رمضان في الولايات

رمضان يغير عادات الأفراد لدى الأسرة العاصمية

رمضان يغير عادات الأفراد لدى الأسرة العاصمية
  • القراءات: 1114
حنان س حنان س
كان رمضان في العاصمة في الماضي يكتسي أهمية قصوى تظهر أسابيع قبل دخول الشهر الكريم، ومن أبرز المظاهر التي تبين قرب استقباله، تسابق سكان الحي الواحد إلى تبييض الحي بطلاء جدرانه باللون الأبيض كدليل معزة لهذا الشهر وعلامة عن اكتمال النظافة لتليق بمقام هذه الشعيرة العظيمة. فيما تتسابق النسوة من جهتهن في تنظيف المنازل وتحضير ”عولة” الشهر. هكذا استذكرت السيدة فريدة صاولي، صاحبة أشهر سلسلة للخياطة الرفيعة بالوطن، ذكرياتها مع رمضان وهي تحدثنا على هامش زيارتها لمهرجان إبداعات المرأة مؤخرا.
إذا كان الرجال في حي ”لابوانت” (بولوغين حاليا) بقلب العاصمة في الزمن البعيد يهتمون بتنظيف الحي، حيث يحرصون على استقبال رمضان في نظافة تامة تظهر في الطلاء الأبيض باستعمال مادة الجير أياما قليلة قبيل قدوم الشهر الكريم، فإن النسوة يهتممن باستقبال رمضان أسابيع طويلة قبل موعده، يتجلى ذلك، حسب السيدة صاولي، في إفراغ البيت من محتوياته وطلاء الجدران أو غسلها جيدا، وعادة ما يكون ذلك في أوائل شهر شعبان حتى يتسنى لهن الاهتمام بما تبقى من تحضيرات، ومن ذلك تنظيف الأواني النحاسية، هذه الأخيرة التي تقول عنها المتحدثة أنها مهمة للغاية، حيث كانت الأسرة الواحدة تجتمع وسط الدار على صينية مستديرة كبيرة من النحاس معروفة لدى العامة باسم ”السْني”، مشيرة إلى فضل هذا الشهر العظيم الذي يغير عادات الأفراد نحو الأحسن بفضل لمّته.
وتتحدث السيدة صاولي عن أهمية ”العولة” التي تبدأ ربة البيت في تحضيرها قبيل الشهر الكريم، وتأتي التوابل على رأس قائمة الاهتمام، إذ تهتم ربات الأسر في شراء البهارات على شكلها الطبيعي وغسلها وتجفيفها ثم طحنها يدويا حتى تحافظ على نكهتها الطبيعية، فأساس نجاح كل طبخة يعتمد على بهارات جيدة. حسب المتحدثة.
وإلى جانب التوابل فإن سيدة البيت تحضر ”الدويدة” أو ”الفرميسال” لدى العامة. حيث تجتمع النسوة عادة لفتل كميات كبيرة منها، وتعلق المتحدثة بالقول أن تحضير مكونات الطبخات في المنزل يعطي الأطباق نكهات مختلفة.
وإلى جانب ذلك فإنه قد لا يخلو بيت من الفواكه المجففة على غرار الخوخ والمشمش والزبيب وهذا طبعا لتحضير الطبق الحلو، الذي تقول بشأنه السيدة صاولي أنه من أهم الأطباق التي لا بد من وجودها على مائدة الإفطار، تماما مثل طبق الشوربة الذي لا بد أن يحضر في قدر من الفخار تؤكد -المتحدثة مضيفة- أن باقي الأطباق الرئيسية تحضر هي الأخرى، فيما مضى، في ”التحميرة” وهو طبق مصنوع من النحاس يضفي على الأطباق مزيدا من النكهة.
ومن الأطباق الرئيسية التي تحرص النسوة على تحضيرها خلال رمضان، هناك طبق ”السْفيرية” المحضر أساسا من الخبز اليابس واللحم وهو معروف في منطقة الوسط. هناك أيضا طبق ”تزدام العازب” المحضر من لحم الدجاج المفتت والمخلوط بالبيض والمعدنوس ثم يرمد في الخبز اليابس ويشكل مربعات ويقلى ثم يوضع في مرق أبيض ويُحمر بالفرن. هناك أيضا طبق ”البْنين” وتحضر بمقدار من اللوز مرحي ومثلها من البيض والخبز اليابس والجبن وبعض قطرات من الليمون ثم تشكل كويرات وتوضع أخيرا في مرق أبيض أساسه لحم أحمر أو أبيض، وهو الطبق الذي تقول عنه المتحدثة أنه محبوب جدا كونه يمزج بين نكهتين الحلو والمالح. وهناك كذلك طبق ”مْختن في حجر مّو” يحضر بكمية من اللحم المفروم الذي يُتبل ويشكل على شكل أصابع ثم يوضع في مرق لحم أحمر وحمص. إلى جانب تشكيلة واسعة من الأطباق التي ما تزال لليوم تحضر في رمضان تحديدا وما تزال معروفة إلى اليوم، على غرار ”الكباب” و«المتوّم” و«الدولمة” وغيرها.
أما السهرة العاصمية فلا تختلف عن سهرات مناطق الوسط تحديدا، فالمائدة خلالها تثقل بأنواع الحلويات الرمضانية وعلى رأسها الزلابية وقلب اللوز بالشاربات وماء الورد المحضر في المنزل، وإلى جانبه أيضا مقروط العسل والصامصة، وطبعا الشاي الأخضر والقهوة العربية، وتمتد السهرة أحيانا للسحور الذي يكون فيه طبق ”الطعام بالزبيب” رئيسيا، وإلى جانبه القهوة بالحليب لمن يهواها..وهي العادات التي لم تتغير في المجمل، لأن مقام رمضان عزيز وبالتالي فإن الاهتمام به يكون ذا خصوصية تمتد لـ30 يوما دون أن تسجل تراجعا..