في إطار تعزيز المنظومة التشريعية

سد الثغرات القانونية يؤمّن حماية قصوى للطفل

سد الثغرات القانونية يؤمّن حماية قصوى للطفل
  • القراءات: 607
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة
تسعى الجهات القانونية جاهدة لتعزيز القانون الخاص بحماية الطفولة، بتأمين بيئة خالية من خطر الجريمة، هذا ما أشار إليه عبد الحفيظ جرير قاض وباحث بمركز البحوث القانونية والقضائية خلال مداخلته مؤخرا بندوة الحماية الجزائية للطفل، التي نظمها مركز البحوث القانونية والقضائية مؤخرا.
ظهرت فكرة الحماية الجزائية للطفل مع نهاية القرن 19 بعدما كان الطفل يُعتبر بالغا، وتصرفاته هي نتيجة قرارات إرادية وعقلانية، وبالتالي كان يمكن تقديمه أمام الجهات القضائية الجزائية الخاصة بالبالغين، وتتم إدانته وحبسه في ظروف قاسية جدا.
وأوضح القاضي جرير من مركز البحوث القانونية، أن هذه النظرة التقليدية التي تجاوزها الزمن سمحت ببروز اتجاهات فكرية إيجابية، تدافع عن انتماء الطفل إلى الفئات الضعيفة، وأن أفعاله ما هي إلا انعكاس لكونه ضحية محيطه الاجتماعي. وأردف قائلا: "شهد القرن الـ 20 تطور المركز القانوني للطفل، وهو ما سمح بظهور أول محكمة خاصة بالأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية كنموذج ومصدر استلهام لكثير من الدول. كما شهدت نفس الفترة ظهور قاض متخصص في النظر في قضايا الأطفال، تتمثل مهامه الأساسية في التربية وإعادة إدماج الطفل. كما ظهر المندوب المكلف بمراقبة حرية الطفل وإنشاء المصالح والمراكز التربوية التي تهدف إلى متابعة سلوك الطفل بعد التجريم. وتحدّث جرير عن القوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية التي ساهمت بشكل كبير في بناء وبلورة فكرة حماية الطفل في الجزائر، لاسيما الإعلان العالمي عن حقوق الطفل الذي تبنته منظمة الأمم المتحدة والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لسنة 1989، هذه النصوص جاءت لتعزيز وتطوير المنظومة القانونية لكثير من الدول بما فيها الجزائر، هذا التطور الذي سيؤدي حتما إلى تكريس تقنين جزائي خاص بحماية الأطفال.
ورغم وجود العديد من القوانين التي من شأنها حماية الطفل في ظل التجريم، إلا أن بعض المواد لاتزال تحوي ثغرات لا يمكن وصفها بالهفوات، وإنما هي بعض النصوص التي لا تغطي كافة احتمالات بعض الجرائم؛ لذا من الضروري إعادة النظر فيها، وهذا هو مشروع قانون حماية الطفل، يقول المتحدث. ويضيف: "وفي هذا الخصوص، طوّر القضاء الجزائري منظومته التشريعية، مدرجا في قانون العقوبات تجريم كل التصرفات والأفعال التي تهدد صحة وسلامة الطفل في وسطه الأسري ومحيطه الاجتماعي. كما شدّد العقوبات في بعض الجرائم الخطيرة الواقعة على الطفل، مسايرا بذلك بروز الأشكال الجديدة للإجرام، مثل الخطف والعنف الجنسي".
وعلى صعيد آخر، قال القاضي جرير: "إذا كان المشرّع الجزائري قد اهتم بمركز الطفل باعتباره ينتمي إلى الفئات الضعيفة في المجتمع والتي يجب حمايتها، وذلك من خلال تجريم العديد من التصرفات التي تُرتكب على الحدث؛ سواء من فئة الأحداث نفسهم أو من البالغين، فإنه من حيث الإجراءات والتكفل به على مستوى جميع مراحل الدعوى العمومية؛ أي النيابة، التحقيق، ثم المحاكمة، لم يرق إلى مستوى المركز القانوني للحدث الجانح الذي خصص له الكتاب الثالث من قانون الإجراءات الجزائية، مجموعة من القواعد الإجرائية، والمتمثلة أساسا في تدابير الحماية والتهذيب وحتى في حالة إدانته وحبسه بمؤسسة خاصة بالأحداث، فإنه يخضع لإجراءات وأنظمة تهدف إلى حمايته في الوسط العقابي وإعادة إدماجه اجتماعيا".
للإشارة، يأتي تنظيم هذه الندوة للإجابة على الأسئلة التي يطرحها القضاة وكل الفاعلين والمهنيين الذين ينشطون في الميدان من أجل حماية الطفل، ومناقشة محتوى المواضيع؛ نظرا لكون الطفل لايزال في قلب اهتمامات السلطات العمومية، ومحط ملاحظة ودراسة مختلف التخصصات العلمية، وذلك من خلال عرض التجربة الميدانية والصعوبات التي تواجههم في الميدان، فضلا عن تسليط الضوء على النصوص الجديدة المتعلقة بحقوق الطفل المبرمجة أمام الهيئة التشريعية.