مختصون يحللون ظاهرة عنف الأحياء

دعوة إلى توحيد الخطاب الديني وتكثيف التحسيس

دعوة إلى توحيد الخطاب الديني وتكثيف التحسيس
  • القراءات: 624
حنان.س حنان.س

تناول مختصون من أعضاء جمعية «حماية الأحداث من الانحراف والإدماج الاجتماعي» وضيوفها مؤخرا، بالتحليل والنقاش، موضوعا طفا إلى السطح خلال الأشهر القليلة الماضية ويتعلق بجرائم الأحياء. واتفق المحاضرون على أهمية اتخاذ إجراءات مستعجلة للحد من انتشار هذا الداء الذي يتربص بالمجتمع، خصوصا بالقصر والشباب.

لفت سيد علي لعبادي، رئيس جمعية «حماية الأحداث من الانحراف والإدماج الاجتماعي» إلى أن العنف لم يعد بالإمكان السيطرة عليه حاليا، رغم تجند السلطات والهيئات كل من جهته لمحاصرته، وأنه «استفحل في الملاعب، وفي المدارس وفي الشوارع ليتخذ مؤخرا شكل داء جديد وحرب عصابات في الأحياء، فهل هذا سببه المخدرات أو التسرب المدرسي أو التفكك الأسري أم التكنولوجيا الجديدة؟ 

لم نعد نعرف حقيقة إن كانت أسباب متفرقة أم كلها مجتمعة»، يقول المتحدث، ليضيف من جهته محمد حنايزي، المختص في التربية والتكوين بنفس الجمعية، أن الواقع يشير اليوم إلى اتساع رقعة حرب الأحياء مع الأحياء الجديدة التي تم إنشاؤها، وهذا ـ حسبه ـ واقع يحمل الكثير من التناقض «فالدولة أنشأت أحياء سكنية تحمي بها كرامة المواطن من السكن الهش، إلا أن هذا الأمر انقلب لتصبح بذلك هذه الأحياء الجديدة مسرحا لحرب العصابات، والأكثر من ذلك يشير الواقع إلى أن تلك الجرائم يتم افتعالها أحيانا مطية لا غير لترويج المخدرات». يقول محمد مضيفا بأن عوامل كثيرة متداخلة عملت على اتساع هذا النوع من الجرائم مؤخرا.

في السياق، تشير الأستاذة زهرة فاسي، مختصة في علم الاجتماع، إلى أنه «حان الوقت لتضافر جهود القطاعات كل في جهته من أجل حماية المجتمع الجزائري الذي يعيش في الوقت الراهن تهديدا في استقراره».

وتذهب المتحدثة بعيدا في قراءتها وتحليلها لواقع جرائم الأحياء بالقول؛ إن «نفس المخططات التي سعت إلى ضرب استقرار الوطن قبيل أحداث أكتوبر، ورمت بالجزائر في قعر عشرية سوداء دموية، تسعى اليوم إلى ضربها من جديد ولما رأت أنه من الصعب جدا ضرب زعزعتها بفضل منظومة أمنية محكمة، فإنها تسعى إلى ضرب استقرار المجتمع من الداخل عن طريق تفكيك الأسرة وبث سموم المخدرات وسط القصر والشباب»، تتابع المختصة داعية الأئمة إلى التجنيد الفعلي من أجل تبني خطاب مسجدي ينمي الوعي وروح المسؤولية لدى الأفراد نحو مجتمعهم.

في السياق، يقول الشيخ جلول حجيمي، رئيس نقابة الأئمة، إنه دعا في غير مرة إلى ضبط المرجعية الدينية في الوطن ووضع مفتي الجمهورية للحفاظ على الكلمة الواحدة واللحمة الواحدة، يقول: «لابد من أخلقة المجتمع وتوحيد كلمته خلف مرجعية دينية واحدة، فإن الجزائر اليوم مستهدفة، أضف إلى ذلك نريد وضع ضوابط على الفضائيات والمواقع الإلكترونية التي تبث سمومها في عقول الشباب، فإنني وقفت شخصيا على قضايا يندى لها الجبين لأسر بأكملها فككتها الخيانة الزوجية بسبب التواصل الاجتماعي، فما بالكم بالأحداث؟» يتساءل الشيخ حجيمي مطالبا في نفس الإطار بتوحيد الخطاب الديني في أيام الجمعة من أجل الالتحام الاجتماعي وصيانة وتحصين المجتمع من كل الظواهر الاجتماعية التي تتربص باستقراره.

من جهته، أعطت ممثلة الدرك الوطني الملازم أول سعاد لونيسي، خلال مداخلتها في الندوة، جملة من الحلول سطرها الدرك الوطني في شكل مخطط لتغطية الأحياء السكنية الجديدة وواد الفتن في مهدها، حيث قالت المتحدثة بأن ظاهرة العنف في الأحياء أو الشجارات طفت إلى السطح في الآونة الأخيرة مهددة الاستقرار الاجتماعي، مفيدة بكونها «ظاهرة تقلق الجهات الأمنية خاصة أن لها انعكاسات سلبية».

سردت المتحدثة بعض الأسباب التي وضعها جهاز الدرك وراء تفشي جرائم الأحياء، فقالت بأن مبدأ التعصب بين المرحلين الجدد وسكان الأحياء القدامى يأتي على رأس القائمة، يضاف إليه انعدام التلاحم وتغليب مبدأ الجوار، إلى جانب تعزيز فكرة الثأر وتبلور فكرة الزعامة.

وأمام هذا الوضع، فإن مصالح الدرك الوطني تعمل على تفعيل عنصر الاستعلامات وتحديد هوية المنحرفين ونشر دوريات وفق برنامج يومي، مع التحسيس في الأعياد والمناسبات حول اللحمة الوطنية لتحجيم ظاهرة العنف، مع وضع لجان اتصال وعقلاء الأحياء من أجل ترجيح مبدأ الصلح بين المتخاصمين.

ذكرت المتحدثة أنه وبالتنسيق مع السلطات الإدارية، فإن مصالح الدرك أنشأت وحدات أمنية جديدة في عدة أحياء للعمل على إطفاء أية شرارة قد تنبئ باندلاع حرب بين الأحياء، على غرار ما حدث في كل من أحياء 684 مسكنا بالرمضانية، الشعايبية، سيدي سليمان ببئر توتة، حي 1832 مسكنا بالدويرة وأحياء بالهراوة.