هناء شريفي أخصائية في علم النفس:
حب المغامرة.. الإثارة والتفاؤل الكاذب سمات الحراق

- 1045

شاركت الأستاذة هناء شريفي، أخصائية في علم النفس من جامعة الجزائر "2" أبو القاسم سعد الله مؤخرا، في أشغال المؤتمر العلمي الوطني الثامن حول الهجرة السرية، بمداخلة سلطت فيها الضوء على "الحراق" كشخص بعيدا عن العوامل والأسباب التي تدفع به إلى التفكير في الهجرة التي أصبحت معروفة لدى العام والخاص. التقتها "المساء" على هامش الملتقى، وعن سمات الشخصية التي تفكر في "الحرقة" كان هذا اللقاء.
تقول الأخصائية في علم النفس في بداية حديثها، إن السبب الذي دفعها إلى اختيار هذا الموضوع هو الابتعاد نوعا ما عن دراسة الأسباب والعوامل التي تدفع بـ "الحراق" إلى التفكير في الهجرة والمغامرة بنفسه في قوارب الموت، بالنظر إلى تسليط كل الباحثين وحتى المجتمع المدني، الضوء على هذا الموضوع، وعدم إعطاء الاهتمام المطلوب لـ "الحراق" في حد ذاته، والذي يحتاج إلى دراسة نفسيته وصفاته وطبائعه، التي قد تكون هي المتسبب الرئيس في التفكير في الهجرة السرية.
البحث في هذا الموضوع، حسب محدثتنا، تطلَّب منها التواصل المباشر مع الشباب الباحثين عن الهجرة، بحكم أن المكان الذي يقصده الأغلبية هو مقاهي الأنترنت؛ حيث تتردد عليها هذه الفئة طلبا لاستمارة "التأشيرة" من الراغبين في مغادرة التراب الوطني بحثا عن حياة أخرى؛ تقول: "كانت بداية الدراسة الميدانية بتوجيه اهتمامنا إلى هؤلاء الباحثين عن الهجرة؛ حيث مسّ اللقاء حوالي 200 شاب، وكان السؤال المطروح: في حال ما إذا لم تقدَّم لهم التأشيرة هل يفكّرون في الحرقة؟ فأكدت إجابة 129 منهم، أنهم يفكرون في الحرقة".
الهدف من الدراسة، حسب محدثتنا، هو التعرّف على أهم الصفات والسمات التي تسهّل التعرف على هذه الفئة التي تملك الاستعداد للهجرة حتى قبل أن تقرر خوض التجربة. ومن جملة النتائج المتوصَّل إليها في الدراسة حسب الأخصائية، تقسيم الشباب إلى ثلاث مجموعات؛ تشرح: "المجموعة التي أثارت انتباهي ووجهت دراستي إليها هي الفئة التي أشارت إلى أنها إن لم تحصل على التأشيرة ستوجّه اهتمامها إلى الهجرة السرية، حيث قمت بدراسة سماتهم، ولعل أولى هذه السمات الظاهرة حب المغامرة، الذي يترجَم في علم النفس بسلوك المخاطرة"، موضحة أنه شخص لديه استعداد للمخاطرة بأيّ شيء بما في ذلك حياته، وبالنسبة له ليست العوامل الاجتماعية الدافع إلى المغامرة وإنّما سلوكه، الذي يتّسم بالمخاطرة، إلى جانب حب الإثارة الذي يرافقه أيضا التفاؤل غير الواقعي، الممثل في رسم صورة إيجابية عن المكان الذي ينتظره، وهو عادة يمسّ فئة ما بين 18 و35 سنة، وهي المرحلة التي يكون فيها الشباب في أمس الحاجة إلى المرافقة، ناهيك عن امتلاك هذه الفئة حسا عاليا بالضغوط، وهو السمة التي تغذّي شعورها بالمغامرة".
واقترحت الأخصائية بعد عرض نتائج دراستها، أن لا يتم توجيه الاهتمام في التوعية والتحسيس إلى العوامل الاجتماعية والاقتصادية، وإنّما ينبغي تسليط الضوء على الجانب الشخصي لهؤلاء الشباب، الذين يملكون سمات تؤهلهم لركوب قوارب الموت، مشيرة في السياق، إلى أنها تعتبر الهجرة السرية بمثابة انتحار، خاصة أن المقبل على هذه المغامرة يعيش تفاؤلا خياليا لا يدركه إلا بعد الهلاك في البحر، ومن ثمة من الضروري مباشرة حملات تحسيسية على مستوى مقاهي الأنترنت لتوعية هؤلاء الشباب والتواصل معهم بهدف حمايتهم.