صناعة "الغرابيل"

حرفة في طريق الاندثار

حرفة في طريق الاندثار
  • القراءات: 803
❊رشيدة بلال ❊رشيدة بلال

تعرف صناعة "الغربال" اليدوي المستخدم في تحضير الكسكسي وغيرها من العجائن، تراجعا كبيرا في السنوات الأخيرة، بعدما اتجهت المصانع إلى  الاستثمار في مختلف أنواع العجائن، الأمر الذي دفع بالنساء إلى التخلي عن تحضير الكسكسي في المنازل، والتوجه إلى شرائه جاهزا، خاصة أن عددا كبيرا منهن خرجن للعمل، الأمر الذي عمق فكرة التخلي.

جمال عنو من ولاية جيجل، واحد من الذين رفضوا التخلي عن هذه الصنعة، رغم ما يواجهه من صعوبات، نظرا لقلة العائد المالي، حيث أبى إلا أن يظل وفيا لصنعته التي تعلمها من صديق له، واليوم في رصيده 20 سنة في مجال صناعة مختلف أنواع "الغرابيل" بشتى الأحجام والأنواع، ولا يفكر مطلقا في التخلي عنها.

في معرض حديثه مع "المساء"، على هامش مشاركته مؤخرا، في صالون القرض المصغر الذي نظم بالعاصمة، حيث كان يعرض تجربته كنموذج لمستفيد من قرض مصغر، أوضح أن صناعة الغرابيل من أبسط الصناعات، وتعلمها لا يحتاج إلى وقت طويل، إنما يكفي أن يتقن المتعلم بعض التقنيات لتركيب الشباك على الطوق الخشبي، مشيرا إلى أن الغاية من إقباله على طلب القرض هي رغبته في الاستفادة من محل من "محلات الرئيس"، ويقول "من أجل الحصول على محل لابد من طلب القرض الذي من شروطه، أن يكون المعني صاحب حرفة، ومن ثمة بادرت بحكم أن الشروط المطلوبة متوفرة، إلى طلب القرض والاستفادة من محل أحرص فيه اليوم على ممارسة حرفة، رغم الإقبال القليل عليها، غير أن الأوفياء لها لا زالوا يقصدونني طلبا للحصول على بعض أنواع الغرابيل".

في السياق، أوضح محدثنا أن صناعة الغرابيل كانت من أهم الصناعات قديما، لأن النساء كن يحضرن بعض أنواع العجائن في المنازل، حيث يقصدن الصانع طلبا للحصول على بعض الأنواع من الغرابيل أو من أجل ترقيعها، لكن اليوم وبالنظر إلى توجه بعض المستثمرين إلى التخصص في صناعة مختلف أنواع العجائن، أصبح الطلب عليها مقتصرا على بعض المتقدمات في السن من سكان الأرياف والقرى اللواتي لا زلن وفيات لتحضير الكسكسي وغيره في المنازل، ولا يحبذن تناول العجائن التي تعد بالماكنة وتباع في الأسواق.

لم يعد "الغربال" يستخدم في تحضير الكسكسي فقط، إنما يشير محدثنا، إلى أن بعض الحرفيات غيرن استخدامه، حيث أصبح يجري الاعتماد عليه لصناعة بعض  النماذج التجميلية، إذ يحول بعد إدخال بعض التعديلات عليه في الشكل ليستخدم كحامل خبز أو حلويات، أو لتجفيف بعض أنواع قشور الفواكه، مثل قشر الرمان، أو يستخدم في جهاز العروس، حيث يتم تشكيل غرابيل صغيرة توضع فيها الحلويات للعرائس، موضحا في السياق، أن تغير استخداماته ساهم في الحفاظ على هذه الصنعة من الاندثار، خاصة أن شباب اليوم يرفضون تعلمها لقلة العائد المادي.

صناعة الغرابيل من الصناعات التقليدية التي تشمل خمس أنواع، حسب نوعية  العجائن التي ترغب النساء في تحضيرها، سواء تعلق الأمر بالكسكسي أو "البركوكس" أو بعض أنواع "الشخشوشة".

حسب محدثنا، تمسكه بالحرفة ليس بغرض تحقيق ربح مادي، إنما من باب التمسك بحرفة تسير نحو الزوال، خاصة أنه ينتمي إلى منطقة تشتهر بالأطباق التقليدية التي تعتمد على العجائن، خاصة الكسكسي.