الأستاذ محمد بن مدور باحث في التاريخ:

"حمام شعبان" تقليد يحمل الكثير من المغالطات

"حمام شعبان" تقليد يحمل الكثير من المغالطات
  • القراءات: 736
رشيدة بلال ـ تصوير مصطفى/ع رشيدة بلال ـ تصوير مصطفى/ع
نفى الأستاذ محمد بن مدور، باحث في التاريخ اعتبار الحمام من بين التقاليد التي يتم استحضارها في شهر شعبان بالمعنى الذي يجري تداوله اليوم، قائلا إن حمام شعبان مفاده تخلص الناس من كل ديونهم الدينية سواء كانت أياما يقضيها أو دينا عالقا، واستقبال شهر الصيام بنفس جديد كمن يخرج من الحمام نظيفا».
وقال بمناسبة نزوله ضيفا على جريدة «المساء» إن هنالك الكثير من المغالطات اليوم التي أصبحت تردد وتدرج على أساس أنها تقاليد، الأمر الذي يعطي صورة سيئة عن الطريقة التقليدية التي كان يعيش فيها المجتمع الجزائري وتحديدا سكان القصبة، وبحكم أننا في شهر شعبان، نغتنم الفرصة من أجل تحديد جملة من العادات والتقاليد التي ارتبطت بهذا الشهر وتصحيح بعضها، وأول ما ينبغي التأكيد عليه أن هذا الشهر يوصف على أنه شهر التحضيرات لاستقبال الشهر الفضيل، وبالرجوع إلى سكان القصبة وتحديدا في الفترة الاستعمارية، نجد أن النسوة كن يحرصن في هذا الشهر الفضيل كل الحرص على اقتناء آنية جديدة وحبذا لو كانت قدر من الفخار لإعداد الشوربة ، وهو تقليد كانت النسوة تحرص عليه ويمثل مرحلة انتقالية تتطلب الطبخ في كل ما هو جديد وإلى جانب القدر ، كان يشترط أيضا طبخ الشوربة على "النافخ" الذي كان هو الآخر يجري تنظيفه وتحضيره لشهر رمضان، فلا يخفى عليكم أن شوربة رمضان فيما مضى كانت يشرع في طبخها ابتداء من الساعة السادسة صباحا لتقدم وقت الإفطار مجمرة كما يجب».
ومن بين التحضيرات التي كانت النسوة تحرص عليها خلال شهر شعبان أيضا، "تجيير" مداخل الدويرات والأماكن التي يجري الطبخ فيها، وكان الفعل لا يقتصر على المنزل والأماكن المحاذية له، بل يمتد إلى الأزقة ويصل حد العين المزوقة الموجودة بالقصبة.
وأكد الأستاذ ابن مدور أن الحكمة من عملية «التجيير» كانت تتمثل في نشر نوع من التعاون بين أفراد الحي الواحد، وكان فرصة أيضا لوضع النزاعات جانبا وتصفية القلوب، وعلى العموم هذا التقليد لا يزال مطبقا لدى بعض الأسر، وهو أمر إيجابي لأنه يحافظ على بعض التقاليد التي تسير اليوم في طريق الاندثار.
الحرص على توفير كل ما يتطلبه الشهر الفضيل من العولة يقول الأستاذ ابن مدور كان يدفع أيضا بعض النسوة إلى إعداد بعض الحلويات في شهر شعبان، ومنها حلوى الطابع، الغريبية والقطايف لسبب بسيط، وهو انشغالهن في رمضان بتحضير الإفطار والتعبّد، وبالتالي قد لا يتفرغن لإعداد الحلويات. ومن التقاليد التي لا نجدها اليوم للأسف الشديد حسب محدثنا، والتي تعتبر أيضا من العادات التي تبناها سكان القصبة فهذا الشهر التجول بين الدويرات والبحث عن الفقراء والمحتاجين ليتم التكفل بإفطارهم خلال الشهر الفضيل، حيث كان يتم توكيل أمرهم إلى الجار أو مساعد الزاوية أو شيخ البلاد. وباعتقادي يقول «إن مثل هذه الأمور هي التي جعلت شهر شعبان يوصف على أنه الشهر الأكثر ثقلا بين الشهور بالنظر إلى حجم الأعمال التي تنجز فيه، دون أن ننسى أن من بين الأمور الروحية التي ارتبطت به هي سعي كل الناس إلى تذكر ديونهم سواء تمثلت في نقود، صيام أو خصومات لقضائها قبل حلول شهر الصيام».
وفي رده على سؤالنا حول تقليد «تحميمة» شعبان التي ترتبط هي الأخرى بهذا الشهر، أكد الباحث ابن مدور أنه لا يوجد مطلقا ما يسمى بحمام شعبان بالمعنى الذي يجري تداوله اليوم بين الناس، أي التوجه إلى الحمامات الشعبية والاغتسال استعدادا لصيام الشهر الفضيل. وبالرجوع إلى التقاليد التي ارتبطت بالحمامات الشعبية بالقصبة العريقة، نرى أن الحمامات كانت تقصد إما من طرف العروس التي تستعد لعقد قرانها، أواحتفالا بعيدي الفطر أوالأضحى، حيث كانت العائلات قديما تقوم بتأجير الحمام 15 يوما قبل حلول العيد، وخارج هذه المناسبات الدينية ليس هنالك أي ارتباط بين شهر شعبان والحمامات وكان يقصد بحمام شعبان أن كل أفراد المجتمع مطالبون بتنظيف أنفسهم من أي نوع من الديون ليستقبلوا شهر رمضان بنفس جديد ومن دون أي التزامات ومن هنا أخذ حمام شعبان هذه التسمية.