ممارسة الرياضة المكيفة عند المعاق

خطوة لتحقيق التفوق والاندماج

خطوة لتحقيق التفوق والاندماج
  • القراءات: 3026
❊   حنان.س ❊ حنان.س

يتفق الخبراء على أن ممارسة الأنشطة الرياضية المكيفة لفئة المعاقين، تساهم بشكل كبير في تحسين المهارات الحركية والبدنية لديهم. فالرياضة المكيّفة تساهم بشكل كبير في توطيد العلاقات الاجتماعية لهذه الفئة، إضافة  إلى كونها تساهم في تحسين الجانب المعرفي والنفسي لديهاـ وهو ما أدى بالمتدخلين خلال أشغال الملتقى الدولي الأول حول علوم الرياضة في خدمة التميز، المنتظم مؤخرا بجامعة بومرداس، إلى التأكيد على أهمية ممارسة النشاط البدني الرياضي المكيّف لذوي الإعاقة بمختلف أشكالها، لتحقيق التفوق والاندماج.

يساعد النشاط البدني والرياضي المكيف في تحقيق الاندماج الاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة، حيث أن تكيف المعاق وتأقلمه مع ضغوط الحياة المعاصرة يساعد على اندماجه في مجتمعه بصفة فعالة، غير أن ذلك يقتضي تجاوزه لعقدة الشعور بالنقص الناجمة عن فكرة هيئة الشخص هي مقياس لتفكيره ومشاعره، حسبما تشير إليه مداخلة فريق بحث من جامعة عمار ثليجي بالاغواط بعنوان دور النشاط البدني والرياضي المكيّف في تحقيق الاندماج الاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة. أظهر البحث أن الكثير من المعاقين يعتقدون أن الهيئة السليمة تعكس التفاؤل والثقة بالنفس، في حين تعكس الإعاقة انعدام أو قلة الثقة في النفس وضعف الشخصية والظهور بمظهر التعب الدائم.

أبرز القائمون على البحث أن الدراسات التي أجريت على فئة المعاقين في تشخيص واكتشاف المشاكل النفسية والاجتماعية لديها، كالإحساس بالفشل واحتقار النفس، تؤدي إلى الانطواء والعزلة الدائمين، إضافة إلى العديد من المشاكل الأخرى. وخلص الفريق إلى التأكيد على أن النشاط البدني والرياضي يعد أحد أهم الوسائل التي تلعب دورا إيجابيا وفعالا في ترقية الجانب الصحي والنفسي والاجتماعي للفرد بشكل عام، والمعاق بشكل خاص، مما يعني أن تعزيز ممارسة الرياضة عند ذوي الإعاقة، يساعدها حتما  على التكيّف مع إعاقتها وتحقيق اندماجها اجتماعيا.

تحقيق التميّز للمعاقين

في السياق، ترى دراسة لفريق بحث يتكون من ثلاثة أساتذة باحثين من جامعتي الجزائر ”3” والمسيلة، أن ممارسة الأنشطة البدنية والرياضية تساهم بشكل كبير في التقليل من السلوكيات العدوانية للرياضيين المعاقين حركيا، من خلال التعرّف على العلاقة التي تربط بين ممارسة النشاط الرياضي وسلوك الرياضي المعاق حركيا، حيث بينت دراسة أجريت في هذا الصدد، أهمية النشاط البدني الرياضي من حيث الدور الذي يلعبه في إعادة التنظيم الشامل للرياضيين المعاقين حركيا، وتنمية المهارات العقلية والمفاهيم الضرورية والكفاءات النفسية الاجتماعية، ومحاولة الحصول على المعرفة أكثر فيما يتعلّق بمختلف التغيرات التي تطرأ على هذه الفئة خلال وبعد ممارسة الرياضة.

اعتمدت الدراسة على عينة شملت 15 مدربا و30 لاعبا على مستوى أندية الشرق الجزائري، وعلى المنهج الوصفي، من خلال استعمال الاستبيان كأداة لدراسة البحث، وخلصت إلى التأكيد على أن ممارسة الرياضة تلعب دورا هاما في التقليل من السلوكيات العدوانية للرياضيين المعاقين حركيا.  طالبت الدراسة بأهمية توفير وسائل الاكتشاف المبكر لحالات الإعاقة المبكرة من طرف الوزارات المختلفة أو الجمعيات، والعمل على تكوين فرد سليم يندمج مع المجتمع، رغم الإعاقة، من خلال تحسين قدراته الرياضية أو الفكرية أو الإبداعية.

كما يعتقد فريق بحث آخر من جامعة بومرداس، أن التربية البدنية والرياضة نظام تربوي له أهدافه التي تسعى إلى تحسين الأداء الإنساني العام من خلال الأنشطة البدنية المختارة، كوسيط تربوي يتميز بخصائص تعليمية وتربوية مهمة، حيث يشير الأستاذان محمد الوليد ومصطفى ولد حمو في بحثهما، إلى أن الرياضة لها دور رئيسي في المجتمع بكل مؤسساته وأنظمته،  ولا يستطيع أي نظام آخر أن يقدم هذا الدور في تنشئة الفرد تنشئة سليمة. كما أوضح فريق البحث أن الرياضة تساهم بشكل كبير في التقليل من السلوكيات العدوانية لدى فئة الأحداث الذكور بالمراكز المتخصصة بهذه الفئة، ودعا إلى أهمية وضع برامج تتضمن مزاولات لمختلف الأنشطة، منها الترويحية، التنافسية، الوقائية والعلاجية، للحد من هذه السلوكيات داخل المراكز، مما يساهم في التنشئة الاجتماعية للأفراد وتحسين سلوكهم مستقبلا.

الممارسة للإحساس بالحرية

أما فريق بحث آخر من جامعة بسكرة، وعن مداخلة حول دور الرياضة في الرفع من مستوى الصحة النفسية والجسمية لدى التلاميذ المعاقين المتميزين، فقد أشار إلى أن الرياضة إذا كانت مهمة بالنسبة للطفل الطبيعي، فهي أكثر أهمية بالنسبة للطفل المعاق الذي يشعر دائما بالعجز والضعف نتيجة إعاقته، لذلك فإن دراسات وبحوثا بيّنت الآثار الإيجابية للرياضة على الصحة النفسية لدى المعاقين ممن يمارسون أنشطة رياضية، حيث تسمح لهم هذه الممارسة بالإحساس بالحرية وسمات إيجابية أخرى تساعدهم على تنمية قدراتهم والتغلب على الإعاقة، بما يساهم في انخراطهم بسرعة وتحقيق الصحة النفسية والجسمية على حد سواء. وخلص فريق البحث إلى التأكيد على أهمية الرياضة في مساعدة ذوي الإعاقة على استعادة توازنهم، وتأهيل جسدي ونفسي يجعلهم متميزين عن باقي الأطفال المعاقين ممن لا يمارسون الرياضة.

في هذا الصدد، استنتج فريق بحث آخر من جامعة البويرة، في مداخلة بعنوان أثر برنامج الأنشطة البدنية والترويحية على مفهوم الذات للأطفال ذوي الإعاقة العقلية، على ضوء دراسة عينة من 20 طفلا معاقا ذهنيا على مستوى المركز النفسي البيداغوجي بولاية البويرة، أن الأنشطة البدنية الترويحية تؤثر على مستوى مفهوم الذات لدى الأطفال ذوي الإعاقة العقلية، من خلال وجود فروق دالة إحصائيا بين القياس القبلي والبعدي لعينة الدراسة، ودعا فريق البحث على ضوء ذلك، إلى الاهتمام بالأنشطة البدنية والرياضية بصيغتها الترويحية لذوي الاحتياجات الخاصة، لانعكاسها عليهم إيجابا في عدة مجالات بدنية اجتماعية أو نفسية معرفية.

كما اتفق المتدخلون في الختام على القول، إن إحساس الفرد المعاق بقدرته على الإنجاز يعطيه شعورا بالثقة في النفس، كما تنمو لديه الجرأة ويمنحه إحساسا بالتميز، فيبدو فخورا وسعيدا بين أقرانه بما قد يحقّقه، حيث أن الحاجة للإنجاز والتفوق عند فئة ذوي الاحتياجات الخاصة تأتي نتيجة حرمانها من شيء معين، بالتالي ينشأ لديها دافع يعبأ بطاقة كامنة توجه سلوكها من أجل الوصول إلى التميز، شريطة أن تمنح لهذه الفئة الوسائل والتوجيهات للوصول إلى صناعة تميّزها في شتى المجالات، وهذا كفيل بتشجيعها على تخطي الإعاقة بكافة أشكالها، لوجود مفهوم الذات الإيجابي وتخطي مرحلة العجز وبولوغ الاستقلالية بالتغلب على العقبات، إلى جانب بلوغ معايير الامتياز..