وجه آخر من العمل الخيري في الجزائر

جمعيات ترفع تحدي تزويج الشباب

جمعيات ترفع تحدي تزويج الشباب
  • 2149
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

يشهد العمل التضامني في الجزائر خلال السنوات الأخيرة، مظاهر تقشعر لها الأبدان، لما تعكسه من صور رحمة وتأزر ومساعدة المحتاجين، تتجلى تلك الصور في جمعيات خيرية ومجموعات يقودها شباب، وأحيانا أعضاؤها مراهقون، يبدو أن العمل الخيري والتضامني بات جزءا من حياتهم اليومية، ليدهشنا في كل مرة بروز جمعيات تتخصص في مساعدة شريحة معينة من المجتمع، تتقاسم فيها تلك الجمعيات أدوارا متنوعة، تهدف إلى خلق نوع من التوازن المجتمعي ورفع الغبن عن بعض الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة لذلك.

لعل مثال ذلك؛ الجمعيات التي برزت خلال السنوات الأخيرة في هذا الجانب، والمختصة في مساعدة المقبلين والمقبلات على الزواج، والتي عملت على إطلاق حملة تضامن واسعة مع الشباب الراغبين في إتمام نصف دينهم، لاسيما أنه بالنسبة للبعض، أصبح موضوع الزواج أكثر إرهاقا أحيانا، إذ تترتب عنه مصاريف وتجهيزات تجعل البعض يعزفون عنه. من بين الجمعيات الرائدة في الجزائر، والمختصة في هذا المجال؛ جمعية مساعدة المقبلات على الزواج، التي أعطى لنا أعضاؤها مثالا حيا عن روح العطاء وحب الخير والإيثار والبر بمن هم بحاجة إلى مساعدة، حتى وإن لم يكن الشخص محل مساعدة من الفئة الهشة في المجتمع، بل قد يكون مجرد شاب أرهقه وضعه الاجتماعي أو المالي، وعجز عن إكمال نصف دينه.

في هذا الصدد، قال مروان عضو بالجمعية، أن عمل الجمعية يتمثل أساسا في مساعدة الشباب الراغبين في الزواج، من خلال تخفيف أعبائه التي باتت ترهق الجيوب، فما بالك بالأشخاص الأكثر حاجة، وتتم تلك العملية، حسب المتحدث، من خلال جمع التبرعات التي تسبقها حملات نداء، تتم عادة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا "الفايسبوك"، ليصل إلى ذوي القلوب الرحيمة والراغبين في تأدية الصدقات وإسعاد القلوب خالصة لوجه الله تعالى، من خلال جمعها وتوجيهها نحو تنظيم وليمة الزفاف وكل ما يتعلق بها. تختلف تلك المساعدات، حسب مروان، من شخص لآخر، فالبعض يتم مساعدتهم لتأدية الحفل، وآخرون بجمع بعض أجهزة البيت الجديد أو ملابس "التصديرة"، أو أجهزة كهرومنزلية أو حتى كراء شقة للعيش، وعادة تكون تلك المساعدات للشاب المحتاج والذي لديه صعوبات مالية، إلى جانب اليتامى، وغيرهم من الفئات التي لابد من مديد المساعدة  لها لخلق نوع من التوازن الاجتماعي.

أضاف عضو الجمعية، أن العمل الخيري قد يكون أسهل مما نتصوره، فأحيانا بعض الحاجيات التي يراها آخرون ثانوية أو لا حاجة لهم بها في البيت أو في حياته، قد تكون الحل الأنسب ومساعدة لأشخاص آخرين، على غرار طاولة، كرسي، ثلاجة، أفرشة، ألبسة وغيرها، قد يعطي لها مالكها الجديد حياة ثانية لاستغلالها واستعمالها، في ظل عدم إمكانية اقتناء واحدة جديدة، وعلى هذا تتنوع النداءات في هذا الباب بطلب من أحد المقبلين على الزواج على هذا النوع من الأثاث.

قال المتحدث: "هناك العديد من المواطنين أصبحوا يتفاعلون مع هذا الموضوع، إذ تجدهم عبر بعض الصفحات المختصة، يعرضون أجهزة أو أثاثا، بعضه لا يزال صالحا للاستعمال، حتى يتمكن من يحتاجون إليه لاقتنائه"، مشيرا إلى وجود الكثير من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تتخصص في هذا النوع من العروض، فضلا عن تفاعل آخرين مع منشورات لطلب قطعة معينة، أو التآزر مع مقبلين على الزواج بتحديد نوع المساعدة التي يحتاجونها، والتي قد تكون ألبسة أو حتى كراء شقة"، مؤكدا أن هناك "بعض المحسنين لا حدود لهم في فعل الخير، ويدهشوننا في كل مرة بقدر الإعانة التي يقدمونها دون أي مقابل".

أشار المتحدث إلى أن الجمعية تحاول جاهدة التنقل إلى بعض القرى والمداشر النائية، في مختلف ربوع الوطن، بغية تقديم يد العون، بمساهمة مجموعة من ذوي البر والإحسان، وهو ما تقوم به على شكل "قوافل" بالعاصمة، تتكون من مجموعة من الشبان المتطوعين، وتضم أحيانا شبابا لم يبلغوا 15 سنة من العمر، ويبدو أن روح فعل الخير غرست لديهم منذ نعومة أظافرهم. تقوم الجمعية كذلك أحيانا، بمساعدة المقبلين على الزواج في الانخراط في الحياة العملية، من خلال إدماجهم حسب القدرة، لضمان استمرارية الحياة الزوجية، لأنه لا يمكن لشخص آخر أن يضمنها لهم، على حد تعبيره. في الأخير، قال مروان إن "حادثة تيزي وزو، أثبتت لنا مدى استعداد الجزائري لفعل الخير والتضامن مع الآخرين لرفع الغبن عنهم"، مؤكدا أن "بعض المنخرطين في العمل التطوعي، بإمكانهم التضحية براحتهم واستقرارهم للتنقل ومساعدة الغير في تخطي الصعاب، ولو بكلمة طيبة، حيث لم يتردد الكثيرون عن التنقل ما بين الولايات لمساعدة المنكوبين من ضحايا الحرائق".