قادها شباب بالجلفة

حملات تنظيف واسعة بالأحياء ورسم جداريات معبرة

حملات تنظيف واسعة بالأحياء ورسم جداريات معبرة
  • القراءات: 3483

أخذ العديد من الشباب بولاية الجلفة زمام المبادرة بكل نشاط وحيوية، من خلال المساهمة في تنظيف المحيط عبر عدد من أحياء المدن الكبرى، لاسيما في الولاية التي تزينت بجداريات معبرة وتترجم الآفاق البعيدة التي يطمح إليها هؤلاء، كانت البداية في الأيام القليلة الماضية على مستوى محطة النقل الجامعي بحرم جامعة "زيان عاشور"، حيث قام العديد من الطلبة ذكورا وإناثا، بحملة نظافة واسعة غيرت المكان الذي كان مشوها، إذ رسم هؤلاء ملمحا جماليا متميزا بفضل سواعدهم، ولم ينل منهم التعب بفضل تكاثفهم وتعاونهم لتجسيد فعل حضاري بامتياز.

وسط مدينة الجلفة، أخذ عدد من أعضاء الجمعية الولائية فكرة النموذج الحضاري، فقاموا بتنظيم المحيط عبر الساحة العمومية الإدارية محمد بوضياف، وأبدعت ريشتهم الفنية في رسم جدارية زينتها الراية الوطنية وصورة لشباب التحدي، يلوح فكره في آفق مشرق ويحاول السمو بطموحاته إلى غد أفضل.

بدأت هذه الأفكار تتجسد، لاسيما تنظيف المحيط وخلق مبادرات جماعية في  رص الصفوف الشبانية، من خلال ما أفرزه الحراك الشعبي السلمي من التحام للفئة الشبانية، وتفكيرها المستمر في التغيير المنشود حتى على  المستوى المحلي، من خلال القضاء على الكثير من المظاهر التي تشوه المدينة، حسبما أجمع العديد من أصحاب هذه المبادرات المتميزة، في الوسط الحضري.

كشف الطالب زكريا محي الدين، الذي يدرس بجامعة "زيان عاشور" تخصص علوم وتكنولوجيا، عن أن مبادرة التنظيف على مستوى الجامعة "لم تأت صدفة بقدر ما كانت نابعة من محاولة تغيير بسيط للذهنيات، ومسايرة الحراك الشعبي بفعل حضاري ينم في داخلنا، ونستطيع أن نغيره على مستوانا لنكون نموذجا يقتدى به في مثل هذه السلوكيات الراقية".

نظرا لنجاعة هذه الفكرة - التي يقول أصحابها أنها نابعة من حب الوطن والتمسك بمبادئه الراسخة التي تسمو فيها راية الشهداء- فقد التف حولهم الشباب ممن كان في بادئ الأمر مشاهدا، ليجد نفسه طرفا في عملية تنظيف المحيط وتزيين المظهر العام للمدينة.

أكد رئيس جمعية "فكرة"، قاسم كمال، بأن هذا العمل التطوعي ليس له ارتباط بالحراك الشعبي بقدر ما هو تقليد دأبت عليه منذ تأسيسها حديث العهد، حيث تقوم برسم جداريات على مستوى مرافق قطاع الصحة ومؤسسات التربية، مشيرا إلى أن الهدف من ذلك، تزيين المحيط ومحاولة الابتعاد بالشباب من مختلف الآفات الاجتماعية التي تحاصره، ورسم صورة مشرقة للأجيال الصاعدة.

للإشارة، لم تقتصر هذه المبادرات على الولاية بقدر ما نظمت هذه الأيام  مثيلاتها عبر عدد من البلديات، كما هو الحال بعين وسارة ودار الشيوخ ومسعد.

الهبة لتنظيف الأحياء ورسم الجداريات تجسد روح العمل الجماعي

اعتبر الأستاذ والباحث في علم الاجتماع الدكتور لعمري الحاج، بجامعة "زيان عاشور"، أن هبة الشباب لتنظيف الأحياء وأكثر من ذلك، بعث السلوكيات الحضارية وسط مجتمعهم من خلال رسم الجداريات المعبرة، فعل يرسم في فحواه (بالنسبة لعلم الاجتماع)، ما يسمى بروح العمل الجماعي، فتتشكل المجموعات وتتوسع أكثر، وهو بمثابة تدحرج كرة الثلج التي سرعان ما تكبر.

أضاف الجامعي أن قضية العمل التوعوي وحملات النظافة والتأريخ لمراحل معينة، تشكل ظاهرة ضمن ما يطلق عليه في علم الاجتماع بـ«العناد الإيجابي"، وهي ظاهرة "جزائرية بامتياز، فمثل هذه المبادرات أسس لها من طرف شاب واحد لتتوسع ويصبح لها صدى هنا وهناك، كما هو الحال في الجلفة التي هي قطعة من الجزائر، تفاعل شبابها بمثل هذه الظواهر المجتمعية".

عزز الدكتور لعمري رؤيته العلمية بقوله، إن المجتمع أو الشباب يجنح لظواهر معينة، فمثلا من بين هؤلاء الذين لا يستطيعون الخروج إلى المسيرات والحراك الشعبي (بالنسبة للظرف الحالي)، يشاركون بأشياء جميلة أخرى ويجسدونها في أفكار تترجم سلوكياتهم الحضارية، كما هو الحال بالنسبة لنظافة المحيط أو رسم الجداريات التي تعبر من جانبها عن المكنون الموجود في ذاته، وتوصيل أفكاره ويجسدها بطريقته الخاصة، على غرار من يستعملون منصات التواصل الاجتماعي ومن يخطون أفكارهم في كتب أو مقالات معبرة.

أشار نفس الباحث، إلى أن الرسم على الجدران ظاهرة إيجابية ومدعاة للافتخار، مبرزا أن رسم الجداريات سبقتها ظاهرة الكتابة على الجدران، التي تعتبر أداة للتعبير عن الأفكار والآراء السياسية، وساهمت في كسر طابوهات ظواهر اجتماعية مسكوت عنها.

كما قام شباب آخرون بادروا في مدينة الجلفة إلى تنظيم حملة تشجير مؤخرا، في مساحة جد متدهورة من غابة "سن لبا" التي تبعد عن مدينتهم ببضع كيلومترات، حيث قاموا بغرس 1000 شجيرة في مساحة تقارب الهكتارين، وهو فعل حضاري لاقى استحسانا كبيرا من طرف المواطنين، لاسيما محبي البيئة والمهتمين بالطبيعة.

تضاف هذه الحملة التي قام بها "نادي الدرجات الجبلية" لعمليات تطوعية أخرى يقومون بها في كل مرة بعمل جماعي متواصل، ليس له أية علاقة بأي جانب، عدا التقائهم من خلال اتصالهم المباشر أو على منصات التواصل الاجتماعي، للخروج ميدانيا في سبيل اكتشاف المناطق والحفاظ على المحيط، من خلال غرس ثقافة بيئية سليمة.