فيما تبقى شهادة الجودة المعيار الوحيد

زيوت "غير طبيعية" تعرّض صحة مستعمليها للخطر

زيوت "غير طبيعية" تعرّض صحة مستعمليها للخطر
  • 166
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

يلجأ كثيرون خلال فصل الشتاء الى اقتناء الزيوت الطبيعية والعطرية للتداوي والعلاج، وحتى لأغراض تجميلية. فمع ازدياد مشاكل الجفاف وتشقق البشرة والشعر خلال هذا الموسم من السنة، تبقى الزيوت الطبيعية من أكثر المنتجات التي يعتقد المستهلك أنها آمنة وفعالة نظرا لارتباطها بالطب الشعبي التقليدي، ومن أكثر وصفات الجدات أمانا. إلا أن المشكل الحقيقي مرتبط بمدى سلامة تلك الزيوت وخلوّها من منتجات كيماوية، وإلى أي مدى هي طبيعية، ومستخلَصة من نباتات وأعشاب وفواكه وبذور، وحتى أزهار.

شدَّة الإقبال عليها فتحت الباب لانتشار أنواع عديدة مغشوشة، وبعضها مجهول التركيب. وأدهى ما في الأمر أن بعضها يباع بأسعار خيالية لا يدرك المستهلك ذلك؛ إذ عادة ما تباع بكميات قليلة جدا، لتبدو للمستهلك أن سعر 10 ملغ ليس باهظا، لكن عملية حسابية بسيطة لمعرفة كم يساوي اللتر، تجعلنا ندرك أننا أمام أسعار أغلى حتى من العسل الطبيعي، الأمر الذي يستدعي الحيطة والحذر عند شرائها، وخاصة عند استعمالها.

ورغم أن الزيوت الطبيعية يمكن أن تكون علاجا فعليا وفعالا للعديد من المشاكل مثل جفاف الجلد، وتشقق الشفاه، وخشونة اليدين، وتساقط الشعر، وغيرها من العلل والمشاكل، إلا أن المختصين ومنهم مختص في التغذية إسلام عالجي صاحب إحدى الصفحات الفايسبوكية المختصة في تنوير عقول المستهلكين وتحسيسهم بمخاطر بعض ما يستهلكونه وما يستعملونه من مواد، يشير الى ضرورة التأكد من جودة هذه الزيوت قبل استخدامها؛ قال المتحدث: “مشكلة الغش أصبحت واسعة الانتشار، خاصة في الأسواق الفوضوية، وعند بعض العشابين” . وأكد أنها لا تعني بالضرورة أن بائعا ينصّب طاولة في الهواء الطلق يسمى تاجرا فوضويا، بل يمكن أن تنتشر تلك الفوضى داخل المحلات في ظل غياب الرقابة الصارمة يشدد. ويمكن أن تنتشر داخلها منتجات مغشوشة مجهولة المصدر.

وأوضح عالجي أن نسبة كبيرة من هذه المنتجات لا تخضع لأي رقابة. وقد تصل إلى ما نسبته 90 بالمائة من تلك الزيوت مغشوشة. وتحتوي على تركيبات غير طبيعية، أو من نوعيات أعشاب وبذور رديئة، وغير فعالة للعلاج؛ الأمر الذي يجعل استخدامها خطيرا بدل أن يكون مفيدا. وتكمن خطورة الزيوت المغشوشة، يقول محدث “المساء”، في أنها قد تكون مخلوطة بزيوت صناعية بخسة، أو مواد كيميائية تغير لونها ورائحتها؛ لجعلها تبدو طبيعية، وحتى مزجها بمثبتات وملونات وحافظات تحول مفعولها الإيجابي الى سلبي. وقد يسبب ذلك التهابات جلدية، وحساسية شديدة، أو تفاقم مشاكل البشرة بدل علاجها، زيادة على تأثيراتها السلبية عند الاستعمال الداخلي لبعض الزيوت؛ مثل زيت الحبة السوداء، أو زيت الزيتون غير الأصلي.

ولتفادي هذه المخاطر ينصح عالجي باقتناء الزيوت التي تحوز على شهادات جودة من مخابر معتمدة؛ لأنها دليل على مرور المنتج بتحاليل مخبرية دقيقة، تثبت نقاوتها، وخلوها من أي إضافات ضارة. كما يشجع على شراء الزيوت من محلات موثوقة، أو من أصحاب المشاريع المصغرة، الذين غالبا ما يلتزمون بالمعايير الصحية، ويثبتون جودة منتجاتهم بشهادات الجودة التي يضعونها أمام المستهلك، خصوصا أنه اليوم، يشهد سوق الزيوت منافسة كبيرة بعد أن راجت فعالية تلك المنتجات في العلاجات لكثير من المشاكل. وشدد المتحدث على أن الاعتماد على منتجات أجنبية ليس دائما معيار جودة، ولا يجب أن تغر المستهلك الأسعار الرخيصة، خصوصا إذا لم تحمل أي دليل مخبري على جودتها، وتركيبتها الحقيقية، فليس كل ما هو مستورَد ذا جودة، لا سيما إذا كانت المعلومات المتعلقة بالتركيب أو المنشأ، غير واضحة، أو غائبة تماما.

ومن الخيارات الآمنة التي يوصي بها المختص أيضا، شراء الزيت مباشرة من عند العشاب، الذي يوفر خدمة العصر أمام الزبون، والتي هي من الخدمات الحديثة في السوق الجزائرية، بات يوفرها كثير من العشابين خلال السنوات القليلة الأخيرة. هذا الأخير الذي يسمح بعصر أي نوع من البذور أمام أعين الزبائن. فهذه الطريقة تتيح رؤية عملية الاستخراج كاملة؛ ما يضمن الحصول على زيت طبيعي 100 بالمائة، ودون أي إضافات. وهذا الخيار مثالي، خاصة لبعض الزيوت كثيرة الاستعمال؛ كزيت السمسم، وحبة البركة، وبذور الكتان، واللوز، والأرغان، والذرة وغيرها.

وفي النهاية، يبقى الوعي هو خط الدفاع الأول للمستهلك، يشدد المختص؛ فالزيوت الطبيعية مفيدة بالفعل، لكن فائدتها مشروطة بنقائها، وجودتها؛ لذلك يجب تجنب المنتجات الرخيصة، والمجهولة، والتحقق من مصدر الزيت، ووجود شهادة الجودة. فالزيت المناسب لا يعتمد على السعر أو رواج علامة تجارية معيّنة، بل على مصدر موثوق، يضمن جودة المنتج، وصفاءه من كل منتجات كيماوية مضرة بالصحة؛ فبدل العلاج قد تزيد المشكل تعقيدا.