«السخاب» حلي الأناقة والهوية

زينة المرأة بمنطقة الحضنة وبوسعادة

زينة المرأة بمنطقة الحضنة وبوسعادة
  • القراءات: 3914

يمثل «السخاب» لدى المرأة بمنطقة الحضنة، بما فيها المسيلة، بوسعادة ومناطق أخرى، حلي الأناقة والجمال، والهوية الذي لا غنى عنه مهما كانت الإغراءات الأخرى من مجوهرات الذهب والفضة، و»السخاب» هو ذلك العقد الطويل الذي كان ولا يزال يزين صدر النساء عبر هذه المناطق من الجزائر في كل مناسبات الفرح. وقد اقترن بالمرأة الجزائرية، خاصة بالمناطق الداخلية، ورافقها منذ القدم إلى أن أصبح اليوم جزءا من هويتها.

يصنع عقد «السخاب» من مجموعة المواد الطبيعية التي يضاف إليها المسك، القرنفل وغيرها من المكونات، منها حبة «القمحة»، وهي نبتة توجد بجنوب البلاد، تعجن هذه المكونات وتقطع إلى حبيبات، ثم تجفف في الهواء الطلق،  و»تركب» على شكل عقد يطلق عليه اسم «السخاب» الجميل وطيب الرائحة. يعيش هذا النوع من العقد عمرا مديدا، قد يتوارث من الجدات إلى الحفيدات.

وفي منطقة الحضنة، ترتديه العروس «ليلة الحناء»، حيث يظهر جميلا بلونه البني القاتم وتنبعث منه رائحة العنبر التي تعطر أجواء العرس. كما تتزين العديد من النساء به حتى ولو كان لديهن ما يضعنه حول أعناقهن من مجوهرات أخرى تكون في الغالب أغلى من عقد «السخاب».

 ويحدث أن تضيف السيدات بعض حبات «الجوهر» بين حبات «السخاب»، ويوضع العقد لسنوات في الخزانة أو في علبة صياغة المرأة، بل حتى داخل صندوق المال في البيوت، لذا فإننا كثيرا ما نشم رائحة مسك السخاب في بعض الأوراق النقدية المتداولة في الأسواق والمحلات.

يتكون «السخاب» حسب أهل الاختصاص ببوسعادة من عجينة تصنع من حبات «القمحة» التي تشبه حبات الأرز، لكنها غير صالحة للاستهلاك، حيث تقوم النساء برحي «القمحة» وتحويلها إلى عجينة، يضاف إليها المسك والقرنفل، ويتم تشكيلها كحبيبات في شكل أهرامات صغيرة، يتم وضع ثقوب في الحبيبات باستعمال الإبرة أو خيط الحلفاء الذي يعتبر الأحسن، كون حبات «السخاب» تبقى عالقة به إلى غاية جفافه، ليتم سحب خيط الحلفاء وتعويضه بالخيط العادي. وهكذا يصبح «السخاب» جاهزا لوضعه بكل كبرياء حول الطوق.

ورغم وجود منافسة شديدة بين الحلي المزيفة أو الفضية أو الذهبية، إلا أن «السخاب» يبقى يحتل مكانة خاصة لدى نساء الحضنة عموما، وبوسعادة خصوصا، حيث يقصد العديد من الناس هذه المدينة لشرائه، و قفزت أسعاره من 1000 دج خلال السنوات الماضية إلى ما لا يقل عن 4000 دج حاليا بالنسبة لـ»السخاب» العادي الذي يكثر عليه الطلب من قبل النساء، من شرق، غرب ووسط بل حتى جنوب البلاد.

لـ«السخاب» مكانته الخاصة لدى المرأة، فهو كعقد جلاب مثير للانتباه من خلال رائحته الزكية التي تحتم على الناس البحث عن صاحبته، كان ولا يزال موضوع قصائد شعبية، حيث تغنى الشعراء به ذاكرين أسماء السيدات اللواتي يرتدين هذا الحلي الجميل، مثل حدة، العارم، الخضراء وغيرهن من أسماء النساء الجميلات ذوات «السخاب».

وكثيرا ما كان هذا الحلي بحكم استعماله الكبير، مصدرا لزيادة الميزانيات العائلية لقاطنات منطقة بوسعادة اللواتي يقمن بصناعته وبيعه، حيث يستقبلن خصوصا أثناء فصلي الربيع والصيف بل وحتى الخريف، طلبات النساء ليتم تلبيتها في آجال لا تتعدى اليومين أو الأسبوع على أكثر تقدير.

 ومن بين نساء بوسعادة من تملك «سخابا» يتعدى عمره نصف القرن ولا يزال إلى حد الآن جديدا، كما لو أنه أنتج منذ مدة قصيرة، كونه مصنوع من مواد طبيعية قليلة التلف.

وتتخوف نساء بوسعادة الماهرات في صناعة «السخاب» «من أن يتفطن بعض الصينيين لهذا النوع من الحلي ليضحى مصنوعا من مواد مصنعة وكيميائية، وكميات كبيرة تفتقر إلى الناحية الجمالية، القيمة التقليدية وميزته الطبيعية غير المضرة بالصحة».