عادات وتقاليد الأوراس

رمضان بنكهة الحنين إلى التقاليد والطقوس

رمضان بنكهة الحنين إلى التقاليد والطقوس
  • القراءات: 646
ع بزاعي ع بزاعي

تجتمع  العائلات الأوراسية على دعوة الأهل والأقارب لتقاسم مائدة الإفطار مع صغيرها الصائم لأول مرة، وتحافظ هذه العائلات على تقاليد قديمة، تحرص على توريثها للأجيال، ومنها تحضير ‘’الرفيس التونسي’’ أساس إفطار الطفل الصغير الذي يصوم لأول مرة، والزيراوي وخبز الدار الذي يلازم صحن فريك الشوربة، إلى جانب كأس اللبن الأصيل الذي يحضر «الشكوة» والذي تنبعث منه رائحة العرعار، كل ذلك يتصّدر موائد الإفطار تاني التي تضاف إليها القطع من الحلوى على عجين التمر. 

تحتفي كل سنة العائلات الأوراسية، حسبما ترويه الحاجة اليامنة 76 من منطقة رأس العيون التي تستحضر ذكرياتها بصيام رمضان في البادية بصيام أحد أبنائها لأول مرة. وإن كانت هذه ميزة تحسب هذه العائلات، فإن الحداثة بالمدن الكبرى أتت على القسط الكبير من الطقوس وتتأسف لبعض المظاهر التي تلاشت بالمدن والتجمعات السسكانية الكبرى، ولم يعد يمكن قراءتها سوى في عيون الشيوخ والعجائز الذين رغم التطور الذي عرفته المدينة والتجمعات السكانية الكبرى لا يزالون متمسكين ببعض العادات والتقاليد بتبادل الزيارات في السهرات الرمضانية بعد أداء التراويح والاجتماع على المأكولات التقليدية.

وسائل التواصل الاجتماعي قلّصت من الزيارات العائلية بعد التروايح..

تعتبر الزيارات في السهرات الرمضانية بعد أداء صلاة التراويح والاجتماع حول الزلابية والمقروط من التقاليد المتوارثة الراسخة، إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي قلصت من أهمية هذه الزيارات، إذ وجدت العائلات في وسائل التواصل  متنفسا آخر غير مكلف للاتصال بالأهل والأقارب، كما توظف هذه الوسائل في تقديم التهاني الخاصة بالناجحين والناجحات في شهادتي التعليم الابتدائي والمتوسط. 

والأكيد أن ما ظل راسخاً ولم تنل منه تغييرات العصرنة بيوت الله التي لا تزال تعج بالمصلين الذين يؤدون صلاة التراويح عبر كل البلديات والدوائر، ويعد مسجد أول نوفمبر بباتنة قبلة المصلين لأنه يتسع لـ 10000 مصل، هذا الصرح الإسلامي الذي أسهم في إنجازه المرحوم المجاهد العقيد الحاج لخضر الذي حول المكان الذي أنجز به بحي النصر من مطار عسكري استعمله الاستعمار لقنبلة الشعب الجزائري من خلال ما يعرف «بالطائرة الصفراء» التي كانت وقتها تقنبل المدنيين العزل، حيث حوّله إلى قبلة للإسلام والمسلمين ويعرف كثافة منقطعة النظير للمصلين الذين دأبوا على أداء التراويح به.

عادات لا تزال قائمة لتحضير الأطفال للصيام 

ومن الطقوس الراسخة أيضا بالمنطقة، تهيئة الأطفال لصوم رمضان حتى يعتادوا على هذه العبادة منذ الصغر، إذ يتم خلال أول يوم من صيام الأطفال، والذي يكون ليلة النصف من رمضان أو ليلة السابع والعشرين منه، إعداد مشروب خاص يتم تحضيره في المنزل، وهناك من العائلات من تحرص على تصويم صغيرها يوماً واحداً ثم تفطره اليوم الثاني، ليتمكّن من صيام اليوم الموالي، وهكذا يتعوّد الطفل من تلقاء نفسه على تحمّل الإمساك عن الطعام والشراب تدريجيا. 

سوق الرحبة.. توابل شاهدة على نكهة رمضان  

وبعيداً عن هذه الأجواء، بدت "الرحبة" بالسوق المركزية التي تتوسط المدينة محطة لربات البيوت لاقتناء الفريك الذي لا يبارح المنازل إلا مع قدوم عيد الفطر المبارك، أضحت هذه الرحبة فضاء مؤنثا تقصده النسوة لاقتناء أنواع التوابل لتحضير شوربة الفريك المميزة ولا تزال هذه السوق محافظة على تقاليدها  إذ ينتشر على طول امتدادها باعة «النوقة» وباعة « البيتزة» التي تعرف رواجاً كبيراً ساعات قليلة قبل الإفطار، حيث استعادت نشاطها بعدما عرفت أشغال ترميمات بادرت بها بلدية باتنة لتعود للواجهة  وترسم طقوس سنوات خلت ببهوها الذي يعرفا إقبالا منقطع النظير لربات البيوت".

ولم تشذ عن القاعدة العديد من المنتزهات والحدائق العمومية التي تشكل وجهة العائلات للسهر، فمنهم من يقصدون حديقة قادري بفسديس وحديقة جرمة ومنتزه «حملة القديمة» ومنتزه تازولت "لامبيز"، وعلى غير العادة، لم تسجل العائلات البسكرية حضورها القوي كما هو الشأن في السنوات القليلة الماضية، إلا أن ديكور الساحات العمومية هذه السنة التي تزامن مع لطافة الأجواء واستقطبت الشباب الذي يفضل السهر، كما برز في هذا الشهر القطب العمراني حملة 3 إذ يعرف حركة ليلية غير مسبوقة بعيدا عن ضوضاء مدينة باتنة، حيث تخرج العائلات لتحتل مساحات كبيرة بالممرات الرئيسية لتناول المشروبات  والحلويات التقليدية. وبحكم موقع المدينة الجديدة بحملة بالقرب من الجبال، فإنه أصبح ملاذ العائلات بعد صلاة التراويح لاستنشاق الهواء النقي.  

نشاط تضامني 

كما امتد النشاط التضامني التلقائي للمواطنين للتكفل بالأفارقة المهاجرين ولو على قلتهم هذه السنة بعد  عمليات الترحيل التي شملتهم قبل أشهر قليلة، وذلك بالجود عليهم في حدود المستطاع، فضلا عما توفره لهم المصالح المختصة من عناية ورعاية في هذا الشهر الفضيل. وحتى الأمن الولائي بباتنة خصص بدوره عملية إفطار جماعي لمستعملي الطريق بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم، تحت خيمة لفائدة مستعملي الطريق نهاية كل أسبوع من هذا الشهر ( يوم الجمعة ) بالقرب من الحاجز الأمني بمدينة باتنة نحو عين التوتة تحت شعار "شهر رمضان بدون حوادث مرور"، حيث يتم توفير وجبات إفطار لمستعملي الطريق.