يتميز بخصائص علاجية وتجميلية

حمام «فراكسة» قبلة العائلات الباحثة عن العلاج الطبيعي

حمام «فراكسة» قبلة العائلات الباحثة عن العلاج الطبيعي
  • القراءات: 10860
استطلاع: كريم.ب استطلاع: كريم.ب

تحوّل الحمام المعدني الطبيعي «الفراكسة» ببلدية الهاشمية في البويرة، إلى قبلة مفضلة للعديد من المرضى الباحثين عن التّداوي الطبيعي بالمياه المعدنية ذات نسبة ملوحة معتدلة، وكذا الاستمتاع بيوم حافل وسط مناظر طبيعية خلابة، بعيدا عن ضوضاء المدينة، وصخب العيش في المدن الحضرية.

التوجه صوب الحمام الطبيعي المعروف محليا باسم «الفراكسة» ليس بالأمر الصعب، مرورا عبر الطريق السريع المؤدي إلى ولاية البويرة باتجاه الهاشمية، تلك البلدية مترامية الأطراف التي تملك مقومات فلاحية كبيرة وكذا حماما طبيعيا زادها شهرة وأكسبها الكثير من الزوار الباحثين عن العلاج الطبيعي بالمياه المعدنية، وكذا اكتشاف بعض المناظر الطبيعية العذراء قبل الوصول إلى الحمام الطبيعي الذي يتواجد بين مرتفعات جبلية.

 

منعرجات خطيرة زادت من خطورتها شاحنات المحاجر

السير عبر الطريق المؤدية إلى الحمام الطبيعي «الفراكسة»، تحفه الكثير من المنعجرات الخطيرة لأن المنطقة جبلية والسير عبر مسالكها يتطلب الكثير من الحيطة والحذر، لاسيما أن المنطقة تتواجد بها العديد من المحاجر والمرملات وكثيرا ما يرتبط نشاط المحاجر بتواجد شاحنات الوزن الثقيل، هذه الأخيرة التي كثيرا ما تعيق حركة سير السيارات النفعية ذات النوع الخفيف، لكن السّير عبر الطريق قد يحمل الكثير من المتعة وسط مناظر طبيعية عذراء، من غابات صغيرة لأشجار الصنوبر، هذه الأخيرة باتت محل استقطاب عشرات العائلات الباحثة عن السكينة والهدوء، مفضلة تناول وجبة غذائية وسط ديكور طبيعي.

 

حظائر عشوائية تكرس الفوضى

بعد أقل من ساعة من دخول تخوم، بلدية الهاشمية، يمكنك الوصول إلى الحمام الطبيعي «الفراكسة» الذي تجمعت من حوله بعض العائلات التي فضلت التموقع بالمنطقة، وممارسة بعض النشاطات الحرفية التي قد تنتعش مع تواجد العائلات لزيارة الحمام المعدني الطبيعي، مع وجود مدرسة ابتدائية تضمن التعليم لأبناء العائلات القاطنة بمحاذاة الحمام الطبيعي، مع العلم أن أغلبية السكنات مترامية الأطراف حول المساحات التي تحيط بالحمام الطبيعي.

بمجرد الاقتراب من بوابة الحمام الطبيعي، ستجد الكثير من حراس الحظائر الفوضويين الذين باتوا يفرضون تسعيرة 50 دينارا للسيارة الواحدة، مقابل ركنها على مستوى مساحة ترابية مملوءة بالنفايات التي خلفتها العائلات القادمة إلى الحمام الطبيعي، وقد لا يحالف الحظ الجميع في ركن سيارته داخل المساحة الترابية، بعد أن تمتلئ وتتحول حواف الطريق العام الضيق جدا إلى مساحات لركن السيارات، أمام توافد العائلات منقطع النظير للحمام الطبيعي، مع وجود عشرات العارضين لبعض المنتوجات التقليدية، وكذا لوازم الاستحمام.

 

أسعار معقولة وطوابير طويلة

الحصول على تذكرة تحمل رقما خاصا بالزبون لا تكلفك الوقوف في طوابير طويلة أمام المدخل الرئيس للحمام الطبيعي، حيث اعتمدت إدارة الحمام الطبيعي «الفراكسة» نظاما يفضل بين العنصر الذكوري والعنصر النسوي في الحمام، حيث تم تخصيص مدخل سفلي للنساء، ولكل صنف مستخدمين من نفس الجنس يسهرون على توفير الخدمات للزبائن، أما المدخل العلوي فخاص بالرجال.

دخلنا إلى القاعة الفسيحة المخصصة لانتظار الدور ودخول غرف الحمام الطبيعي، غير أن القاعة الكبيرة كانت مملوءة عن آخرها، وعلى الرغم من أن زيارتنا للحمام المعدني لم يكن يوم عطلة نهاية الأسبوع، غير أن العدد الكبير للأشخاص المتوافدين على الحمام الطبيعي كلفنا الانتظار لأزيد من ساعتين كاملتين، لأن أغلبية الزبائن كانوا يطيلون المكوث داخل الغرف، لاسيما أن مدة استغلال الغرفة حددت من خلال التذكرة بساعة كاملة مقابل 300 دينار للشخصين في الغرفة الواحدة.

استطعنا ولوج الغرفة التي يتواجد بها حوض مائي وصنبورين تتدفق منهما مياه معدنية طبيعية، الأول شديد الحرارة والثاني متوسط الحرارة، غير أن الغرف كانت مكشوفة من الناحية العلوية، بحيث يتمكن الزبون من استنشاق الهواء بكل أريحية. كما تم تزويد الغرف بنوافذ تسهل عملية دخول الهواء، حتى لا تحدث حالات اختناق. 

 

مياه ذات خصائص علاجية وتجميلية

أكد عيسى عجوج، المسيّر والشريك الأول في مشروع الحمام الطبيعي، والمتخصص في «الجيولوجيا»، أن الحمام الطبيعي «الفراكسن» يتوفر على خصائص علاجية لمرض «الروماتيزم» وكذا بعض الميزات التجميلية، بالنظر إلى نسبة الملوحة المنخفضة في المياه الطبيعية للحمام، وهي مياه لا تضّر بالشعر والبشرة. مؤكدا أن التحاليل التي تم إجراؤها على مستوى مخبر ألماني متخصص، كشفت عن وجود ميزة علاجية تتواجد في بخار مياه الحمام تعالج مرضى الجهاز التنفسي، وهذا بشهادة العديد من المرضى الذين يتوافدون إلى الحمام المعدني الطبيعي، حيث سيتزود الحمام الطبيعي بمسبحين للعلاج بالبخار في مطلع السنة القادمة، في حين تجري التجارب لفتح مسابح للمعالجة عن طريق بعض الزيوت الطبيعية التي تساعد على الارتخاء، وكذا القضاء على آلام المفاصل.

 

60 بالمائة من زوار الحمام يقطنون خارج الولاية

أضاف السيد عجوج، أن أزيد من 60 بالمائة من العائلات المتوافدة على مستوى الحمام الطبيعي «الفراكسن» تقطن خارج ولاية البويرة، وهو الأمر الذي دفع بإدارة المؤسسة إلى الإسراع في استكمال المشروع الخاص بتوسعة الحمام، وخلق جناح للإيواء سيتم تدشينه مع نهاية السنة الجارية. مشيرا إلى أن عملية افتتاحه تستوجب تعيين حدود المنشأة من أجل إحاطة الحمام بسياج يضمن الأمن للمقيمين على مستوى جناح الإيواء الذي سيضم 30 غرفة، وشقتين صغيرتين، في إطار توفير أحسن الظروف للعائلات الراغبة في الإقامة بالحمام الطبيعي ومتابعة العلاج، عوض التنقل في كل مرة إلى المنطقة والذهاب إلى الفنادق، مشيرا إلى أن بعض الوكالات السياحية الأجنبية أرادت كراء أزيد من 20 غرفة على مدار السنة، لجلب السياح إلى المنطقة والتّداوي بمياه الحمام الطبيعية، غير أن الإدارة رفضت المقترح، لأن العقد سيحرم العائلات الجزائرية من التداوي بمياه الحمام المعدني.

وتابع المتحدث أن فكرة المشروع جاءت لرد الاعتبار للمنطقة وخلق مناصب شغل معتبرة، وليس بدافع إقامة مشروع لجني مداخيل مالية، لاسيما أن أغلبية العائلات الجزائرية تفضل التوجه للحمامات الطبيعية، لكن للأسف المشروع عرف ولا يزال يعرف عراقيل في مجال الحصول على الأوعية العقارية لتجسيد الوحدات الأخرى التابعة له، لاسيما أن الجهات الوصية منحت ثلث القطعة الأرضية المتفق عليها في تجسيد المشروع. قال مسير المشروع بأن عدد الزوار في اليوم الواحد قد يتجاوز 1200 زائر، وهو العدد الذي قد يرتفع عند فتح الجناح المخصص للإيواء مع نهاية السنة الجارية، مشيرا إلى أن الحمام الطبيعي «فراكسن» يعرف استقبال الراغبين في التّداوي بالمياه المعدنية يوميا. أما خلال شهر رمضان، فالحمام يغلق أبوابه من أجل الصيانة.

 

مياه طبيعية يجب استغلالها استغلالا أمثل

أكد مسير الحمام الطبيعي السيد عيسى عجوج، أن العديد من المستثمرين يتهافتون على استغلال مياه المنبع الطبيعي، عن طريق انتزاع جزء منها من حمام «فراكسن» وتوجيهها عن طريق أنابيب إلى منطقة أخرى، وهذا ما يعني إيقاف جزء كبير من الحمام المعدني عن العمل، مؤكدا أن بنود استغلال مياه العين الطبيعية من قبل الشركاء الثلاثة في المشروع، تؤكد على استغلال 90 بالمائة من مياه المنبع الطبيعي، وفي حال منح جزء من مياه المتبع الطبيعي لمستثمر آخر ستفقد العين الطبيعية خصائصها العلاجية، بالنظر إلى نسبة الملوحة الضعيفة في الماء، وبالنسبة للغازات الخفيفة التي تتوفر عليها مياه الحمام الطبيعي.

وتابع نفس المتحدث في لقائه مع «المساء» أن مياه العين الطبيعية التي تزود الحمام لها خصوصيات بالنظر إلى نسبة الغازات القليلة التي تتوفر عليها المياه، ونقلها عبر أنابيب وقنوات يفقدها طبيعتها العلاجية، مؤكدا أن العين كانت في وقت مضى تصب في الجهة الأخرى من الجبل، وبسبب عدم وجود شبكة طرق في الجهة الأخرى وتواجد وادي سحيق بالمنطقة، قامت السلطات الفرنسية آنذاك بنقل مياه العين الطبيعية عن طريق قنوات خاصة حتى لا تفقد قيمتها العلاجية. وفي حال نقلها عبر أنابيب إلى منطقة أخرى، ستفقد المياه قيمتها العلاجية التي تميزها عن باقي الحمامات الطبيعية الأخرى.