إعداد جيل بمنأى عن كل أشكال العنف والانحراف

دعوة الوالدين إلى الاقتداء بالرسول الكريم في التربية

دعوة الوالدين إلى الاقتداء بالرسول الكريم في التربية
  • القراءات: 737
 حنان. س حنان. س
تناولت محاضرة بعنوان "منهاج الرسول الكريم في بناء الفرد والمجتمع" قُدمت ضمن الندوة العلمية التربوية للمركز الإسلامي الثقافي لبومرداس مؤخرا، أهمية اقتداء الأسرة والمجتمع بالسيرة النبوية في التربية الأسرية. وقال المحاضر الدكتور نور الإسلام بشاري، إن مسؤولية إعداد نشء متشبع بقيم التربية السليمة إنما هو مسؤولية الوالدين والمدرسة والمسجد، داعيا كل طرف إلى تحمّل مسؤوليته تجاه مجتمعه.
وفي هذا الإطار، ذكر الدكتور بشاري أن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، قد أسس منذ قرون منهاجا يُعتبر نموذجا حقيقيا لتربية الأبناء؛ لما فيه صلاحهم وصلاح أسرهم ومجتمعهم، مشيرا إلى أن الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم، كان قدوة يُحتذى بها في هذا النهج؛ لأنه كان هو نفسه أبا وجدا. وقال إن الرسول قد خص بناته بتربية رائعة، يمكن أن تكون تشريعا خاصا في هذا المجال.
وأشار الدكتور في حديث خاص بـ "المساء"، إلى أنه ليس صحيحا من الوالدين التحجج بانشغالات الحياة لتوفير المادة والحياة المريحة لأبنائهم، قائلا إن هذا الخطأ قد تنجرّ عنه سلبيات كثيرة، أهمها الفراغ العاطفي عند الطفل، الذي قد يملأه رفقاء السوء، وبالتالي الجنوح نحو العنف أو الإدمان. ويقول: "أبناؤنا من صنع أيدينا، ولا بد أن نهتم بما ننتجه من أفراد لهذا المجتمع الذي سيعكس هويتنا، ولذا يلزمنا كمربين، أن نهتم بتربية أبنائنا لأنهم المستقبل، وبهم يتشكل صلاح المجتمع ومستقبله، ولكن أطرح السؤال: هل يُبنى هذا المستقبل بأسرة لاهية عن أبنائها، أو بمدرسة تعلم تلاميذها القراءة فقط، أو حتى بمؤسسة مسجدية لا تلعب دورها جيدا؟"، يتساءل الدكتور ويجيب: "طبعا لا". والوارد في السيرة النبوية، يضيف المتحدث، أن الرسول الكريم قد وضع لنا 3 قواعد تربوية عظيمة: "لاعبوا أبناءكم سبعاً، وعلّموهم سبعاً، وصاحبوهم سبعاً"، "وأعتقد أن هذه القواعد العظيمة لا بد أن تُحترم؛ لأن فيها المنهاج الحقيقي الذي لا تخيب معه الأسرة متى تعاملت وفقه في تربية أبنائها".
ويضيف الدكتور بشاري أن النبي محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد أسّس منهجا تربويا فريدا في تنشئة وتربية الأبناء، وليس من الصعب اتباعه، فقط لا بد من الاطلاع على سيرته عليه الصلاة والسلام لنفهم تلك الأسس التربوية التي أثبتت نجاحها في أولاده أولا وفي أحفاده أيضا، ومن ذلك التربية العقائدية السليمة، والقصد بها تعليم الأبناء ماهية الإيمان بالله وبالقناعة والرضا بالقضاء والقدر، وهذا المنهاج مستمَد من القرآن الكريم، وهو ما يعطي للحياة معنى.
أما الأساس التربوي الثاني فهو العلم، ولا ريب أن رسولنا الكريم، كان معلّما للإنسانية جمعاء في التسامح والعفو والرضا وحتى في الطهارة والتعامل الليّن، وهنا يشير الدكتور إلى أهمية دور المعلم؛ كونه يمثل مفتاحا آخر للفهم وبناء الدوافع السلوكية للتلميذ، وتشكيل قناعاته تجاه ما يحيط به. ومن أجل ذلك يدعو الدكتور بشاري المدرسة إلى الاهتمام أكثر ببناء الفرد وجدانيا وليس فقط الاهتمام بتعليمه القراءة: "أعتقد أن المعلم اليوم يهتم فقط بأن يقرأ التلميذ لا غير، بعيدا عن التربية التي ينشدها المجتمع، تماما مثلما أن المسجد كمؤسسة محورية في التربية، ابتعدت عن هذه المهمة العظيمة، وأصبح الخطاب فيها جافيا بعض الشيء ولا يهتم إلا بأمور جانبية، فيا حبذا لو يتم تخصيص خطب مسجدية حول العنف اللفظي وحول خطأ الوالدين في ترك أبنائهم أمام التلفاز، لمشاهدة أفلام العنف أو المسلسلات التركية وغيرها، علينا التفكير مجددا حول ما نريده من جيل المستقبل، والأكيد أننا نريد جيلا يواصل مسيرة البناء والتشييد، ومن أجل ذلك ما علينا أن نبتعد كثيرا؛ ففي الرسول الكريم وسيرته النبوية المثل الأعظم"، يختم الدكتور نور الإسلام بشاري حديثه إلينا.
جدير بالإشارة أن الملازم أول للشرطة السيد كريمو تواتي، قدّم، من جهته، مداخلة قيّمة، ضمّنها دعوة إلى الأسرة لتعتني أكثر بأبنائها، وتبتعد بهم عن كل مظاهر العنف واللامسؤولية من خلال الاقتداء بالسيرة المحمدية: "فلنا فيها العبرة والقدوة الحسنة"، يقول الملازم أول، معددا بعض العيّنات المؤسفة لأسر تخلت عن مسؤوليتها تجاه أبنائها، هؤلاء جنحوا نحو كل أنواع الانحراف، مثل الإدمان والتعدي على الأصول وزنى المحارم. ومن جملة ما عدّد الملازم عيّنة عن مدمن قاصر يبلغ من العمر 16 سنة، وجده الملازم أول شخصيا في إحدى مناوباته الليلية عند منتصف الليل خارجا، ولما اقترب منه وسمع له اعترف القاصر للشرطي بأنه مدمن أقراص مهلوسة. وأردف: "والديّ ما رباونيش"، فقد غفلا عن التربية الحسنة، واهتما بإغداقه بالمال؛ ظنا منهما أن التربية الموفقة تكون بإشباع الحاجات المادية للطفل لا غير، وهذا من أكبر الأخطاء، يضيف الملازم أول كريمو تواتي.