تساقط الشعر خلال موسم الخريف

جمال يلامس القلق وأنوثة تهتز مع كل خصلة

جمال يلامس القلق وأنوثة تهتز مع كل خصلة
  • 288
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

يشهد الكثير من الأشخاص، خصوصا النساء، خلال هذه الفترة من السنة، تساقطا ملحوظا في الشعر، مع دخول فصل الخريف، حيث تتكرر هذه الظاهرة كل عام تقريبا، وتدفع البعض إلى الظن بأنها مؤشر على مشكلة صحية خطيرة، أو نقص في الفيتامينات، وعلى الرغم من أن هذا التساقط يكون غالبا طبيعيا ومؤقتا، إلا أن حدته أحيانا تدفع الكثيرين إلى البحث عن أسباب وعلاجات سريعة دون تشخيص واضح، فهل تساقط الشعر في الخريف أمر طبيعي، وهل يستدعي القلق، ومتى يصبح من الضروري زيارة الطبيب، هذا ما ناقشته "المساء" مع مريم بنونة، طبيبة جلد، التي أكدت أن تساقط الشعر خلال الخريف أمر طبيعي، لكن لا يمنع ذلك من وجود مراقبة واستشارة طبية، خصوصا لمن يعاني في الأساس من مشكل حاد، وما قد يزيده حدة إذا لم يتم التكفل بالمشكل وعلاج الأسباب.

يعد الشعر أكثر من مجرد خصلات تنسدل على الرأس، فهو رمز راسخ للجمال، خصوصا لدى المرأة، التي طالما ارتبطت أنوثتها وتألقها بجمال شعرها وطوله وكثافته، ففي ثقافات متعددة، ينظر إلى الشعر كعنوان للأنوثة، حيث تمنح له عناية خاصة تتجاوز الجانب الجمالي، إلى بعد نفسي عميق، فالمرأة، بطبيعتها، تولي شعرها اهتماما بالغا، وتعتبر العناية به جزءا من هويتها وتقديرها لذاتها، لذا، فإن تساقط الشعر لا يعد بالنسبة لها مجرد مشكلة سطحية أو عابرة، بل أزمة حقيقية تمس صورتها الذاتية وتنعكس على ثقتها بنفسها، وحين تبدأ خصلات الشعر بالتساقط على الوسادة أو المشط، قد تشعر المرأة بفقدان جزء من أنوثتها، ما يولد لديها قلقا داخليا وتأثرا نفسيا، يصل أحيانا إلى حد التوتر أو الاكتئاب، فهي ليست مجرد مشكلة جلدية، بل قضية تمس الكيان النفسي للمرأة، وتستحق الفهم والدعم والعلاج من الزاوية الطبية والنفسية على حد سواء.

يعد تساقط الشعر من أبرز المشكلات الجمالية والصحية التي تؤرق الكثيرين، خاصة النساء، وتزداد هذه الظاهرة وضوحا مع قدوم فصل الخريف، ففي هذه الفترة من العام، يلاحظ العديد من الأشخاص تساقط شعرهم أكثر من المعتاد، وهو ما قد يثير القلق، ويدفع البعض إلى التساؤل حول مدى جدية هذا الأمر، وتهديده في فقدان نسبة كبيرة منه.

وحول هذا الموضوع كان لـ"المساء"، حديث مع الطبيبة المختصة في أمراض الجلد، مريم بنونة، التي تعتبر العناية بالشعر جانبا من عملها، والتي أكدت أن تساقطه في الخريف، هو في كثير من الأحيان ظاهرة موسمية طبيعية، مضيفة أن الشعر، كغيره من أجزاء الجسم، يتأثر بالدورات البيولوجية الموسمية، ففي الخريف، يدخل عدد أكبر من بصيلات الشعر في مرحلة الراحة أو ما يعرف بمرحلة التيلوجين، وهي المرحلة التي يتهيأ فيها الشعر للسقوط، قبل أن يبدأ نمو شعر جديد مكانه، وبملاحظة هذه العملية الطبيعية، يتضح أن سقوط شعيرات، هي مجرد تهيئة الأرضية لاستقبال بصيلات شعرات جديدة، لكن الأمر يصبح مقلقا إذا لم تخلف تلك البصيلات المفقودة، بسبب أحد مشاكل الجسم وضعف فيتامينات معينة، مشددة على أن بعض الأطباء يرجعون ذلك إلى ضربات الشمس، لكن هذا العامل يعد ثاني محفز، وليس دائما وحده أساس المشكل.

أكدت بنونة، أنه رغم طمأنة البعض بأن هذا النوع من التساقط غالبا ما يكون مؤقتا، ويعود إلى طبيعته خلال أسابيع أو أشهر، إلا أن القلق يزداد، خاصة عند النساء، حيث ترجع كثير من النساء هذه الظاهرة إلى نقص في الفيتامينات أو الضغوط النفسية، أو حتى استخدام مستحضرات الشعر بكثرة، ما يدفع البعض إلى تناول المكملات أو تجربة الزيوت والأعشاب دون استشارة مختص.

هنا تشدد الطبيبة على أهمية عدم التسرع في أخذ المكملات، أو تطبيق علاجات دون تشخيص دقيق، مؤكدة أن تساقط الشعر قد يكون مؤشرا عن مشاكل صحية، مثل نقص الحديد، اضطرابات الغدة الدرقية، أو حتى أمراض مناعية،  لذا فإن الاستشارة الطبية ضرورية، خاصة إذا استمر التساقط لفترة أطول من 2 إلى 3 أشهر، أو إذا ظهرت فراغات واضحة في فروة الرأس.

أما عن الفيتامينات التي قد تدعم صحة الشعر، فسلطت الطبيبة الضوء على أهمية فيتامين "د"، الزنك، البيوتين، الحديد، وأحماض "أوميغا 3" الدهنية، لكن يجب آخذ هذه العناصر بناء على تحليل دم وتوصية طبية، لأن الإفراط فيها قد يؤدي إلى نتائج عكسية، مشيرة إلى أن البعض من تلك الفيتامينات لا تتحلل في الماء، بل في الدهون، وأخذ بذلك نسبة عالية سوف تتحول إلى سم، لا يطرحه الجسم عن طريق البول، بل يتكدس على بعض أعضاء الجسم الحيوية، لاسيما الكبد.

وعن العلاجات الممكنة، توضح الطبيبة، أن هناك خيارات متعددة، منها استخدام بخاخات تحتوي على "المينوكسيديل"، وهو علاج موضعي معتمد، يساعد على تعزيز الدورة الدموية لفروة الرأس، وتحفيز نمو الشعر، لكن على أن تكون بعد استشارة طبية، لأن بعض الأشخاص يعانون الحساسية من المنتج، كما يمكن أن يكون له مفعول عكسي إذا أُسيء استعماله، كما نصحت بأهمية تبني نظام غذائي متوازن غني بالبروتين والخضروات، مع تجنب التوتر والإجهاد المستمر، وهما من العوامل الرئيسية لتساقط الشعر.