لبنــــــــــــــاء مجتـــــــــمع متــــــــــــوازن ومزدهـــــــر

دعوة لمرافقة الشباب نفسيا في زمن التحولات

دعوة لمرافقة الشباب نفسيا في زمن التحولات
  • 173
شبيلة. ح شبيلة. ح

أجمع المشاركون في اليوم الدراسي التكويني، الذي احتضنته كلية علم النفس بجامعة "عبد الحميد مهري" قسنطينة (2)، أول أمس، على أن المرافقة النفسية للشباب باتت أولوية لا يمكن الاستغناء عنها، في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية المتسارعة، معتبرين أنها تمثل استثمارًا حقيقيًا في بناء جيل واع ومتكيف، قادر على الإسهام في بناء مجتمع متوازن ومزدهر.

أكد عميد الكلية، البروفيسور حازم حماني، خلال اليوم الدراسي المنظم، بالتنسيق مع ديوان مؤسسات الشباب والرياضة، لمعالجة واقع الشباب في زمن تتداخل القيم التقليدية مع مؤثرات العصر الرقمي، أن الجامعة شريك أساسي في مساعدة الطلبة على التكيف مع التحولات، مشددًا على أهمية التنسيق بين مؤسسات التعليم وقطاع الشباب، لضمان بيئة محفزة لتطور الجيل الصاعد.

من جهته، أوضح الدكتور مميز الهاشمي لوكية، أن المرافقة النفسية لم تعد مقتصرة على علاج الاضطرابات، بل أصبحت ضرورة لبناء صحة نفسية وقائية، لاسيما مع ارتفاع منسوب القلق والتوتر الناتج عن تدفق المعلومات، الضغوط الأكاديمية، والتأثيرات السلبية للعالم الرقمي، كالتنمر الإلكتروني وتشويه الذات.

وأضاف أن الشباب يواجه صعوبات في تشكيل هويتهم، وسط تنوع فكري متسارع، مما يعرضهم للارتباك، وربما الاغتراب الداخلي، وهو ما يستدعي تدخلا نفسيا مبكرا، يساهم في بناء الثقة بالنفس، تطوير المهارات الاجتماعية وتحديد الأهداف الشخصية.

بدورها، نبهت أستاذة علم الاجتماع، الدكتورة منال العابد، إلى التحديات التي أفرزها تآكل القيم التقليدية، مؤكدة أن شباب اليوم، يعيشون في مساحة رمادية، تختلط فيها المعتقدات القديمة بالجديدة، ما يولد لديهم شعورا بالحيرة، ويزيد من احتمالات اللجوء للعزلة، النزعة المادية أو حتى التطرف، بحثا عن هوية بديلة وانتماء ضائع.

وشدد المتدخلون، من أساتذة ومختصين، على أن دعم الشباب ليس مسؤولية المختصين النفسيين وحدهم، بل هو دور مجتمعي تتقاسمه الأسرة، المدرسة، الجامعة، الجمعيات ووسائل الإعلام، داعين إلى كسر الوصمة المرتبطة بالمساعدة النفسية، وإعادة الاعتبار للمرافقة الروحية والاجتماعية، التي تساهم في الوقاية من الاضطرابات وبناء شباب أكثر وعيا وثباتا.

كما دعوا إلى ضرورة تكييف البرامج التعليمية، لتعزيز التفكير النقدي والمرونة، وإشراك المساجد والمراكز الشبابية في توجيه الشباب نحو بدائل صحية، ومبنية على قيم إيجابية، مع فتح مساحات حوار صريح بين الأجيال، لتسهيل انتقال القيم دون صدام.

وأكد المشاركون في ختام اللقاء، أن تمكين الشباب من أدوات المواجهة النفسية والاجتماعية، بات مسؤولية جماعية في زمن لم يعد يعترف إلا بمن يملك الوعي والتوازن، لمواجهة المتغيرات بثقة ورؤية.