المنتجات المعدَّلة جينيا

رضوخ تجاري و تهديد صحي؟

رضوخ تجاري و تهديد صحي؟
  • القراءات: 438
❊نور الهدى بوطيبة ❊نور الهدى بوطيبة

نظمت المدرسة الوطنية للعلوم الفلاحية، مؤخرا، معرضا للمنتجات الغذائية غير المعدلة جينيا بساحة بلدية الحراش، بهدف تثمين إنتاج المواد الاستهلاكية من الخضر والفواكه الخالية من الأسمدة، التي أصبحت تشكل، اليوم، خطرا حقيقيا على المستهلك، لا سيما بعدما أصبحت معظم تلك المنتجات تحتوي على نسب عالية من الأسمدة، التي حوّلتها إلى منتجات تحمل مواد كيماوية سامة مضرة بالصحة.

على هامش هذا المعرض الذي يقام عادة، حسب منظميه، داخل المعهد العالي للعلوم الفلاحية، أوضحت نبيلة أكسيل مختصة بيولوجية وصاحبة مشروع "تجفيف الطماطم"، أنه بات من الضروري الخروج من جدران المدرسة للاحتكاك بالمواطن، ونشر الوعي الاستهلاكي لديه، لا سيما أن الكثيرين لا يدركون خطورة ما يستهلكونه، حيث يعتقد الأغلبية أن استهلاكهم الخضر والفواكه بدون إفراط في استهلاك المواد الأخرى التي يحذر منها الطبيب كالسكريات أو المشروبات الغازية أو المواد الدسمة، يجعلهم محميّين من الإصابة ببعض الأمراض، وهذا اعتقاد خاطئ؛ إذ أصبحوا يتفاجأون بإصابتهم ببعض الأمراض، لاسيما أنهم يعتقدون أنهم يتبعون نظاما غذائيا صحيا غنيا بالخضر والفواكه. والمشكل الحقيقي يكمن في بعض المنتجات "التي يعتقدون أنها طبيعية"، إلا أن، في حقيقة الأمر، بعضها يحتوي على أسمدة، ويتم تعديلها جينيا؛ ما يجعلها، من جهة، تفقد مذاقها الطبيعي، ومن جهة أخرى تحمل مواد كيماوية مضرة بالصحة. وأشارت المتحدثة إلى أن في زمن مضى كانت الخضر والفواكه تختلف عن زماننا هذا، وهو ما يؤكده الأجداد؛ قالت: "من منا لم تقل له جدته إن طعم الفلفل أو البطاطس أو الطماطم أو الفول لم يصبح مثلما كان قديما، وأن الرائحة عند الطهي كانت تصل إلى الشارع وكانت تثير المارة، وتحدد تماما ما يتم طهيه، فكان لكل خضار رائحته المميزة، إلا أن المطبخ فقد ذلك الطعم بسبب ما يقام من تجارب على الخضر والفاكهة.

وقالت المختصة إن التعديل الوراثي أو إضافة الأسمدة يتم عادة على المنتجات ذات الطلب الواسع، وهذا لأغراض تجارية لا غير، حيث يبحث بعض المزارعين عن أساليب لاستمالة الزبائن من خلال الشكل الخارجي للخضر أو الفواكه، وهذا بإضافة أسمدة عليها أو تعديلها وراثيا، تجعلها تنضج بحجم أكبر أو بلون أكثر جمالا، أو حتى بشكل خال من الشوائب. فمن المعلوم أن عدم إضافة الأسمدة يجعل الحشرات تفسدها، وإضافة تلك المواد تبعد الحشرات، لكن المشكل المطروح، تضيف أكسيل، أن بعض المزارعين وبعيدا عن الرقابة، لا يحترمون النسب المحددة لكمية الأسمدة الملقاة على محاصيلهم الزراعية، وبالتالي تنضج حاملة سموما ومواد كيماوية مضرة بالصحة. 

وأوضحت المتحدثة أن الأغذية المعدلة وراثيا هي المنتجات التي تم إنتاجها من الكائنات المعدلة وراثيا، التي أدخلت بعض التغييرات على حمضها النووي باستخدام تقنيات الهندسة الوراثية. هذه التقنيات تسمح باستحداث صفات جديدة، بالإضافة إلى زيادة السيطرة على صفات حالية على عكس التقنيات السابقة مثل التربية الانتقائية. هذه التقنية عادت إليها العديد من الدول المتقدمة، ثم أدركت خطورتها، وباتت تستعمل بدلها تقنية تربية الطفرات، أو استبدال الأسمدة بالحشرات المضادة للحشرات المضرة بالنباتات؛ كالدعسوقة، التي تُعتبر كسماد طبيعي يبعد الطفيليات، ويجعل النبتة أو الشجرة تنمو طبيعيا بدون مواد كيماوية.

وحذّرتأكسيلمنظاهرةقدتكونغيربعيدةفيأراضيناالفلاحية،وهيإفسادخصوبةالأرض،حيثأكدتأنإفراطاستعمالتلكالأسمدةمراتمتكررة،يجعلالتربةتحملتلكالمواد،وبالتاليتُفقدهاخصوبتها،وتجعلهافاسدةحتىوإنزُرعتفيهابذورصالحةوذاتجودةعالية،إلاأنهاستحملبقاياتلكالأسمدةالضارةوتفسدها.

وفي الأخيرة، دعت المتحدثة صاحبة مشروع "الطماطم المجففة" المزارعين والفلاحين، إلى التحلي بروح المسؤولية تجاه المواطن، لاسيما أن الطماطم لا تغيب عن المطبخ، وعدم الوقوع ضحية التسويق، الذي يجعل الشخص يفقد كافة مبادئه الإنسانية تجاه الصحة العمومية. وأضافت أن العديد من الدول الأوروبية تحاول التوجه نحو الإنتاج العضوي أو ما يُعرف بـ "البيو"، وهو ما يكلفها الكثير، خصوصا أنها منتجات مرتفعة السعر نظرا لتخصيص تقنيات جديدة تحاول استرجاع خصوبة الأرض من جهة، والاعتماد على المضادات الطبيعية بدل الأسمدة، والابتعاد عن مختلف التعديلات الوراثية وكل ما يتم إضافته من مواد كيماوية حافظة أو غيرها.