تقارير طبية تحذر من الفيروسات الموسمية

خبراء الصحة يؤكدون على الالتزام بالتدابير الوقائية

خبراء الصحة يؤكدون على الالتزام بالتدابير الوقائية
  • 292
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

تتغير ملامح المواسم وما يصاحبها من حالات صحية مع كل سنة، وما يشهده العالم خلال هذه الفترة يشير إلى أن الأنفلونزا الموسمية لهذا الشتاء، قد تعود بقوة أكبر مما اعتدنا عليه في السنوات العشر  الأخيرة، حسب عدد من التقارير الطبية العالمية التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي، هذا التوقع  يثير الكثير من القلق وحتى الأسئلة، حول أسباب ارتفاع شدة العدوى المحتملة، وكيف يمكن للأفراد حماية أنفسهم وأسرهم، خاصة في وقت لا تزال فيه ذكريات جائحة كورونا حاضرة في الأذهان، ففهم طبيعة هذه العدوى الموسمية وظروف انتشارها يساعد على التعامل معها بوعي أكبر وبسلوك وقائي فعال، لاسيما في ظل كثرة المعلومات المتداولة والمثيرة للهلع.

ومع عودة الفيروسات الموسمية للنشاط بعد فترة من الانحسار أثناء جائحة كورونا، وبالمقابل تراجع الناس عن الالتزام بالإجراءات الوقائية، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل سنوات قليلة،  تبدو الحاجة إلى توضيح طبي أكثر إلحاحا خلال هذه السنة، خصوصا وأنه لا يجب دائما التعامل مع الأنفلونزا كحالة موسمية اعتيادية، بل كظاهرة صحية مرشحة للتصاعد في ظل تغيرات سلوك الفيروسات والمجتمع معا، فالتراجع الملحوظ في عادات الوقاية اليومية، وعودة التواصل الاجتماعي المكثف، وتداخل الفصول المناخية بصورة غير منتظمة، كلها عوامل ترتبط مباشرة بقدرة الفيروس على الانتشار السريع وعلى أنه قادر أن يكون أكثر قوة من أي فترة مضت.

هذا الموضوع كان محور حديث "المساء" مع الطبيبة المنسقة العامة، لدى مصلحة الطب الجواري ببلدية برج الكيفان، نادية مزنان، التي أوضحت أن التوقعات بارتفاع قوة العدوى ليست مجرد توقعات أو حديث لتهويل المجتمع، بل هو احتمال قوي الوقوع بسبب دراسة سلوكيات الفيروسات، خصوصا فيروس الأنفلونزا الموسمية، وهي نتيجة متابعة دقيقة لما جرى خلال السنوات الماضية، خصوصا بعد تجربة العالم للازمة الصحية التي أعاقت الحركة العالمية تماما، بسبب "كوفيد 19"، وما توالت من متغيرات ومتحورات لذلك الفيروس.

أوضحت مزنان، أن الفيروسات الموسمية تراجعت خلال فترة كورونا بفضل السلوكيات الوقائية التي تم تبنيها خلال تلك الفترة ولسنوات متتالية، كارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي وإغلاق الفضاءات العامة، ما قلل من تعرض الجهاز المناعي لها، لكن مع زوال تلك الإجراءات، وجد الفيروس من جديد مجتمعا أقل مناعة، وهو ما يفسر احتمال عودته بقوة هذا الموسم، مضيفة أن التقلبات المناخية المفاجئة ساعدت أيضا في تنشيط العدوى بشكل أكبر.

أوضحت الطبيبة مزنان، أن التوقعات الطبية التي تشير إلى شدة أكبر هذا الموسم ليست مجرد تخمينات، بل تستند إلى معطيات واقعية، وهي دراسات ترتبط بالمناعة التي يمكن ان تقوى عند تعرضها التدريجي” لفيروسات يمكن أن تحاربها ببطء، لكن وخلال السنوات العشر الأخيرة، خاصة خلال فترة كورونا، عمل المجتمع على وقاية نفسه بشدة، الأمر الذي يحمي الذات، لكن في آن واحد يهدد بتراجع قوة المناعة، مما يزيد من فرص انتشار أوسع وشدة أعلى للأعراض وهذا الأمر كان متوقعا عندما تم الزام المجتمعات في احترام تدابير الوقاية وعدم تعريض النفس  للخطر، لكن لم يكن هناك سياسة وقائية بديلة لتفادي الاصابة بالفيروس آنذاك. 

وعن خطورة الأنفلونزا الموسمية هذا العام، تؤكد مزنان، أن الخطورة لا تأتي فقط من شدة الفيروس، بل من الاستهانة به، وقالت: “على الرغم من أن الانفلونزا مرض شائع معروف، إلا أن مضاعفاته قد تكون خطيرة لدى كبار السن والحوامل والمصابين بالأمراض المزمنة”، مشيرة إلى أن ما يميز هذا الموسم هو احتمال ارتفاع عدد الحالات التي قد تتطلب متابعة طبية، خاصة مع التشابه بين أعراض الانفلونزا وبعض الإصابات الفيروسية الأخرى.

وما يتعلق بفيروس كورونا، فترى نادية مزنان أنه لا يمكن القول إن تهديداته انتهت تماما، بل أصبح جزءا من الفيروسات المنتشرة التي يمكن التعامل معها واحتواؤها، ولم يعد من الفيروسات التي تتطلب وضع الطوارئ العالمي كما كان، لكن بالرغم من ذلك، فإن الوقاية لا تزال مهمة، لأن الفيروس ما زال موجودا وقد تظهر متحورات جديدة، لذلك يبقى الحرص واجب على كل فرد لحماية نفسه من الإصابة.

وشددت مزنان على ضرورة الالتزام ببعض التدابير طيلة الموسم، خصوصا ما يتعلق بالنظافة الشخصية، لاسيما غسل اليدين بانتظام، وتجنب الأماكن المزدحمة قدر الإمكان، واستعمال الكمامة عند ظهور أعراض، والحرص على التهوية الجيدة، إضافة إلى التطعيم الموسمي خاصة للفئات الأكثر عرضة، الحوامل كبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة، وتؤكد أن الفرد يستطيع تقليل احتمال الإصابة بشكل كبير إذا التزم بهذه الإجراءات البسيطة، وأن الوعي هو السلاح الأهم في مواجهة أعدوى موسمية، ومشددة على ضرورة الابتعاد عن سلوك التداوي الذاتي، بل استشارة مختص، وحتى الطبيب العام المرخص لوصف علاج مناسب حسب الحالة الصحية.