جزيرة رشقون بعين تموشنت

جمال طبيعي ساحر وبعد تاريخي غابر

جمال طبيعي ساحر وبعد تاريخي غابر
  • القراءات: 3981
عبيد محمد عبيد محمد

يعود تاريخ جزيرة رشقون في ولاية عين تموشنت، إلى القرن السابع قبل الميلاد، وتتربع على 15 هكتارا، بها منارة شيدت سنة 1879 على أساس بناء ميناء بني صاف المعروفة بجزيرة ليلا، وهي كلمة إسبانية تعني الجزيرة الصغيرة، حيث أن الفينيقيين قدموا إلى هذا المكان وأسسوا مدينة قرطاجة واستوطنوا بجزيرة رشقون التي كانت تدعى جزيرة أكرا، كونها منطقة إستراتيجية ولها واجهة مقابلة لوادي تافنة الذي كان في قديم الزمان نهرا ذا مصب كبير، وبما أن الفينيقيين مشهورون بالتجارة تمركزوا هناك من أجل التبادل التجاري الذي كان يعتمد على المقايضة في غياب العملة النقدية آنذاك، كالمعادن الثمينة من ذهب وفضة وعاج ومواد غذائية، وهو ما يوحي بوجود حضارة منذ 28 قرنا، بينما القرطاجيون كانوا يتميزون بصناعات، لاسيما القماش باللون الأحمر الأرجواني، وبما أن الفينيقيين كانوا يتنقلون عبر موانئ البحر الأبيض المتوسط، بدءا من مرسيليا وإيطاليا من خلال التنقيبات الأثرية، أين وجدت مقبرة بها نحو 100 قبر تعتمد على الحرق وهي طبيعة لم يغرف بها النوميديون، والتي من خلالها تبين لعلماء الآثار أنها تعود للفينيقيين الذين كانت لهم متاجر مستوطنة لمدة قرنين، ثم منتصف القرن الرابع قبل الميلاد جاء بحار إغريقي يدعى بيدرو سكيلاكس.

ومن الناحية الإيكولوجية لها أهمية بالغة كونها صنفت سنة 2012 كمنطقة رطبة للمحافظة على الكائنات الحية بها من الطيور التي هي في طريق الانقراض، فضلا عن أنها منطقة عبور للطيور المهاجرة، على غرار النورس والطيور التي تتجه نحو إفريقيا، إلى جانب وجود كائنات مائية، فضلا عن النباتات النادرة التي لها دور كبير في التوازن البيئي،  وفي هذا السياق يتطلع علماء أخصائيون في البيولوجيا لدراسة الكائنات الحية من نباتات وطيور.

جزيرة رشقون بجمالها التاريخي تتميز بجمال طبيعي بها معالم تاريخية عايشت كل الحضارات وكل حضارة تميزت بأنشطها الكثيرة، بدءا من المنطقة الفينيقية، ثم البربرية، فالرومانية وبعدها الإسلامية، بعدها الإسبانية، مرورا بالفرنسية إلى غاية يومنا هذا، حسب الباحث في علم التاريخ السيد بوزيان بن سنوسي الذي يقول «في العهد الإسلامي كان للجزيرة دور حضاري كبير، بحيث أن كل المؤرخين الذين مروا على المنطقة ذكروا جزيرة رشقون. كما سبق أن استغلت كمركز لجنود فرنسا، وحسب بعض المعلومات فإن الجنرال بيجو لما قدم إلى الجزائر زار جزيرة رشقون ليتطلع على النقاط الإستراتيجية»، أما بخصوص معاهدة تافنة فنلاحظ ـ يضيف ـ «في البند التاسع عودة تشكيلة جزيرة رشقون للأمير عبد القادر لما لها من أهمية، فضلا على وجود ما بين الجزيرة ومضيق جبل طارق نحو 170 كلم، وهو ما يجعل النقطة الأولى التي تربطه والأسبان وخاصة الإنجليز للتموين بالسلاح.

الملاحظ في معاهدة تافنة أنها حررت برشقون يوم 30 ماي 1837 والمقصود بها المنطقة ككل، يقول الدكتور قلالش بجامعة الجيلالي اليابس بسيدي بلعباس، الذي يؤكد أن تسمية جزيرة ليلا جاءت من  كلمة أندلسية إسبانية، تعني الجزيرة الصغيرة، أما تسمية رشقون حسب المؤرخ والفقيه الشيخ عبد الرحمان الجيلالي، يقول «بأنها كلمة ذات أصل فينيقي وتعني رأس الغول، وهي مستمدة من التراث الأسطوري القديم. والملاحظة الأخرى تكمن في الأضواء المسلطة على الجزيرة كونها منطقة إستراتيجية وهمزة وصل بين الساحل الغربي الوهراني ومنطقة جبل طارق وكذلك همزة وصل بين جزر البليار والساحل الوهراني، كما أنها قاعدة عسكرية وقعت عليها مصالحة تاريخية ما قبل الميلاد بين سيبيون الإفريقي واضر بال بواسطة الملك النوميدي سيفاكس.

وبالعودة إلى التسمية، يقول الباحث بن سنوسي بوزيان أن رشقون نستطيع القول بأنها كانت تسمى بأكرا، وهو اسم أمازيغي يعني الرأس، ثم أخذت تسمية أفغول في العهد الإسباني إلى أن تعود رشقون في وقتنا الحالي. وحسب مشال طراس أستاذ بجامعة باريس والذي زاره السيد بوزيان بن سنوسي، فقد أكد المعلومات التي بحوزة محدثنا.