المواطن يفضل اقتناء الأعشاب من العشّاب عوض الصيدلي

سوق الأعشاب الطبية تعيد بعث وصفات الجدات

سوق الأعشاب الطبية تعيد بعث وصفات الجدات
  • القراءات: 1440
رشيدة بلال رشيدة بلال

كشف عدد من المخبريين تحدثت إليهم "المساء" عن استحسان المواطنين للعلاج بكل ما هو دواء محضر من أعشاب، وقالوا بأن التوجه اليوم في مجال العلاج وعبر العالم يستحضر وصفات الجدات لمواجهة مختلف الأمراض الظاهرة منها والباطنية، وعلى الرغم من أن الأطباء والصيادلة يشجعون العلاجات الطبيعية، غير أن بعض المواطنين يميلون إلى اقتناء مستلزماتهم من العشابين، الأمر الذي يخلف أضرارا بلغت حد الوفاة.

احتكت "المساء" لدى تواجدها بصالون الصيدلة الذي جرت فعالياته مؤخرا في العاصمة، بعدد من المخبريين والصيادلة الذين حاولوا الكشف عن الفوائد العلاجية لمختلف الأدوية المحضرة من الأعشاب، ولعل ما شد انتباهنا الإقبال الكبير للمواطنين على مختلف الأجنحة المروجة للأدوية والكريمات و"التيزانات" المحضرة من مختلف الأعشاب، وفي دردشتنا إلى ممثلة مخابر "ماغ فارم" المختصة في التداوي بالأعشاب، قالت؛ "إن وصفات الجدات عادت مجددا للتكفل بكل الأمراض البسيطة منها والمعقدة، ونحن كمخبر مختص في كل ما يتعلق بـ"التيزانات" الموجهة لمعالجة الرشح، الزكام، سن اليأس والأرق والإمساك وصعوبة الهضم وحتى أحجار الكلى، حيث يتم تصنيعها بعدد من الأعشاب المعرفة عن فعاليتها الصحية كالبسباس والزعتر، مشيرة إلى أن المخبر يحاول قدر الإمكان إبعاد كل المواد الكيميائية واستحضار كل ما هو طبيعي، لاسيما بعدما أثبتت الأدوية أنها تتسبب في إحداث آثار جانبية تظهر على المدى الطويل.

تقول محدثتنا: "الاهتمام بالأدوية المصنوعة من مواد طبيعية أصبح اليوم أكثر من ضرورة بالنسبة للمواطنين، بدليل أن جناحنا ومنذ اليوم الأول للمعرض، توافد عليه عدد معتبر من الباحثين عن مختلف أنوع "التيزانات"، وتحديدا تلك الموجهة لعلاج الزكام ومشاكل القولون وداء السكري، مشيرة إلى أن من أكثر الأمور التي استحسنها المواطن؛ وجود الوصفة مدونة وبالتفصيل على العلبة، وهو ما يحدث الفرق بين المخبر الذي يعمل بطريقة علمية والعّشاب الذي يبيع بطريقة عشوائية وتعلق؛ "التوجه نحو العلاج بالأعشاب يفسر الانتشار الكبير لمحلات تخصصت في بيع الأعشاب على خلاف أنواعها وفوائدها".

المواطن يفضل اقتناء الأعشاب من العشّاب عوض الصيدلي

من جهته، حدثنا سليم أوشيش، ممثل شركة أدوية تابعة لمخبر أوروبي من إيطاليا، مختصة في الأعشاب تباع في الصيدليات فقط، قائلا: "نتعامل في مجال الأدوية المصنعة من الأعشاب مع نوعين من الأشخاص، بعضها موجه للبالغين والأطفال، يؤخذ على شكل قطرات وأخرى في شكل مشروب، حيث يجري الاعتماد في استخلاص الدواء على أعشاب ممثلة في الكمون والبابونج والبسباس ولعل  العنصر الإيجابي في هذا النوع من الأدوية أنها لا تسبب الإدمان، على خلاف الأدوية الكيماوية التي لا يمكن التخلص منها، لاسيما تلك المتعلقة بمواجهة الأرق والنوم والقلق والتوتر وغيرها من الأعراض الصعبة.

من بين الأدوية الأكثر طلبا من مستخلصات الأعشاب، حسب محدثنا، تلك الموجهة لفتح الشهية وإنقاص الوزن أو تلك التي تطلبها الأمهات لإدرار الحليب والموجهة لعلاج الرشح، مشيرا إلى أن الإقبال يبعث على الارتياح بدليل أن الأطباء والصيادلة يحبذون إدراجها بوصفاتهم كأولوية تسبق الأدوية الكيماوية، غير أن الإشكال الذي يطرح بشدة يتمثل في جهل المواطنين- إن صح التعبير- بأهمية اقتناء هذه الأدوية العشبية من الصيدليات، حيث يفضلون اقتناءها من العشابين الذين في كثير من الأحيان يفتقرون لشروط البيع، إذ تباع كل الأعشاب في أسواق شعبية معرضة لكل أنواع الميكروبات والغبار، ولا نستثني المحلات أيضا التي تبيع الأعشاب بدون أية حماية من العوامل الملوثة، وبالمناسبة وقعت حادثة جعلتني أتيقن أن العشابين يشكلون في بعض الأحيان خطورة على المواطنين، إذ حدث أن وصف عشّاب لسيدة عشبة غير تلك التي كان يفترض أن تشربها والنتيجة تعرضها لوعكة صحية حادة، من أجل هذا أنصح كل الراغبين في الاستشفاء بالأعشاب الطبية أن يطلبوا من طبيبهم تدوينها في الوصفة بحكم أنه أدرى بالأنسب له، خاصة أن الأطباء والصيادلة يتعاملون مع المخابر المختصة في الأعشاب الطبية، ويعلق "على المواطنين أن يحتاطوا أيضا من نوعية الأدوية المستخلصة من الأعشاب، بحكم أن بعض المخابر الأجنبية تروج لبعض المستحضرات التي تحوي على مكونات منعتها منظمة الصحة العالمية ومع هذا يجري إدراجها بالأدوية الطبيعية، الأمر الذي يطرح إشكالية غياب الرقابة على هذا النوع من الأدوية العشبية.

وفي رده عن سؤالنا حول التوجه إلى تصنيع الأدوية المستخلصة من الأعشاب في ،الجزائر عوض الاعتماد على ما تعده المخابر الأجنبية، أكد محدثنا "بأن الإرادة متوفرة عند المهتمين بهذا المجال، غير أن البيروقراطية تضع الكثير من العراقيل التي تحبط عزيمة الراغبين في الاستثمار بالأعشاب في المجليين الطبي والجمالي، يكفي فقط الحديث عن الشروط التعجيزية التي تجعل الأغلبية يعزفون عن هذا النشاط ويفضلون الاستثمار في الدول الأجنبية.

الاستثمار في الأعشاب بالجزائر سهل نظريا وصعب ميدانيا

برع أحمد عدلان، مدير عام لشركة "ناتا لوي"، طبيب وكيميائي مختص في الأعشاب الموجهة للجانب الجمالي، بالنظر إلى تزايد طلب السيدات على هذه المستحضرات، وقال؛ "يجري تصنيع منتجي من خلاصة نبات الصبار في إسبانيا، في حين يتم تعبئته وبيعه في الجزائر، والسبب الخوف من سرقة براءة الاختراع. ويعلق؛ "في الدول الأوروبية نشعر بالحماية لما ننتجه، لكن قوانين الحماية عندنا غائبة"، مشيرا إلى أن منتجهم طبيعي مائة بالمائة ويعتمد فقط على نبات الصبار الذي يعتبر المكون الأساسي ممزوجا طبعا ببروتين الحلزون لمعالجة مشاكل البشرة وأثار حب الشباب والندوب والتشوهات.

الاهتمام بالعلاجات الطبيعية في الجانب الصحي أو الجمالي تبنته كل شعوب العالم بعد أن تفطنت للمخاطر الجمة التي تتسبب فيها العلاجات الكيميائية، يقول محدثنا ويضيف؛ "غير أن الجزائر وعلى الرغم من أنها فضاء رحب لانتعاش مختلف الصناعات المستخلصة من الأعشاب، سواء في الجانب الصحي أو الجمالي، إلا أن نجاح المستثمر فيها صعب بسبب غياب التطبيق الفعلي للقوانين، فتسهيلات العمل موجودة نظريا، لكن ميدانيا التطبيق غائب، ولعل أبسط مثال يمكنني أن أستدل به أنني طلبت ابتكارا في فرنسا فحصلت عليه بعد 25 يوما، وفي الجزائر انتظرت أكثر من 5 سنوات ولم أحصل عليه إلا بعد إلحاح شديد، لذا لا أفكر مطلقا في الإنتاج هنا.