إحياء لليوم العالمي لمكافحة "الآيدز"

حملة تشخيص الداء بجامعة بومرداس تلقى إقبالا ملحوظا

حملة تشخيص الداء بجامعة بومرداس تلقى إقبالا ملحوظا
يوم تحسيسي حول داء "السيدا" بمعهد الهندسة الكهربائية والإلكترونيك في جامعة "أمحمد بوقرة" حنان.س
  • القراءات: 988
❊ حنان.س ❊ ❊ حنان.س ❊

نظمت مديرية الصحة والسكان، بالتنسيق مع المؤسسة العمومية للصحة الجوارية لولاية بومرداس، أول أمس، يوما تحسيسيا حول داء "السيدا" بمعهد الهندسة الكهربائية والإلكترونيك في جامعة "أمحمد بوقرة"، تم خلاله إجراء تشخيص مبكر للداء، لقي إقبالا من طرف الطلبة من الجنسين، وسط استحسان المنظمين، كون التوعية بالداء بدأت تؤتي ثمارها.

خضع قرابة 60 شخصا من الجنسين من طلبة وعمال معهد الكهرباء والإلكترونيك لتحليل خاص بداء "السيدا"، وقالت المديرة المكلفة بالهياكل والأنشطة الصحية بمديرية الصحة، فتحية لاليام، إن هدف هذه التظاهرة يتمثل في إجراء تشخيص مبكر للداء وسط الطلبة وعمال المعهد، تحسبا لإحياء اليوم العالمي لمكافحة "الآيدز" المصادف للفاتح ديسمبر من كل سنة. اعتبرت استهداف الطلبة جيدا باعتبارهم سيدخلون عالم الشغل فور تخرجهم، حيث جاء تنظيم التظاهرة بالتنسيق مع ممثلي المكتب الولائي للاتحاد الوطني للعمال الجزائريين، وتقول "قررنا مؤخرا أن تخرج فرق تشخيص داء السيدا إلى الميدان بحثا عن فئات مستهدفة، ومنها الطلبة الجامعيين، حيث أن مركز التشخيص الطوعي والمجاني للداء لا يسجل إقبالا كبيرا لفحص الداء، لذلك فإن التقرب الميداني من فئات معينة لإجراء التشخيص هو أحسن حل في مثل هذه الحالات".

حملات التشخيص المبكر أحسن وقاية

من جهتها، تقول مديرة الموارد البشرية بالمؤسسة العمومية للصحة الجوارية، حياة بوحالو، أن حملات التشخيص التي تنظم بين الفينة والأخرى حول أي مرض تؤتي نتائج ملحوظة، عكس انتظار الأفراد كي يتقدموا طوعا لبعض الهياكل الصحية لإجراء أي فحص أو تشخيص، وقالت إن الإعلان عن إجراء حملة لتشخيص داء "السيدا" من قبل لا يقابله تقدم طوعي للأشخاص من أجل ذلك، خلافا لما سجل خلال الحملة المنظمة بمعهد الكهرباء والإلكترونيك، أول أمس، وأرجعت وعي الأفراد بالداء إلى حملات التوعية المنظمة طوال سنوات "وهو أمر جيد، حيث تم كسر الطابوهات التي كانت تحيط بداء السيدا في مجتمعنا، بالتالي فإن الإقبال على إجراء التشخيص الطوعي عن الآيدز من طرف الشباب أمر لم نكن نراه من قبل، ونحن نعمل على إعداد برنامج خاص لتشخيص الداء باستهداف فئات أخرى من دعم الوقاية وسط السكان".

اليوم الإعلامي التحسيسي حول داء السيدا بالمعهد، لقي تجاوبا من طرف الطلبة الذين استفادوا من الشرح المقدم حول طرق انتقال الداء، حيث قالت منى، طالبة في السنة أولى تخصص كهرباء وإلكترونيك، إنها سمعت عن "الآيدز" عبر دروس سابقة لها في الطورين المتوسط والثانوي، معتبرة تلقي شرح واف عنه من طرف أطباء أحسن بكثير من درس يلقى أو يحفظ. بينما قالت زميلتها إسراء، إن تنظيم أيام توعوية حول "الآيدز" أو أمراض أخرى أمر جيد، خاصة أنها تسمح للشخص بالاستفسار عن الموضوع والاستماع لكل الأسئلة المطروحة بشأنه، مع تلقي إجابات من طرف المختصين تعود بالفائدة على الجميع.

من جهته، قال إسلام، السنة الثانية في نفس المعهد، إن الفضول هو الذي دفعه إلى حضور المحاضرات التي قدمت حول "الآيدز"، موضحا أنه استفاد من جملة النصائح المقدمة لتفادي انتقال العدوى، التي أكد بشأنها أنه كان يجهل طرق انتقال الفيروس عن طريق استعمال شفرات حلاقة خاصة بشخص آخر قد يكون مصابا، فينتقل الفيروس إليه، وغيرها من طرق انتقال العدوى الأخرى، حيث كان يعتقد أن العلاقات الجنسية المتعددة هي فقط وراء انتقال الفيروس.

إقبال على إجراء التشخيص

خلال نفس التظاهرة، اصطف عشرات الطلبة الشباب وبعض عمال جامعة بومرداس في طابور طويل، من أجل أخذ عينة من دمهم وإجراء أربعة تحاليل خاصة بـ«اش.اي.في-سيدا"، هذا الأمر خلف نوعا من الاندهاش وسط عمال الصحة المنظمين، حيث لم تخلف حملات سابقة نفس الأثر ولم تسجل إقبالا يذكر. حسبما تشير إليه الدكتورة حورية مزوان، طبيبة منسقة بالمؤسسة العمومية للصحة الجوارية "الشهيد محمد بويحياوي"، قالت لـ«المساء"، جاء هذا الأمر نتيجة عشرات الحملات واللقاءات التحسيسية التي نظمت لسنوات متتالية، مبدية استحسانها بخصوص فك عقدة الشباب من داء السيدا، أي كسر الطابو والإقبال طوعا من أجل إجراء تشخيص "السيدا".

في الموضوع، حدّثنا حسين (23 سنة) طالب في نفس المعهد، مؤكدا أن لديه معلومات حول "السيدا"، وأنه لم يجر من قبل فحصا خاصا بالداء، مرجعا ذلك إلى "ضيق الوقت.. والاهتمام كذلك.. اليوم لما أتيحت لي فرصة إجراء فحص طوعي لم أتردد، لأن الوقاية تبقى دائما خير علاج"، يقول الشاب مضيفا "داء السيدا قد يكون خلايا نائمة لدى المصاب به، إذا كان يجهل إصابته فإن الداء سيقضي عليه، فما الذي يمنع من إجراء تشخيص ومتابعة العلاج بما أنه متوفر وبالمجان.. لذلك أدعو كل شخص ليس من أجل إجراء تشخيص "الآيدز" فحسب، وإنما للاهتمام بالصحة عامة وإجراء فحص وتشخيص كل ستة أشهر".

حسين أجرى فحص "الآيدز"، وخضع لأربعة تحاليل متخصصة، وكانت النتيجة سلبية، تماما مثلما حدث مع يونس (22 سنة) الذي اعترف بأنه "مجرد الحديث عن إجراء تشخيص حول السيدا، يقشعر بدني، لأنني أعرف ما هو الداء وأنه داء العصر ويؤدي بحياة المصاب به، لكنني تشجعت لأنني واثق من نفسي، والحمد لله النتيجة كانت سلبية". وبالمثل أكد من جهته الطالب محمد الأمين (22 سنة) أن ثقته بالنتيجة السلبية جعلته يتقدم طوعا لإجراء التحاليل، وهو ما تأكد منه لما كانت النتيجة سلبية بعد دقائق من إجراء الفحص، معتبرا أن إجراء الفحص والتحاليل يسهل على الأشخاص إجراء تحاليل حول عدة أمراض أخرى..

قرابة 60 فحصا وحملة جديدة قريبا

أكدت الدكتورة مزوان أن حملة التشخيص بمعهد الكهرباء والإلكترونيك التي دامت يوما واحدا، سمحت بتسجيل قرابة 60 تشخيصا، وبالضبط 58 حالة، منها 16 امرأة، وشملت الفئة العمرية 18-58 سنة، حيث استهدفت الطلبة وعمال الجامعة.

واعتبرت الطبيبة أن مجرد تحقيق هذا العدد في يوم واحد "رائع، لأننا لم نكن نسجل إقبال أية حالة من قبل، لأن كلمة "سيدا" لوحدها كانت كافية لإبعاد الناس عنا، بينما اليوم وكما تلاحظون، هناك إقبال واسع يجعلنا نفكر في تنظيم حملة تشخيص أخرى لفائدة نفس الشريحة في الأيام القليلة القادمة"، تقول الدكتورة مزوان، مرجعة سبب عدم إقبال الناس طوعا إلى مركز التشخيص الكائن بمدينة بومرداس لإجراء فحص "الآيدز"، بعدم تحقيق نتائج كبيرة، وكما يدل عليه الاسم فإن التحليل يكون طوعا، والأشخاص لا يطلبون إجراء هذا التشخيص إلا نادرا رغم أنه مجهول، أي لا يقيّد هوية صاحب التحليل، طبعا التحاليل المتخصصة تجرى لكل المقبلين على الزواج، وأحيانا لمن يرغبون في الهجرة إلى بعض الدول الغربية التي تطلب إجبارية إجراء هذا التشخيص.

من جهة أخرى، كشفت المتحدثة عن أن حملات تشخيص "الآيدز" تقام ثلاث مرات سنويا منذ عام 2016، وأحصيت حالة إصابة واحدة بالمصل الإيجابي في ماي 2018 لشاب في الـ28 سنة من عمره، وهو ما جعلها تؤكد أنه لابد من تنظيم حملة أخرى أكثر استهدافا، أي مسّ جمهورا آخر ويتعلق بعمال الجنس والشواذ والمدمنين ممن يستعملون الحقن، هؤلاء تحديدا ـ تقول- من الممكن تسجيل حالات مصل إيجابي لديهم بالنظر إلى توفر عوامل انتقال فيروس "اش.اي.في" لديهم.

بومرداس.. ولاية نموذجية

قالت منسقة المخابر بالمؤسسة العمومية للصحة الجوارية، ليلى مقراني، وهي منسقة المكتب الولائي للاتحاد العام للعمال الجزائريين وعضو الفدرالية الوطنية للعمال، إن ولاية بومرداس تعتبر نموذجية في مجال التحسيس والتوعية حول "الآيدز" في الوسط العمالي، وقالت لـ«المساء"، على هامش نفس التظاهرة، بأنه تم منذ عام 2015، تحسيس أزيد من خمسة آلاف عامل من قرابة 2000 مؤسسة حول داء "السيدا"، وجل العمال أجروا تشخيصا حول الداء بفضل مصلحة طب العمل والاتفاقيات المبرمة بين المؤسسات والهياكل الصحية المختلفة، مما جعلها تؤكد أن هذه المصالح تعتبر بمثابة مفتاح التوعية والتحسيس ضد العديد من الأمراض، حيث يمكن اعتبارها نموذجية لإجراء بعض الدراسات المتخصصة، وأبرزت أن عالم الشغل عبارة عن شريك فعال لعدة قطاعات، ومنه قطاع الصحة،  بفضل الأيام التحسيسية حول مختلف المواضيع، وسهولة استهداف شريحة العمال، وهو ما جعلها تثمن تنظيم حملة التشخيص بالجامعة كون الطلبة هم عمال الغد.