عامل جذب سياحي بوادي الشفة
سلوكيات خاطئة تهدد قِردة "الماغو" والتوازن البيئي

- 157

يشد منبع القِردة، الواقع على بعد 50 كيلومترا جنوب غرب الجزائر العاصمة، وبالتحديد على الطريق الوطني رقم "1"، الرابط بين ولايتي الجزائر والمدية، أعدادا كبيرة من الزوار، خلال موسم الصيف. وعلى طول هذا المسار، يستوقفك مشهد قردة "الماغو"، وهي تقفز وتتنقل على حافة الطريق بحثاً عن الطعام، في توقف الكثير من الزوار لإطعام هذه الحيوانات الرشيقة والتقاط الصور معها، رغم علمهم بخطورة هذا السلوك على صحتها. وبالنسبة لهم، يظل إطعام القِردة الطريقة الأسرع لكسب ودها واقترابها.
تُعد منطقة وادي الشفة، إحدى أبرز مناطق الجذب السياحي في ولاية البليدة، بفضل تواجد قردة "الماغو" أو القرد "المغاربي" فيها، ورغم غياب التهيئة السياحية اللازمة بالمنطقة، يكتفي الزوار بركن سياراتهم على جانبي الطريق، وانتظار خروج القردة للفرجة والتصوير. في المقابل، يحاول بعض الباعة الموسميين في كل موسم، إضافة لمسة سياحية، من خلال بيع مستلزمات تقليدية وحرفية أو عرض فواكه جبلية موسمية، خاصة التين الشوكي والتين والذرى، إلى جانب ألعاب الأطفال والحلويات المخصصة لإطعام القردة.
غير أن جمال المشهد الطبيعي، سرعان ما تصاحبه نقطة سوداء، تتمثل في سلوكيات غير مسؤولة للزوار، وهو ما وقفت عليه "المساء"، حيث يتنافس كل الزوار رفقة أطفالهم، على إطعام القردة بالبسكويت وغيرها من الحلويات، وفي المقابل، شدد محمد زيار، مدير الحظيرة الوطنية للشريعة، على أن "الحيوانات والنباتات جزء لا يتجزأ من المنظومة البيئية، ولها دور مهم في تنشيط السياحة، خاصة الأنواع الفريدة، مثل القردة "المغاربية" التي تشكل وحدها عامل جذب سياحي، لكنه يتأسف، من أن بعض الزوار يتجاوزون الحدود في تعاملهم مع هذه الحيوانات، والمشكلة لا تكمن في الإطعام فقط، بل في طبيعة ما يُقدَّم لها؛ إذ يستعيض البعض عن الفواكه أو الأطعمة الطبيعية بتقديم الحلويات، البسكويت، ورقائق الشيبس، ما يضر بصحتها ويغير سلوكها، فتصبح كسولة ومعتادة على الاعتماد على الإنسان، بدلاً من البحث عن غذائها الطبيعي بنفسها، وهو ما يخل بالتوازن البيئي.
وأشار زيار، إلى أن القردة ما زالت تتكاثر وتشكل عنصر جذب للزوار، لكن ذلك يتطلب من السياح التحلي بالسلوك الحضاري والاكتفاء بإطعامها بمنتجات طبيعية فقط. أو الامتناع نهائيا على إطعامها، لتحفيزها على البحث عن طعامها بنفسها. كما تطرق المتحدث، إلى سلوكيات سلبية أخرى كانت شائعة، مثل غسل السيارات بالمياه المتدفقة من أعالي الجبال في وادي الشفة، وهي ظاهرة، حسبه، تراجعت بفضل جهود الحظيرة الوطنية للشريعة، في انتظار رفع الوعي حول الامتناع عن إطعام القردة بالأطعمة الصناعية، والحد من الرمي العشوائي للمخلفات غير القابلة للتحلل، التي تظل تحدياً كبيراً لحماية الوسط الغابي. وختم زيار بالقول، إن مصالح الحظيرة تكثف دورياتها لحماية البيئة من كل التصرفات السلبية، خاصة ما يتعلق بإشعال النار أثناء التخييم أو الصيد العشوائي للحيوانات، من خلال الاعتماد على رفع الوعي والحس البيئي.