أطباق عريقة طالها النسيان

دعوة لإحياء "طاجين البريان".. "خداوج على الدربوز" و"شرورة السردوك"

دعوة لإحياء "طاجين البريان".. "خداوج  على الدربوز" و"شرورة السردوك"
  • القراءات: 635
 رشيدة بلال رشيدة بلال

أبدعت حرائر البليدة الماكثات في البيوت والحرفيات، وحتى المختصات في الطبخ من الحائزات على جوائز وطنية ودولية في مسابقة الطبخ، التي احتضنتها غرفة الصناعات التقليدية ببلدية أولاد يعيش، تزامنا والاحتفال بالعيد الوطني للسنة الأمازيغية، حيث عرضت المشاركات تشكيلة مميزة من الأطباق والحلويات التقليدية، وكان الرهان فيها كبيرا على "البنة" و"طريقة العرض"، وبالمناسبة، أكدت سليمة أمير، محكمة وطنية ودولية ورئيسة مكتب ولاية البليدة للجمعية الوطنية للطبخ والتنشيط السياحي، منظمة التظاهرة "أن مثل هذه المسابقات تلعب دورا بارزا في الترويج للموروث التقليدي البليدي، خاصة ما تعلق منه بالطبخ والحلويات التقليدية، التي بدأ بعضها يسير في طريق الاندثار، بسبب التخلي عن تحضيرها.

"المساء" احتكت بلجنة التحكيم، المشرفة على تذوق الأطباق التقليدية المعروضة، وحول مدى تمسك المرأة البليدية بأطباقها التقليدية، وما يطمحون إليه، من خلال المشاركة في مثل هذه المسابقات، عدنا بهذه الأصداء.

حاولت المشاركات في المسابقة الولائية للأطباق التقليدية، التي عرفت مشاركة أكثر من 25 متخصصة في الطبخ من نسوة البليدة، أن يبرزن تزامنا والاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة، أشهر الأطباق التقليدية التي عادة ما تحضر في هذه المناسبات، وحاولن عرضها بطريقة غلب على بعضها الطابع العصري، فيما حاولت أخريات الحفاظ على خصوصية الطبق التقليدي، من خلال تقديمه على أصوله، وكانت المناسبة فرصة لاكتشاف أطباق لم تعد حاضرة على موائد البليدين، وطالها النسيان، ولعل أهمها "طاجين خداوج على الدربوز"، وطبق "شرورة السردوك" و"طاجين البريان".

أطباق بحاجة لأن تخرج من حدود الولاية إلى العالمية

قالت الشاف فهيمة فقير، محكمة ومختصة في الطبخ التقليدي البليدي، "إن المرأة البليدية كانت ولا تزال، محافظة على عدد من الأطباق التقليدية التي تغلب عليها الأعشاب، وهو ما يعكس ـ حسبها ـ الانتماء إلى المنطقة المعروفة بتنوع غطائها النباتي على مستوى جبال الأطلس البليدي، والذي انعكس على طعام السكان، ولعل أشهرها طبق "بوبرايس"، و"الحمامة" و"بطاطا فليو".

مشيرة في السياق، إلى أن ما يبعث على الاطمئنان حول ما يتعلق بالأطباق التقليدية البليدية، أن "المرأة البليدة تحب مطبخها وتحن إلى تحضير كل ما هو تقليدي، حيث مازالت تحرص على تحضير كل ما هو عجائن، مثل "مقرون لعمى" وإعداد الدرسة، ومعجون التبسي، وغيرها من وصفات الجدات التي لا تزال تحضر إلى يومنا هذا".

وحول الأطباق التي تسير نحو الانقراض، أشارت الشاف فهيمة، إلى أنه "رغم حرص المرأة البليدية على إحياء أطباقها التقليدية، من خلال تحضيرها في مختلف المناسبات، نلمس تراجعا في بعض الأطباق، ولعل منها"، كما أردفت: "طاجين البريان" الذي يحضر باللحم والبصل والحمص، وطاجين "خداوج على الدربوز"، و"شرورة السردوك"، وهو عبارة عن سلطة كانت تحضر وتؤكل عند العاشرة صباحا، حيث تعد من البصل وزيت الزيتون، وسلطة الخردل والسفرجل والخل الأبيض، مشيرة أيضا، إلى أنها تتمنى من خلال مثل هذه المسابقات، أن يتم تحفيز النساء المهتمات بالطبخ، للبحث في وصفات الجدات على بعض الأطباق التي طالها النسيان، لإحيائها، مؤكدة بوقولها: "خاصة أنها تمثل جزء من تراثنا الذي نعتز به ونرغب في إخراجه من حدود الولاية، ولما لا خارج الوطن"، لافتة بالمناسبة، إلى أن "طبق الحمامة" الذي تشتهر به ولاية البليدة، للأسف الشديد، غير معروف خارج حدود الولاية، وأعلنت المتحدثة عن وجود مساع لنشره، "من خلال تنظيم مثل هذه التظاهرات، للترويج لهذا الطبق، ولما لا المطالبة بتصنيفه إلى جانب طبق التبيخة"، تردف متحدثة "المساء".

دعوة البليديات للبحث في وصفات الجدات

من جهتها، أوضحت الشاف ليلى بونزو، مدربة المدربين، ومحكمة في الطبخ التقليدي لما يزيد عن 35 سنة، بأن المرأة البليدية بعدما تخلت في وقت مضى، على بعض الأطباق التقليدية، تسعى اليوم إلى إعادة إحيائها، من خلال المشاركة بها في مختلف التظاهرات المحلية والولائية، وحتى الدولية، مشيرة إلى أنه يتضح لها من خلال تقييم بعض المشاركات، أنهن يحاولن جاهدات إبراز أهم الأطباق التقليدية التي كانت تحضر فيما مضى في بعض المواسم، مثل عيد يناير، حيث نجد مثلا ـ تضيف ـ المتحدثة: "طبق الرشتة بالدجاج والسفيرية وشخشوخة الفطير وبطاطا فليو بالقديد"، وحسبها، فإن بعض الأطباق التقليدية أصبحت تسير نحو الاندثار، مثل "طبق بوبرايس"، لذا أكدت المختصة على ضرورة الحرص في كل مرة، على تنظيم مسابقات لتحفيز النساء على البحث في وصفات الجدات، عن بعض الأطباق التي لم تعد تزين موائد البليدين، من أجل إعادة إحيائها والترويج لها، ولو في المناسبات.

وردا على سؤال "المساء"، حول الطبق التقليدي الذي تعتقد أنه يستحق أن يصنف بعد طبق "الحمامة"، الذي يعتبر رمزا للولاية، رشحت المتحدثة طبق "مقرون لعمى"، بالنظر إلى الطريقة المميزة التي يحضر بها، والذي اشتهرت به المرأة البليدية منذ أزمنة، حيث كان يحضر في شهر شعبان، تحسبا لشهر رمضان، ويقدم على ثلاثة أنواع من الأطباق التقليدية بالمرق الأبيض.

خروج المرأة للعمل ساهم في تضييع بعض الأطباق التقليدية

بينما ترى المحكمة حجيلة واعلى، من ولاية تيبازة، أنه بحكم التقارب بين الولايتين، هناك تشابه في الكثير من الأطباق التقليدية بين ولايتي تيبازة والبليدة، وأن الاختلاف الوحيد يتمثل في بعض التسميات، فمثلا الطبق التقليدي لولاية البليدة، المعروف بـ "مقرون لعمى"، يسمى في ولاية تيبازة "مقيرنة"، وغير ذلك نجد أنهما يحضران بنفس الطريقة، حيث يحضر منها ثلاثة أطباق ومنها شوربة رمضان، وحسبها، فإن المرأة البليدية لا تزال حريصة على إعادة إحياء وصفات الجدات، من خلال المشاركة بقوة في المنافسات والتظاهرات التي ساهمت في إعادة بعثها والتعريف بها، مؤكدة أن من بين الأسباب التي ساهمت في تضييع وصفات الجدات، خروج المرأة للعمل، كاشفة، أيضا عن بعض الأطباق التي طالها النسيان، ومنها طبق "الرشتة بالعصبان"، وحسبها، فإن من بين الأطباق التقليدية التي تتمنى أن يتم تصنيفها وإخراجها من حدود الولاية، على غرار "كسكسي الخروب" وطبق "بوركوش"، وهو عبارة عن المسمن الذي يتم تفويره على حبات الفول، ويحضر بالسمن والكمون الذي لم يعد أصلا معروفا.

وحول ما إذا كان الطبخ الجزائري بحاجة إلى مزيد من الاهتمام، أشارت المتحدثة إلى أن المطبخ الجزائري غني ومتنوع، غير أن بعض الوصفات لا تزال غير معروفة، وبحاجة إلى البحث فيها، للتعريف بالتراث البليدي والجزائري عموما.