تحوّلت إلى مشكلة أسرية وتربوية

دروس الدعم.. بين الحاجة والضرورة الحتمية

دروس الدعم.. بين الحاجة والضرورة الحتمية
  • القراءات: 5734
رشيدة بلال رشيدة بلال

تحولت دروس الدعم إلى تقليد لا بد منه عند أغلب العائلات بل والتزام، حيث يسارع الطلبة والأولياء بمجرد انطلاق الموسم الدراسي، إلى البحث عن مدارس أو جمعيات للتسجيل قبل  فوات الأوان، خاصة أن هذه المؤسسات التي أخذت على عاتقها مهمة دعم الطلبة في جميع المواد والمستويات، هي الأخرى أصبحت بالنظر إلى الإقبال الكبير عليها، تقفل أبواب التسجيل مبكرا.

يبدو أن الاكتفاء بما تقدمه المؤسسات التربوية من مناهج  تعليمية لم يعد يرضي الأولياء رغم توفر كتب الدعم لمختلف الأطوار التعليمية إلى جانب التطور التكنولوجي وما تؤمّنه هذه الوسيلة من فرص لفهم الكثير من الأمور التي قد تستعصي على المتمدرسين، غير أن التسجيل للحصول على الدعم ببعض المواد تَحوّل إلى ضرورة يبادر بها الأولياء في بعض الأحيان قبل الأبناء؛ رغبة منهم في نجاح أبنائهم.

وعن أهمية دروس الدعم بالنسبة للمتمدرسين تحدّثت ”المساء” إلى عدد من الأولياء عند تواجدها في مؤسسة تخصصت في تقديم دروس الدعم في جميع المواد بالعاصمة، وكشفوا في معرض حديثهم أن ما تقدمه المدارس اليوم أصبح غير كاف، الأمر الذي يدفعهم إلى تخصيص ميزانية للرفع من مستواهم، خاصة في بعض المواد الأساسية؛ مثل الرياضيات والعلوم واللغات الأجنبية، مشيرين إلى أن الاكتظاظ بالمدارس وضعف تكوين بعض المعلمين جعل أبناءهم غير قادرين على الاستيعاب، الأمر الذي جعل دروس الدعم تتحول إلى ضرورة لتحصيل النجاح. من جهة أخرى، أكدت موظفة بمؤسسة الدعم رفضت الإفصاح عن اسمها، أن الطلب على التسجيل في المدرسة يبدأ مبكرا بالنظر إلى ما توفّره من أساتذة أكفاء. وفي بعض الأحيان، تكشف، ”نضطر لتوقيف التسجيل حتى قبل انطلاق الموسم الدراسي بالنظر إلى الطلب الكبير”، مشيرة إلى أن ما تقدّمه المدرسة من دروس يشمل جميع الأطوار التعليمية بما في ذلك الطور الابتدائي. ولم تعد دروس الدعم مقتصرة فقط على الأقسام النهائية، بل أصبحت تمسّ كل المستويات التعليمية.

من جهته، أرجع رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ علي بن زينة، جري الأولياء وراء دروس الدعم إلى غياب عنصر النوعية فيما يقدّم من دروس بالمؤسسات التربوية. وقال في حديثه لـ ”المساء”: ”إن ضعف تكوين الأساتذة وعدم وجود تخطيط منهجي لوقت التدريس وكثافة الدروس والعدد الكبير للتلاميذ في القسم، جعل من دروس الدعم ضرورة حتمية”.

وفي السياق، أشار محدثنا إلى أن موقف المنظمة من دروس الدعم واضح، حيث عبّرت في أكثر من مناسبة عن رفضها لها بالنظر إلى الإرهاق الكبير الذي يتعرض له المتمدرسون، خاصة في الأقسام النهائية في مختلف الأطوار التعليمية، غير أنه يقول: ”ما يعانيه التلميذ من صعوبات في الفهم والتحصيل جعلنا نغيّر موقفنا، حيث أصبحنا نعتبره أبغض الحلال، واختياره يكون تحت طائلة الإلزام والضرورة”.

ويعتبر المتحدّث أن الحل الوحيد للحد من هذه الظاهرة لدعم التلميذ من جهة وتخفيف الأعباء المالية التي أرهقت الأولياء من جهة أخرى، يتمثل في ضرورة فتح المؤسسات التربوية بعد الدوام؛ يقول: ”هذا الحل مفعّل في القانون وغائب عن أرض الواقع، كون أغلب مديري المؤسسات التعليمية يمنعون التلاميذ من الالتحاق بالمؤسسات بعد انتهاء وقت الدوام”.

إكساب المهارات يغني عن الدعم

وصف المدرب المعتمد في التنمية البشرية الأستاذ عبد الرشيد بوبكري، دروس الدعم بالمشكلات الأسرية؛ لأنّها ”في كثير من الأحيان تستنزف الأسرة ماديا مع أنها في أغلب الحالات ليست احتياجا ضروريا، كما أنها أضعفت دور الأستاذ والمعلم والطالب والتلميذ داخل القسم”.

وحسب محدثنا، تحولت دروس الدعم اليوم أيضا إلى مشكلة تربوية، حيث أصبح بعض الأساتذة يستنزفون طاقتهم بالسهر والتعب في دروس القصد منها الناتج المادي وليس الوصول بالطالب إلى الفهم، مما جعل، في المقابل، الكثير من الطلاب حتى المتفوقين الذين ليسوا بحاجة لدعم، يركّزون عليها أكثر مما يركزون على الفهم والمتابعة داخل القسم، الأمر الذي أفقد العملية التعليمية نكهتها.

من جهة أخرى، ينصح المدرب الأولياء بحثّ الأبناء على الاجتهاد وحل الواجبات المنزلية، وتخصيص وقت مجدول يوميا للمراجعة المنزلية كما ينبغي؛ يقول: ”على الأولياء أخذ أبنائهم إلى مستشارين يدربوهم على مهارات التعلم والحفظ والتركيز والتلخيص مع مراعاة الأكل الصحي، وتنظيم الحياة والتفكير الإيجابي المحفز والمشجع”.