدات عنابة يحضرن القديد

سيدات عنابة يحضرن القديد
  • القراءات: 1212
❊سميرة عوام ❊سميرة عوام

تقبل هذه الأيام بعض ربات البيوت بعنابة على تحضير وإعداد كميات هائلة من الخليع أو القديد، وذلك تحسبا لفصل الشتاء والبرد، حيث يجد أهل بونة في عيد الأضحى فرصة لتقطيع جزء من اللحم وتحويله إلى قديد، فرغم تطور وتحسن وضع العائلات ووجود الثلاجة، إلا أن العودة لمثل هذه الخلطات القديمة والتقليدية أصبحت حاضرة بقوة خلال السنوات الأخيرة بعنابة.

تحرص الفتيات أيضا على إحياء التراث والعمل بما تركته الجدات، وهذا ما أجمعت عليه الكثيرات، مشيرات إلى أن الحفاظ على مثل هذه العادات هو تمسك بالتاريخ والأصالة، تقول السيدة هدى (أم لثلاثة أطفال، عمرها 34 سنة) أنّ أمّها رحمها الله كانت تحضّر القديد في كل مناسبة عيد أضحى، ويتم الاحتفاظ به في مكان ملائم بعيدا عن الرطوبة، حيث يتم استغلاله في الفصل الماطر عند إعداد البركوكس والكسكسي وبعض الأطباق الأخرى، مؤكدة أنها مازالت متشبثة بهذه العادة وهي تعشق الأكلات المصنوعة من القديد ولو أنها غير بارعة في تحضيرها مثل والدتها، لكن تبقى محاولتها لإعداد القليل منه بمثابة الارتباط الوثيق بالطبخ التقليدي، وعن أبنائها تقول محدثتنا إنها في البداية وجدت صعوبة في إقناعهم بأكل اللحم المخلع والقديد لكن مع الوقت قبلوا الفكرة.من جهة أخرى، أشارت "جميلة، ح« (جامعية تعيش رفقة جدتها المقعدة) إلى أنها تحب القديد الذي كانت تعدّه جدّتها في السابق، لكن منذ أن مرضت لم يعد حاضرا في مطبخها فقط يتم اقتناؤه وشراؤه من تونس والاحتفاظ به لمقاومة البرد القارس.

أما السيد "مراد" عامل بميناء عنابة، لما طرحنا عليه موضوع التزام عائلته بإعداد القديد، قال إن زوجته لا تحضره ويتم توزيع لحم العيد عادة على الفقراء وأكل ما يتبقى، لكن يتذكر أيام إعداد البركوكس للفلاحين بالقديد في الريف، مذكرا أن هذه العادة بعنابة تراجعت بعد وجود الثلاجات ولا تهتم المرأة العصرية كثيرا بهذه التقاليد التي تأخذ الكثير من وقتها خاصة بالنسبة للمرأة العاملة.

وعلى صعيد متصل، شرحت "الحاجة وناسة" لـ«المساء" طريقة إعدادها للقديد، والذي يتمّ في اليوم الثاني من عيد الأضحى أو الأوّل، حيث كان الجيران في الماضي يتعاونون على شكل تويزة، ويتم وضع اللحم المقطع في الماء والملح للتخلص من الدم، ويتم في نفس الوقت تحضير التتبيلة التي تكون مكونة من الملح والفلفل الأسود والكروية وبعض الأعشاب الجافة ويتم التركيز على الملح لقتل البكتيريا، وبعدها يتم تتبيل اللحم ونشره على الحبال في الهواء ويجف في الظل، حتى  يكون مذاقه أفضل حسب الحاجة.

وعن مدة تجفيفه، قالت محدثتنا إنّها لا تتعدى أسبوعا، ثم يتم حفظه واستغلاله وقت الحاجة وحسب "نانة وناسة" كما يطلق عليها جيرانها بالحي العتيق "بلاص دارم"، فإنها بعد مرضها بالضغط والسكري أصبحت عاجزة عن إعداد القديد وهي تعول على عروسها لكن تعده بطريقة عصرية بعد إدخال بعض المتبلات والطرق الجديدة لحفظه منها الثلاجة، لتضيف أن بنات هذا العصر أصبحن لا يولين اهتماما للطبخ التقليدي.