في يوم دراسي خاص بهذه الفئة

دعوات للوقوف على واقع الشلل الدماغي عند الأطفال

دعوات للوقوف على واقع الشلل الدماغي عند الأطفال
  • القراءات: 694
شبيلة. ح شبيلة. ح

أكد المشاركون في يوم دراسي تحسيسي، بعنوان الأطفال المصابين بالشلل الدماغي "من التشخيص إلى التكفل"، أن هذه الفئة لازالت تعيش معاناة صعبة وحقيقية، جراء عدم التكفل بها وعدم أخذ السلطات العمومية مطالبها بعين الاعتبار، في ظل تزايد أعداد الأطفال المصابين بالشلل الدماغي الحركي في الجزائر سنويا.

دعا المشاركون، من أطباء ومختصين نفسانيين وأرطوفونيين، وكذا مختصين في التأهيل الحركي وأساتذة اجتماع وأولياء مرضى، وجمعيات تعنى بهذه الفئة، في فعاليات اليوم الدراسي الذي احتضنته كلية الطب بجامعة "صالح بوبنيدر، قسنطينة 3"، نهاية الأسبوع الماضي، بالتنسيق مع جمعية أولياء أطفال الشلل الدماغي ذو المصدر العصبي بالولاية، كلا من وزارتي الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، والتضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، إلى الوقوف على الواقع المعاش لهذه الفئة، وتوفير متطلباتها، خاصة أنهم وأولياءهم يعيشون وضعية صعبة، في ظل تزايد أعداد الأطفال المصابين بالشلل الدماغي الحركي في الجزائر سنويا، والذي بات يدعو إلى ضرورة البحث عن وسائل وتقنيات للعلاج، من أجل التكفل ومساعدة هذه الفئة من ذوي الاحتياجات الخاصة.

طرح عدد من أولياء الأطفال، خلال اليوم الدراسي، جملة من الانشغالات التي يعانون منها يوميا، رفقة أبنائهم المرضى، وفي مقدمتها مشكل انعدام مركز للعلاج المكثف، حيث أكدوا أنه وبإنجاز هذا الهيكل، سيمكن التقليل من حدة المرض ومعاناة الأطفال، كونهم سيشرعون بعد تلقيهم بعض الحصص، في الاتكال على النفس ولو نسبيا، وهو الحال بالنسبة لمشكل نقص الأطباء المختصين في هذا المجال، حيث قالوا بأن الطفل يبقى رهينة مرضه حتى الكبر، ومعه تزداد معاناة والديه كلما كبر سنه، إذ أن حالته الصحية تستوجب بقاء الوالدين بالقرب منه، بسبب عجزه كلية عن القيام بأصغر وظيفة، وهي الأكل، متحدثين في ذات السياق، عن مشكل انعدام الأدوية الخاصة بهذا المرض، والتي لا تتوفر إلا عبر السوق السوداء ـ حسبهم ـ وبأغلى الأثمان، لذلك أصبح مطلب توفيرها ووضعها تحت تصرف المرضى وبتغطية اجتماعية، أمرا حتميا.

كما تحدث الأولياء عن العديد من المشاكل والانشغالات الأخرى التي تواجههم رفقة أبنائهم المرضى، حيث عبروا عن أسفهم عن ظروف أطفالهم وحتى الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين لم يتمكنوا من الالتحاق بمقاعد الدراسة، لبعدهم عن المؤسسات التربوية، وعدم وجود مؤسسات تربوية متخصصة قريبة من مقر سكانهم، ليطالبوا بضرورة تكييف المؤسسات التربوية مع مرض أطفال الشلل الدماغي ذو المصدر العصبي، لتسهيل عملية إدماجهم في الوسط المدرسي، مطالبين بضرورة إدراج هذه الفئة داخل المدارس العادية، للتعلم مع أقرانهم الأسوياء من نفس السن دون تمييز أو عنصرية، باعتبار أن هذه المؤسسات التربوية تعد الوسط الطبيعي الذي ينمي قدرات أبنائهم المرضى، عوض عزلهم ووضعهم داخل مؤسسات خاصة.

من جهته رئيس جمعية أولياء أطفال الشلل الدماغي ذو المصدر العصبي، زعير عبد الحكيم، أكد في تدخله، أن ولاية قسنطينة تشهد نقصا رهيبا في المرافق الصحية البيداغوجية المخصصة للتكفل بأطفال الشلل الدماغي، الأمر الذي تسبب في تأخير العلاجات وتفاقم الوضعية الصحية للمرضى، مما أدى إلى استياء الأولياء، حيث أضاف رئيس الجمعية، أن المستشفى الجامعي "ابن باديس" يعد المرفق الصحي الوحيد الذي يتكفل بهذه الفئة مجانا، مع الغلق الذي شهدته المرافق الأخرى على مستوى الخروب ومستشفى "البير" بعوينة الفول، إثرتفشي جائحة "كورونا".

من جهتها، دعت الدكتورة صبرينة، وهي أم لمريض بالشلل الدماغي، إلى أهمية تحسين التكفل بالمرأة الحامل وإحاطتها بالظروف الجيدة عند الولادة، لاسيما من طرف الأخصائيين في طب النساء والتوليد وأطباء الاطفال، لاسيما أن إعاقة الشلل الدماغي عند الأطفال يمكن تفاديها إذا توفرت الظروف المذكورة بمصالح الولادة، حيث أكدت المتدخلة، أنه عادة ما يتعرض الرضع إلى الشلل الدماغي الحركي، في ظل غياب التكفل الجيد أثناء الولادة، مما يعرض هؤلاء المواليد إلى نقص في توصيل الأكسيجين إلى الدماغ في اللحظات الأولى من عمرهم، مما يؤدي إلى إعاقتهم.

وأضافت المتدخلة، أن الشلل الدماغي الذي يحدث، خاصة لدى المواليد ناقصي الوزن عند الولادة، أو الذين يولدون في ظروف لا يتم فيها التكفل الجيد بالولادة، يوصل بمجموعة من الاضطرابات المستديمة، مما يسبب عجزا في النشاط الحركي ويحدث لمريض الشلل الدماغي اضطرابات في الإحساس والإدراك الحسي والإدراك المعرفي والتواصل والسلوك، كما شددت على التكفل المبكر بالأطفال الرضع الذين يتعرضون إلى شلل دماغي حركي، لاسيما عند الولادة، لضمان التحاقهم بدور الحضانة والدراسة.

في هذا الصدد، أكد البروفيسور الصديق فقراوي، رئيس مصلحة طب الأعصاب بالمستشفى الجامعي، أن عملية إدراج هذه الفئة في المجتمع، والتي تتطلب توفير عناية خاصة من الناحية النفسية والطبية وكذا البيداغوجية، ومساعدتهم على التحسن بالتخلص من الاضطرابات اللغوية التي يعاني منها غالبية المصابين بهذا المرض، حتى تتسنى لهم فرصة التحدث مع الآخرين بكل سهولة، وكسر حاجز التواصل، حيث قال، إن الشلل الدماغي عبارة عن مجموعة من الأعراض التي تنجم عن تشوهات أو أضرار في أجزاء من الدماغ المسؤولة عن ضبط حركات العضلات، وعادة ما يحدث هذا الاضطراب خلال فترة الحمل أو الولادة، أو حتى في المراحل الأولى لنمو الطفل، لافتا إلى أن شدة المرض تختلف من طفل إلى آخر، ومن هنا تظهر الحاجة الملحة إلى التكفل المبكر ووجود الأدوية للتخفيف من الأعراض.

من جهتها، قالت رئيسة مصلحة الطب الفيزيائي وإعادة التأهيل الوظيفي بالمستشفى الجامعي في قسنطينة، لماعي سمية، أن المصلحة التي تشرف عليها بالمستشفى الجامعي أضحت تعاني عجزا في الاستقبال، إذ تشرف سنويا على علاج ما يقارب 100 حالة من ذوي الإعاقة العصبية منذ أزيد من 7 سنوات، إلى جانب حالات أخرى. ذكرت المتحدثة في مداخلتها، أن إفريقيا تسجل 10 حالات إصابة بهذا النوع من الشلل في كل 1000 ولادة، غير أن الإحصائيات في الجزائر مفقودة، مؤكدة أن من أسباب الإصابة بالمرض هي ولادة الرضيع في الشهر السابع، إلى جانب وزنه الذي يقل عن 2 كلغ، فضلا عن الإصابة بالتهابات تتسبب في تشوهات، من شأنها أن تؤثر على نمو الجنين، ويعود ذلك حسبها، اإلى عدم إجراء الأمهات التحاليل المطلوبة والخضوع للفحص الإشعاعي الإيكوغرافي.