إقبال كبير على اقتنائه من طرف المستهلك البليدي

سمك التونة بين فوضى البيع وتحذيرات المختصين

سمك التونة بين فوضى البيع وتحذيرات المختصين
  • 163
 رشيدة بلال رشيدة بلال

 تعرف نقاط بيع سمك التونة على مستوى ولاية البليدة، إقبالاً واسعاً من طرف العائلات، رغبةً منها في الاستمتاع بالمذاق الطيب لهذا النوع من الحوت، والاستفادة من فوائده الكثيرة، فهو غني بالبروتينات و«الأوميغا 3" الدهنية. وعلى الرغم من ارتفاع أسعاره، حيث تتراوح بين 1300 و1500 دج، فإن ذلك لم يمنع البعض من اقتنائه حسب حاجتهم لتذوقه، غير أن طريقة بيعه الفوضوية في الأسواق وعلى الطرقات قد تُحوّل فرحة المستهلك بهذا المنتوج إلى نقمة، وهو ما حذرت منه منظمة حماية المستهلك، مطالبةً بضرورة تدخل مصالح التجارة لضبط النشاط.

المتجول في الأسواق الشعبية وحتى على مستوى بعض الطرقات المؤدية إلى مداخل البليدة أو مخارج ولاية تيبازة هذه الأيام، يلاحظ الوفرة الكبيرة في عرض سمك التونة، حيث يعرض الباعة غير النظاميين هذا النوع من الأسماك على طاولات تفتقر لأبسط شروط النظافة، ويقومون أحياناً بعرض جزء كبير من السمكة، أو أحياناً كاملة بحجمها الكبير مقسمة، وإلى جانبهم أدوات التقطيع وهم يهتفون لاستقطاب المستهلكين من أجل تذوق هذا النوع من الأسماك الذي يعرف إقبالاً كبيراً خلال هذا الموسم المعروف بانتشار بيع التونة.

وأكثر من ذلك، يتفنن بعض الباعة في تقديم وصفات للنساء الراغبات في الشراء، وهو ما وقفت عليه "المساء"، حيث أرادت سيدة اقتناء كمية من سمك التونة، فاقترح عليها الشاب البائع طريقة لطبخها، وقدم لها نصيحة بعدم إضافة الزيت لقليها نظراً لاحتوائها على كمية كافية من الزيت الطبيعي، داعياً إياها بالمناسبة إلى شويها بدلاً من قليها للحصول على طعم مميز.

وإذا كانت عملية بيع التونة ينبغي أن تتم وفق الشروط التي تحكم بيع هذا النوع من السلع الاستهلاكية سريعة التلف، إلا أن رغبة بعض التجار الموسميين في ممارسة هذا النشاط تدفعهم إلى ضرب شروط البيع عرض الحائط، حيث يتم بيعها في نقاط غير نظامية وبطرق تفتقر لأبسط شروط النظافة، وهو ما دفع وحيد بن راجة، ممثل منظمة حماية المستهلك لولاية البليدة، إلى المطالبة بضرورة تفعيل الرقابة من طرف مديرية التجارة على هذا النوع من التجاوزات، بالنظر إلى ما يمكن أن تسببه من أضرار على صحة المستهلك.

وقال محدث "المساء"، "إن بيع سمك التونة يعرف فعلاً إقبالاً كبيراً من طرف العائلات، غير أن طريقة نقله وبيعه لا تراعي مطلقاً الشروط القانونية، حيث يُنقل دون استخدام شاحنات مبرّدة، ويُعرض للبيع في الشوارع وعلى الطرقات ومداخل الأسواق الشعبية منذ الصباح وحتى المساء، وهو ما يعرضه لكل أنواع العوامل التي تؤثر سلباً على جودته وصحة المستهلك."

وأشار إلى أن المسؤولية في هذا الإطار تتحملها هياكل الرقابة المحلية بالبلدية، التي لا تقوم بدورها الرقابي على مستوى بلدياتها، كما تتحملها مديرية التجارة التي ينبغي أن تقوم بواجبها الرقابي لمحاربة نقاط البيع العشوائية، التي غالباً ما تفتقر لشروط الحفظ والنظافة.

ومن بين الظواهر السلبية المصاحبة لعملية بيع سمك التونة، حسب المتحدث، أنها لا تقتصر على تقطيع السمك وبيعه فقط، وإنما يقوم البعض بالتفنن في شويه مباشرة دون أي شروط وقائية تحمي صحة المواطنين. والمؤسف، يضيف المتحدث، أن هذا النوع من الأنشطة يستقطب المستهلكين، حيث تعرف نقاط الشواء إقبالاً خاصة في الفترة المسائية، إذ يُغريهم دخان الشواء المنبعث على الطرقات رغم ما يشكله ذلك من خطر على صحتهم.

واللافت، حسبه، أن حتى بعض الأماكن النظامية مثل المسامك باتت مهددة، حيث نجد مثلاً في بلدية أولاد يعيش مسمكة نظامية قريبة من نقاط بيع عشوائية، ورغم ذلك يُفضل المواطنون الشراء من الباعة غير النظاميين بحثاً عن فارق بسيط في السعر، ما ساهم في تفشي هذا النوع من الأنشطة الفوضوية.

وردّاً على سؤال "المساء" حول كيفية تمييز المستهلك ما إذا كانت لحوم سمك التونة صالحة للاستهلاك أم لا، أوضح بن راجة، أن الأمر يتضح من لونها؛ فإذا بدا باهتاً أو مائلاً إلى الرمادي أو الأخضر، فذلك دليل على أنها لم تعد صالحة. غير أن بعض الباعة يتحايلون بشويها في المساء، حيث يصعب على المستهلك تمييز اللون، ما يستدعي دق ناقوس الخطر.

وأكد بن راجة  أن انتشار هذه الظاهرة الموسمية يتطلب تدخل مصالح التجارة لضبط هذا النشاط، داعياً المواطنين أيضاً إلى التحلي بالوعي الاستهلاكي، خاصة وأن مصدر هذه الأسماك غير معروف، وفي حال حدوث تسمم غذائي، يصعب تحديد الجهة المسؤولة.

وختم ممثل حماية المستهلك حديثه بالتأكيد على أن نشاط بيع سمك التونة من الأنشطة التي تحتاج إلى ضبط، بالنظر إلى كثرة المخالفات المسجلة سنوياً، سواء في طريقة البيع أو الطهي. فبعدما كانت نقاط البيع تقتصر على مواقع قليلة، أصبحت اليوم منتشرة في كل الشوارع والأحياء، ما يفرض ضرورة تنظيم هذا النشاط، خاصة في الفترات المسائية التي تُعرض فيها الأسماك ظروف غير صحية. وبالمناسبة، رفعت المنظمة تقريرها الأسبوعي حول هذه التجاوزات، خاصة وأن ولاية البليدة قريبة من الولايات الساحلية، ما شجع على تفشي ظاهرة البيع العشوائي لسمك التونة.