العقاب قد يدفع الأبناء إلى سلوكيات خطيرة.. مختصون:
حذار من ردود الفعل العنيفة عقب نتائج الفصل الأول!
- 247
رشيدة بلال
سارع مختصون في علم النفس التربوي، وحماية الطفولة، والصحة العمومية، إلى تحذير الأولياء من ردود أفعالهم العنيفة عقب الإعلان عن نتائج الامتحانات المرتبطة بالفصل الأول؛ لما قد تسببه من آثار نفسية سلبية على الأبناء، قد تدفعهم إلى القيام بسلوكيات طائشة، وغير مسؤولة؛ على غرار الهروب من المنزل. ودعا المختصون، بالمناسبة، الأولياء إلى التحلي بمزيد من التفهم، والاستعانة بالمختصين النفسانيين في حال تعذُّر عليهم التحكم في ردود أفعالهم.
وقفت "المساء" من خلال الاحتكاك بعدد من التلاميذ في مختلف الأطوار التعليمية، لاسيما الابتدائية، على ردود فعل متباينة عقب الإعلان عن نتائج امتحانات الفصل الأول، التي استقبلها بعض التلاميذ بالبكاء، والصراخ، والخوف من ردة فعل الأولياء، فيما استقبلها آخرون بالرضا، والفرحة بعد تحقيق نتائج إيجابية.
وفي المقابل، كانت ردود أفعال الأولياء الذين احتكت بهم "المساء"، متباينة بدورها، إذ عبّر بعضهم عن عدم رضاهم، وامتعاضهم من النتائج المحققة، مرجعين ذلك إلى كثافة الدروس، وعجز الأبناء عن استيعاب ما يقدَّم لهم من دروس مكثفة، لم تعد تجدي معها حتى الدروس الخصوصية في الحد من صعوبتها، بينما علّق آخرون بعدم رضاهم، ومعاتبة الأبناء، خاصة الفئة التي تستفيد من الدروس الخصوصية، في حين عبّر أولياء آخرون عن رضاهم بالنتائج المحققة، في انتظار الاطلاع على المعدلات النهائية التي ستحدد، حسبهم، ما إذا كان الأبناء سيكافَأون، أم يُعاقَبون.
بين المكافأة والعقاب.. المختصون يلحّون على المرافقة النفسية
حذّر مصطفى خياطي، رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي، الأولياء من التصرف بصورة غير مسؤولة مع الأبناء عقب ظهور النتائج، مؤكدا في تصريح لـ"لمساء"، أنّ هناك جانبا سيكولوجيا يجب مراعاته. وأوضح أن على الأولياء تجنب الضغط على الأبناء، وفهم أن النتائج ليست سوى محطة تقييمية لا تعكس بالضرورة قدراتهم الحقيقية، داعيا إلى تفادي إثقال كاهلهم، خاصة مع لجوء كثير من الأولياء قبيل الامتحانات، إلى تكثيف دروس الدعم؛ ما يؤدي إلى إرهاقهم، والتأثير سلبا على تحصيلهم الدراسي.
وأكد خياطي أن المرافقة النفسية أصبحت ضرورة لحماية الأبناء من التأثيرات النفسية التي قد تعقب صدور النتائج، التي غالبا ما يكون سببها عدم الفهم الصحيح لكيفية احتواء الأبناء، ومرافقتهم. ومن جهته، قال الدكتور محمد كواش، طبيب مختص في الصحة العمومية، إن النتائج المحصل عليها ليست سوى محطة تقييمية، يمكن من خلالها تدارك كثير من النقائص في ظل الضغوطات الكبيرة التي يعيشها الأبناء خلال فترة الامتحانات، والتي قد يرافقها أحيانا، تهديد من الأولياء بوجوب تحقيق نتائج جيدة.
وأشار المتحدث إلى أن بعض الأولياء يذهبون إلى حد التهديد بالحرمان من الأنشطة التي يحبها الأبناء خلال العطلة، أو التنمر، ومقارنتهم بزملائهم الذين حققوا نتائج إيجابية، وهو ما يولد لدى الأطفال اضطرابات نفسية؛ كالخوف، والقلق والتوتر، واضطرابات النوم. وقد يدفع بعضهم إلى إخفاء النتائج، أو الهروب من المنزل في ظل التطور التكنولوجي، وما يرافقه من ممارسات خطيرة، أو صدمات نفسية يصعب علاجها.
ودعا كواش إلى احتواء الأبناء، وتشجيعهم، والعمل على تدارك النقائص خلال الفصل الثاني، محذرا من ربط المكافأة بالنتائج المدرسية فقط، لأن ذلك يرسخ لدى الطفل فكرة خاطئة، مفادها أن السعادة مرتبطة، حصريا، بالنجاح الدراسي. كما شدد على ضرورة الاستعانة بالاستشارة النفسية، أو بمستشاري التربية عند صعوبة التحكم في ردود الأفعال، مع تجنب معاقبة الأبناء خلال العطلة؛ بإجبارهم على المراجعة المكثفة، باعتبارها فترة للراحة النفسية؛ استعدادا لموسم دراسي جديد.
التواصل الدائم مع المؤسسة التربوية مفتاح النجاح
من جانبه، أكد عومر بن عودة، مختص في شؤون التربية، أن بعض الأولياء رغم حسن نيتهم، يخطئون في طريقة تعاملهم مع أبنائهم، ومرافقتهم دراسيا. وأوضح أن تحصيل نتائج الفصل الأول يمر بعدة مراحل، متسائلا عن دور الولي منذ بداية الفصل، ومشددا على أهمية التواصل المستمر مع إدارة المؤسسة التربوية، وعدم الاكتفاء بزيارة واحدة في اليوم المخصص لاستقبال الأولياء. وأشار إلى أن الدروس الخصوصية باتت في كثير من الأحيان، عاملا إضافيا للضغط على الأبناء، وإرهاقهم، مؤكدا أن المطلوب من الأولياء سواء كانت النتائج إيجابية أو سلبية، حسن المرافقة، والتفهم، واحترام الفروق الفردية بين التلاميذ، مع الاعتماد على التحفيز بدل المعاتبة؛ لرفع المعنويات.
تجنَّبوا العتاب واحترموا الفروق الفردية بين الأبناء
بدورها، أكدت المختصة في علم النفس العيادي، البروفيسور آمال بن عبد الرحمان، أن طريقة تعامل الأولياء مع نتائج الأبناء تحولت في السنوات الأخيرة، إلى موضوع حساس، يتطلب قدرا كبيرا من المسؤولية؛ لأن ردة فعل الولي قد تترك خللا نفسيا لدى الطفل.
وأوضحت أن النتائج المُرضية غالبا ما تعزز العلاقة بين الأولياء والأبناء؛ من خلال تنفيذ برامج ترفيهية متفق عليها خلال العطلة. غير أن النتائج المخيّبة رغم الجهود المبذولة، تستدعي الحذر، وتجنب المبالغة في العقاب؛ لأن الإخفاق قد يكون مرتبطا بصعوبات التعلّم، أو أسباب تربوية أخرى. وأكدت أن الاستعانة بالمختص النفسي أصبحت ضرورة لفهم الفروق الفردية بين الأطفال، مبرزة أن الذكاء ليس واحدا بل تتعدد أنواعه؛ فقد لا يتمتع الطفل بذكاء رياضي، لكنه متفوق في الذكاء الاجتماعي. وختمت بالتأكيد على ضرورة حسن الإصغاء للأبناء، وتفهّمهم، وتجنب المقارنة بينهم وبين غيرهم؛ لما لذلك من أثر سلبي في قتل قدراتهم وإمكاناتهم.