تُعد جزءاً من التراث الريفي لقالمة
دعوة لتثمين الأعشاب والنباتات الطبيعية

- 276

تجود الطبيعة في ولاية قالمة على غرار باقي ولايات الوطن، على مدار السنة، بمحاصيل زراعية رعوية ونباتات طبيعية تستهوي السكان، الذين يفضلون استهلاكها لفوائدها الصّحية، وحسب الطقوس المحلية السائدة. جزء كبير منها له عدة استعمالات إما للغذاء أو التداوي. وفي هذا السياق حاولت "المساء" الغوص في خبايا هذا العالم الذي تتفرد به ولاية قالمة وما جاورها.
باعتبار قالمة منطقة فلاحية ورعوية وتتوفر على مياه جوفية وذات تربة صالحة للزراعة، فإنها بجبالها وسهولها تكتنز نباتات وأعشابا تُجمع بالأيدي، وتحضَّر بوصفات تقليدية للتداوي. وتُعد مصدر رزق للكثيرين، وجزءا من الثقافة الصحيّة، والعلاج البديل؛ بحيث يحتل الطب الشعبي مكانة خاصة في وجدان الإنسان القالمي.
وتشتهر الولاية بنباتات طبيعية لا تُعد ولا تحصى، تباع على حواف الطرقات والأرصفة، وفي الأسواق، من بينها: "الحلْمُوش" المعروف بـ"الريحان"، وهو عبارة عن حبّات سوداء ينضج في أواخر الخريف، يُستخدم في الطب الشعبي كعلاج لمشاكل الجهاز التنفسي. و"الخَرُّوب" الذي يتم استهلاكه مجفّفا، وتستعمله ربّات البيوت بعد طحنه وإضافته للقمح المطحون لطهو "الرِوينة" و"الزريرة"، التي تقدّم للمرأة النفساء وللضيوف. و "البَلُوط" ، وهو عبارة عن حبّات بلون بنّي، يُعرف بالسنديان، يتم تحميصه قبل تناوله.
وحسب تجربة الأجداد، فعندما تكون حبّة البلوط ممتلئة، فإن تلك السنة يكثر فيها تساقط الثلوج. و"النْڨَب" أو "النقيقب" تختلف تسميته من منطقة الى أخرى، فهو عبارة عن حبيبات صغيرة حمراء أو تميل إلى اللون البنّي يُعرف بـ"النبق" ؛ ثمار لذيذة وصحية، فيما تسمّى "تالمة" بغذاء الفقراء أيام القحط خلال الحقبة الاستعمارية، لها مزايا عديدة خاصة بالمرأة المرضع؛ فهي مدرّة للحليب مائة بالمائة، وفاتحة للشهية، ولها فوائد كثيرة. وتُعرف بأخت "التلفاف" . أما "التَّافْغة" فتفيد في أوجاع البطن والمعدة. وتعزّز المناعة. وتسمّى أيضا بـ"وذن الحلوف"، وهي ثمرة ربيعية تُقتلع من الأرض ذات رائحة فواحة، تؤكل نيّئة. وكذلك "السَّاسْنُو" وهو "اللّنج" فاكهة تشبه الفرولة، تتميّز بمذاق حلو، بينما "المريوَت"، عشبة لها مفعول قوي في العديد من الأمراض.
إلى جانب ذلك نجد "الخُرْشف" له شعبية كبيرة في قالمة. يُستهلك ضمن أطباق مختلفة أو نيئا، يُعرف بـ"خرشف عرب" . و"الدْبَش" يتم استهلاكه بعد نزع لحائه، له مذاق حلو. و"الحَرْشة" وهي نبتة ذات أوراق حرشاء، يتم استهلاكها بعد نزع لحائها، مذاقها مر، وتُعد طاردة للغازات، ناهيك عن "التِلْفاف" وهو نبات شوكي، مفيد في العديد من الأمراض؛ كفقر الدم، و"الزَّرْنِيز" و"الڨرْنون البرّي" و"ڨرن جدي" و"الڨرنينة" و"السّلق" وغير ذلك.
وعندما تهمس النباتات الطبيعية بحكمة الأجداد ويفوح عبقها مع اخضرار الطبيعة، فإن الإرث النباتي يُعد جزءا من الهوية الريفية التي تعيش في قلوب الناس، وبالتالي لا يمكن الإغفال عن دور النباتات الطبيعية؛ لما لها من فوائد جمّة، واكتشاف ما تم نسيانه؛ فالأعشاب والنباتات الطبيعية ليست مجرّد محاصيل زراعية وإنما جزء من التراث، وجسر يربط بين الماضي والحاضر؛ الأمر الذي يدعو إلى إعادة النظر في ما تملكه بلادنا، واستعمال هذه النباتات في المجال الطبّي والعطري وغير ذلك، وتثمينها بتحويل الزراعة العشبية إلى صناعة مربحة، ولِم لا التصدير بما يساهم في الاقتصاد الوطني، وخلق فرص الاستثمار.