قال إن حرفته تأبى تركه

جمال.. يطيل عمر مختلف الأدوات بالكثير من الصبر

جمال.. يطيل عمر مختلف الأدوات بالكثير من الصبر
  • القراءات: 1436
حنان.س حنان.س

اتخذ لنفسه زاوية بساحة قريبة من حي سكني وسط مدينة بومرداس، يركن بها مركبته العتيقة التي هي في الأصل ورشته المتنقلة.. ينثر حواليه بعضا من المواقد التقليدية وأدوات المطبخ وقطع غيار بعض الأجهزة الكهرومنزلية.. اكتسب على مدار سنوات زبائن أوفياء بفضل تفانيه في أداء عمله، إنه الحرفي جمال مُصلح الخردوات.. 

موعده كل يوم أربعاء وخميس، لا يخطئ الزمان ولا المكان، يركن مركبته في زاوية وراء ساحة المادور المعروفة بوسط بومرداس، ينزوي حتى لا يعيق الحركة المرورية في مدينة آخذة في التوسع والاكتظاظ.. بات معروفا من طرف سكان المدينة، مما سمح له بنسج علاقات طيبة مع زبائنه.. ومن يسأل عنه باقي أيام الأسبوع يجد الجواب حاضرا من السكان، أو حتى من التجار بالجوار، وكيفما كان الطقس واختلف الموسم، فإنه لا يتخلف عن موعده. وحسب تأكيده، لم يسجل طوال سنوات عمله بالمكان أي إزعاج لا من طرف السكان ولا من طرف رجال الأمن، مما ساعده على كسب لقمة عيشه من حرفة تأبى أن تتركه.. على حد قوله.

الحرفي جمال ـ كما يلقب - يصلح مختلف الأجهزة الكهرومنزلية، من مواقد تقليدية (الطابونة)، إلى الأجهزة الكهرومنزلية التي بات لا غنى عنها لدى ربات البيوت في مطابخهن، ولا عجب إن قلنا بأن أغلب زبائنه نسوة، ممن يسعين إلى إطالة عمر «الطابونة» أو الخلاط (الروبو) أو غيره بإصلاحه، لاسيما أن الحرفي يضمن قطع الغيار الأصلية التي يتوصل إلى بعضها من هنا وهناك، حسب خبرته الطويلة في المجال.

يقول السيد جمال بأن حرفته فيها الكثير من وجع الرأس، ليس فقط بسبب الطرْق المتواصل على أية قطعة لإصلاحها، ولا بسبب عناء البحث عن قطع غيار لأجهزة قديمة جدا وأصلية، ولا حتى بسبب التجوال المتواصل في ربوع الولاية الشاسعة بحثا عن كسب قوت اليوم بكل كرامة، ولكن أيضا بسبب وهن الجسم والتقدم في العمر، خاصة أنه لا يملك معاشا تقاعديا وعمله اليدوي هذا هو ما يضمن دخله الوحيد.

وعن حرفته، يؤكد أنها تتطلب الصبر وحب الأداء، مشيرا إلى أنه قد يكون الحرفي الوحيد في بومرداس من يتقن فنون إعادة بعث الحياة في أجهزة كهرومنزلية قد يكون مآلها الرمي.. فتكتب لها مدة صلاحية جديدة بفضل إتقان العم جمال في أداء حرفته.. ففي رمضان، وخلال المواسم الدينية والمناسبات والأفراح، يزداد الطلب على إتقان هذا الحرفي.. تركناه ليكمل عمله في يوم لافح الحرارة، وهو يؤكد على مسامعنا: «إنها (أي الحرفة) لا تريد تَرْكي.. فكيف لي أن أتركها»!..