أطباء مختصون يصرحون لـ ‘’المساء’’:

رغم تطورها، المنظومة الصحية تعاني نقائص

رغم تطورها، المنظومة الصحية تعاني نقائص
  • القراءات: 794
 بوجمعة ذيب بوجمعة ذيب

تعد نجاعة الخدمات الصحية المقدمة للمواطن ومدى تكيّفها مع التطورات الراهنة، إحدى التحديات التي تبقى تواجه هذه الأخيرة في ظل الحديث عن  ضرورة أنسنة الطب من خلال التقيد بأخلاقيات المهنة، وذلك بتقديم خدمات صحية في المستوى تتكفل تكفلا جيدا بالمريض. عن هذه التحديات، تحدثت «المساء» إلى عدد من الأطباء المختصين، التقت بهم على هامش اليوم الدولي 14 لأخلاقيات مهنة الطب الذي احتضنه قصر الثقافة لسكيكدة مؤخرا، كما دار النقاش حول المنظومة الصحية في الجزائر وعن الأخطاء الطبية والسر المهني وعلاقة الطب بالمجتمع والضوابط الأخلاقية للمهنة ومسؤولية الطبيب أمام المواطن.

د.محمد بقاط بركاني رئيس عمادة الأطباء الجزائريين:
 المنظومة الصحية في تطور كبير

اعتبر الدكتور محمد بقاط بركاني، رئيس عمادة الأطباء الجزائريين خلال تشريحه لواقع المنظومة الصحية ببلادنا، بأن ممارسة الطب حرفة غير عادية وصعبة، وهي في الأساس وجدت لخدمة المريض. وحتى تكون الخدمات في المستوى، يجب أن يكون الواقع المعيشي للطبيب في المستوى المطلوب والمرجو. كما يجب توفير الظروف التقنية لتمكين الطبيب من آداء رسالته الإنسانية. وعن الأخطاء الطبية  قال المتحدث إنها مرهونة بمدى توفر الإمكانيات.
وعن واقع المنظومة الصحية في الجزائر، قال الدكتور بركاني إنها في تطور كبير بالخصوص خلال السنتين الأخيرتين، وذلك من خلال الجهود التي تبذل. وما يهم اليوم هو التكفل بالأمراض المزمنة وفي مقدمتها السرطان الذي توليه الدولة عناية كبيرة، والدليل تكليف رئيس الجمهورية البروفيسور زيتوني بالملف، مع العلم أن الجزائر ـ حسب ذات المتحدث ـ تسجل سنويا أكثر من 50 ألف إصابة بمختلف أنواع السرطانات في مقدمتها سرطان الثدي عند المرأة والمثانة عند الرجل والرئة والقولون وغيرها. زيادة على ذلك فالجزائر هي الدولة الأولى التي تقوم بإصدار بطاقة الشفاء خاصة بالمصابين بالأمراض المزمنة، زيادة على  البرنامج الوطني الدائم الذي أعدّ للوقاية من كل الأمراض المزمنة، مؤكدا أن الاهتمام بأمراض السرطان سيكون من أولويات قطاع الصحة خلال الـ20 سنة القادمة.
وفيما يخص غياب الثقة لدى المواطن في المستشفيات الجزائرية، فقد أرجعها ذات المصدر للمشاكل التي كان يعاني منها القطاع، بالخصوص الجانب المتعلق بنقص الإمكانات الطبية، وهذا ما تم تداركه، حيث استثمرت الدولة اليوم أموالا طائلة خصصت لتجهيز المستشفيات بمختلف الإمكانيات، ليبقى التنظيم هو العائق الأكبر في وجه تحسين الخدمات المقدمة، مؤكدا على أن القطاع العمومي في كل هذا يجب أن يكون رائدا لأنه قطاع المواطن.
أما عن الأدوية الجنيسة، فقد أشار الدكتور بقاط بركاني، إلى أن هناك إنتاج وطني في إطار مخطط للأدوية الجنيسة، وهو برنامج مستقبلي طموح كما قال على أساس أن هناك حوالي ما بين 40 إلى 50 بالمائة هو إنتاج وطني من الأدوية الجنيسة ليبقى الهدف هو الوصول إلى تحقيق 70 بالمائة من الإنتاج الوطني بتشجيع الاستثمار في هذا الميدان ليتسنى الوصول إلى التقليص من فاتورة الاستيراد خاصة استيراد أدوية معالجة السرطان التي تشكل 50 بالمائة من ميزانية المستشفيات.

د. عبد العزيز عيادي الرئيس الجهوي لمجلس أخلاقيات الطب لناحية عنابة:
الصحة مريضة
بخلاف رئيس عمادة الأطباء الجزائريين، اعتبر الدكتور عيادي عبد العزيز، الرئيس الجهوي لمجلس أخلاقيات مهنة الطب لناحية عنابة، بأن الصحة في الجزائر مريضة من منطلق أن المريض يشتكي والطبيب يشتكي والمسؤول يشتكي ومدير المستشفى يشتكي، «لكن رغم كل هذا فمن واجبنا كأطباء في إطار أخلاقيات المهنة أن ننظر إلى المريض بعين الاعتبار والتقدير سواء في القطاع الخاص أوالعام، والأسرة الطبية عليها أن تجعل من هذا الأخير أساس العملية الطبية».
وعن تفاقم ظاهرة الاعتداءات على الأطباء بالخصوص على مستوى مصالح  الاستعجالات من قبل مرافقي المريض، فقد شدد على ضرورة تغيير الذهنيات من خلال القيام بحملات التوعية والتحسيس عبر مختلف قنوات وسائل الإعلام مع التأكيد على ضرورة أن يكون المريض عند توجهه إلى أي مؤسسة استشفائية مرفقا على الأقل بشخصين، مع الصرامة في تطبيق قوانين الزيارة إلى هذه الأخيرة بمنع مرافقة زوار المريض للأطفال حفاظا عليهم من انتقال الأمراض إليهم وضمانا لراحة المريض.

د. فاطمة قهرية (طبيبة
 شرعية بعنابة):
الأخطاء الطبية ناجمة عن الإهمال
عن رأيها في الأخطاء الطبية التي تحدث بين الفينة والأخرى على مستوى المؤسسات الاستشفائية التابعة للقطاعين العام والخاص، فقد اعتبرت الدكتورة فاطمة قهرية أن ذلك ناجم عن الإهمال في التكفل الناجع والتام بالمريض كالنقص المسجل في مراقبته ومرافقته من أول يوم دخوله إلى المستشفى إلى يوم خروجه، إلا أنها تؤكد بأن الإهمال لا يجب أن يحسب على الطبيب وحده بل هناك أطراف أخرى تتحمل المسؤولية بداية من المريض، مرورا بالمشرفين على علاجه دون إهمال مسؤولية أفراد عائلته  والإمكانيات الطبية المتوفرة.


د. عبد الكريم عثماني الخبير لدى المجلس القضائي بقسنطينة:
السر الطبي يمنح للمهنة قيمتها وقداستها

يعتبر الدكتور عبد الكريم عثماني، وهو طبيب شرعي خبير لدى المجلس القضائي بقسنطينة، بأن الطبيب وكل مستخدمي الصحة ملزمون بالسر الطبي، كون هذا السر هو الذي يعطي لمهنة الطب قيمتها وقداستها، مضيفا بأن السر الطبي يتميز بديمومته ولا يجب إعطاء وتبليغ المعلومة إلا لمن له القدرة على استيعاب المعلومة الطبية بمفهومها الواسع، التي اعتبرها حقا من حقوق المريض وهي تدخل كإرث شخصي لا يولج إليه إلا بأمر قضائي حماية للمريض واستردادا لحق يكون قد غيِّب، نتيجة سهو أو غلطة أو خطإ طبي، مضيفا بأن تكييف الخطأ الطبي المادي أوالمعنوي يتم عن طريق الخبرة الطبية الشرعية بأمر قضائي سواء كان جزائيا أومدنيا أوإداريا، والذي يكون فيه للقضاء الرأي السيد، انطلاقا من سيادة القضاء وقناعة القاضي، موضحا بأن حالتين في الطب لا تتشابهان، ومن هنا كما قال لا يمكن العمل بالقياس في أي حالة من الأحوال، معتبرا في هذا الصدد بأن الخطأ هو وليد الطبيعة البشرية و هو من المحفزات التي تؤدي إلى تفادي معاودة الوقوع في ذات الخطأ.


السيد بولدروع مختص في علم الاجتماع:
يجب إنجاز دراسات حول مدى القبول أو الرفض للنظام الصحي

من جهته، يرى الأستاذ عبد الكريم بولدروع، أخصائي في علم الاجتماع بأنه بات من الضروري إنجاز دراسات متخصصة تحدد مدى القبول أوالرفض للنظام الصحي ببلادنا لما هو عليه، لأنه لا يمكن كما قال أن نبني تصورات وأحكاما مسبقة من لا شيء، رغم أن البوادر التحليلية الأولية لا تقدّر مدى التطور النوعي للمنظومة الصحية لعدم مقروئيتها، مضيفا بأنّ الشيء الثابت هو أن البنية المزدوجة بين القطاعين العام والخاص يترتب عليها بأن الفئات الضعيفة مقصية من الاثنين، ما يؤكد بأنّ النظام الصحي رغم إمكانياته ليست له قدرة تقليص اللامساواة أمام العرض العلاجي الكبير.