طباعة هذه الصفحة

اضطرابات طيف التوحد

دراسات وبرامج لترقية التشخيص والتكفل

دراسات وبرامج لترقية التشخيص والتكفل
  • القراءات: 1060
❊ رشيدة بلال ❊ رشيدة بلال

عرض أخصائيون في علم النفس العيادي، خلال مشاركتهم مؤخرا، في أشغال الملتقى الدولي الثالث حول اضطراب طيف التوحد، الذي احتضنته جامعة الجزائر 2 أبو القاسم سعد الله، عددا من الدراسات الميدانية في مجال التكفل بالمصابين بطيف التوحد، الذي يعرف ـ حسبهم ـ انتشارا كبيرا في الجزائر في السنوات الأخيرة، حيث قدموا جملة من المقترحات لتحسين التكفل بهذه الفئة، من خلال التأكيد على أهمية  التشخيص المبكر للتسريع في عملية التكفل، ومن ثمة الاندماج في المجتمع.

حسب الأستاذ نصر الدين زبدي، أخصائي في علم النفس وعلوم التربية في كلمته الافتتاحية، فإن اضطراب طيف التوحد أصبح يثير مخاوف الشباب الذين يعزفون عن الزواج، لاحتمال أن يرزقوا بأطفال مصابين بالتوحد، وحسبه، من الضروري الاهتمام أكثر بالمصابين بطيف التوحد، خاصة أن ما تعانيه هو حالة نفسية، وكل ما تحتاج إليه هو الاهتمام بعملية التكفل التي لا زالت بحاجة إلى العناية بها في كل الدول العربية، على خلاف الدول الأوروبية التي حققت نتائج إيجابية في مجال علاج المصابين بطيف التوحد.

أوضح أنه بالنظر إلى انتشار المصابين بطيف التوحد في الجزائر، يتطلب بذل مجهود أكبر، خاصة فيما يتعلق بالتعرف على الأعراض مبكرا، للإسراع في بدء العمليات العلاجية التي تعتمد على تطبيق برامج عالمية متفوقة.

تأثير المتوحد على بقية إخوته

لدى تدخلها، اختارت الأستاذة نوال بوشعور، أخصائية في علم النفس العيادي، من جامعة أدرار، تسليط الضوء على واحد من المواضيع التي لا تحظى بالاهتمام عند الحديث عن المصابين بطيف التوحد، ممثلا في إخوة المصاب بطيف التوحد، حيث ركزت في دراستها على مدى تأثير المصاب بالتوحد على بقية إخوته، وحسبها، فإن الطفل المصاب لديه تأثير سلبي على المحيطين به، سواء الإخوة أو أولياؤه، وهو ما كشفت عنه الدراسة التي قامت بها ومست 60 عينة، تمت مقارنتها مع الأطفال العاديين.

أوضحت المحاضرة، أن مجالات التأثر تظهر في الجانب النفسي والاجتماعي والاقتصادي، ففي الجانب الاجتماعي، يؤدي عدم قبول الطفل التوحدي في الأسرة إلى صراعات عائلية بين الوالدين، يعيش ضغطها الأبناء، وقد تؤدي إلى الانفصال، واقتصاديا، يتم توجيه الإنفاق بشكل كبير إلى المصاب بطيف التوحد على حساب إخوته، بينما في الجانب النفسي، يكون الاهتمام منصبا عليه دون إخوته، وهذا ما يخلق نوعا من الاضطرابات النفسية بين الأبناء، مشيرة إلى أن أهم توصية تؤكد عليها، هي العمل على التكفل النفسي بأسر طفل التوحد، لحماية باقي الأبناء من التعرض لأمراض نفسية ونفسو- جسدية.

عرضت من جهتها، الأخصائية العيادية صبرينة حميدي، لدى تدخلها، نموذجا لبرنامج إرشادي تدريبي، للرفع من مهارات الطفل التوحدي من تصميمها، وحسبها، فإن برنامجها يقوم على ضوابط علمية تستهدف الإدماج الحسي واللفظي والضبطي المعرفي، الذي يساعد الطفل التوحدي على اكتساب مهارات، حيث أثبتت التجربة المطبقة على 20 عينة، فعالية البرنامج الذي عكسه التفاعل اللفظي والبصري للطفل، وساعده على الاعتماد على نفسه، والتمتع ببعض الحرية في تلبية بعض احتياجاته.

الهدف من الدراسة، وفق الأخصائية؛ تبليغ رسالة مفادها ضرورة العمل بالبرامج التي يصممها الأخصائيون الجزائريون، كونها تستجيب لخصوصية العائلة الجزائرية والتقليل من الاعتماد على البرامج الأجنبية، مشيرة إلى أن الأخصائيين يقدمون دراسات هامة في مجال التكفل بالطفل التوحدي، والتي تلقى طلبا كبيرا عليها من الأمهات اللواتي يرغبن في تطبيق هذه البرامج، وبالمناسبة، تتمنى المحاضرة أن يتم تبني هذه البرامج من الجهات الأخصائية، ممثلة في وزارة التضامن الوطني، وأن لا تظل حبيسة الأدراج، خاصة أنها برامج ميدانية، ولديها قابلية إكساب مهارات تواصلية لدى الطفل التوحدي.

اختار عبد القادر بهتان، أخصائي في علم النفس العيادي، من جامعة قالمة، الحديث عن أهم وسيلتين يمكن الاعتماد عليهما من طرف الأسر في عملية تشخيص طيف التوحد لدى أبنائهم، بالنظر إلى أهمية العملية التشخيصية المبكرة التي تلعب دورا هاما في التكفل المبكر، وتتمثل الآلية الأولى، حسبه، في الانفراد، فإذا وجدت العائلة أن ابنها عند وضعه مع الجماعة يغادرها ويحبذ البقاء منفردا، عليها أن تقلق، خاصة إذا تكررت الحالة عند طفلها لأكثر من مرة، عليها أن تسارع إلى التواصل مع الأخصائي للشروع في العملية التشخيصية، مشيرا إلى أن كل عائلة يمكنها أن تطبق هذه الوسيلة من خلال الملاحظة.

يوضح المحاضر بينما يتمثل المعيار الثاني في العمل على إقحام المصاب بطيف التوحد في جميع الأنشطة المنزلية، وتجنب عزله لحمايته من الانطواء، وحسبه، فإن هذان المعياران يمكن لأية عائلة أن تطبقها لتفعيل التشخيص والتكفل، وحتى تلعب الأسرة دورا هاما في عملية تأهيل ابنها ومساعدته على الاندماج المجتمعي.

في السياق، نبه الأخصائي إلى أن الأولياء تقع على عاتقهم مسؤولية كبيرة، وهي تقبل ابنهم التوحدي وعدم الخوف على مستقبله والسعي إلى التكفل به، لاسيما أن الأخصائيين يقدمون العديد من البرامج العلاجية التي يكون نجاحها بنسبة 90 بالمائة، مرهون بإرادة الأولياء على الإيمان بقدرتها على التكفل بأبنائهم وإكسابهم مختلف المهارات التواصلية.

من جملة التوصيات التي ارتأى المحاضر التأكيد عليها؛ الاهتمام بالأولياء من خلال تأهيلهم، خاصة أن عددا كبيرا منهم، رغم وعيهم، يعانون من حالة الخوف على حياة أبنائهم المستقبلية، مما يستدعي إخضاعهم لجلسات تساعدهم على تخطي حالة الخوف والمشاركة بإيجابية في عملية التكفل، ومن ثمة الإدماج الاجتماعي.

بينما اقترحت جودي خرفة، أخصائية في علوم الإعلام والاتصال من جامعة بسكرة، لدى تدخلها بمحاضرة حول أنماط التواصل عند الطفل التوحدي، ضرورة عدم دمج الطفل المصاب بطيف التوحد مع غيره من الأطفال المصابين بإعاقات مختلفة، كالإعاقة الذهنية، حيث أشارت إلى أن عملها الميداني في بعض الولايات، جعلها تقف على دمج طفل التوحد مع غيره، مما يؤثر سلبا على مهاراته التواصلية، التي عوض تنميتها يتم التأثير عليها سلبا، وتقول وهو ما يدعونا إلى المطالبة بمراكز خاصة تراعي الفروق الشخصية بين المصابين بطيف التوحد. في السياق، أثنت المحاضرة على مركز بيت الطفل الموجود في العاصمة، الأخصائي في التكفل بالأطفال المصابين بطيف التوحد، وحسبها، فإن هذا المركز ورغم الخدمات التي يقدمها كتجربة أولى من نوعها، لا زال بحاجة إلى ترقية الأساليب المعتمدة في التكفل بالأطفال المصابين بطيف التوحد، وترى أن هذا يتطلب تطوير الأساليب الاتصالية، خاصة أن 90 بالمائة من مشاكل هذه الفئة، تواصلية.

من جملة التوصيات التي رافعت من أجلها المحاضرة؛ العمل على إنشاء مراكز متخصصة في كل الولايات، تعتني بأطفال التوحد وتأهيل الأولياء، خاصة أن هذا النوع من الاضطرابات يعرف انتشارا في الجزائر.