الذكرى الثالثة والستون لتفجيرات رقان، باحثون يؤكدون:

جريمة إبادة لا تعترف بالمواثيق

جريمة إبادة لا تعترف بالمواثيق
  • 890
 رشيدة بلال رشيدة بلال

شكل موضوع التفجيرات النووية برقان، محور أشغال الملتقى الثالث، لإحياء ذكراها 63، والذي بادرت إلى تنظيمه جمعية "محمد بن جلول" العلمية الثقافية، بالتنسيق مع مديريتي المجاهدين والشؤون الدينية والأوقاف، بجامعة البليدة "علي لونيسي" (العفرون)، تحت شعار "ذاكرتنا تئن في رقان وترفض النسيان"، حيث تناول مختصون في العلوم السياسية والتاريخية، أبعاد التفجيرات وأهم الآثار المترتبة عنها، والتي تأبى ذاكرة الجزائريين نسيانها.

تحدثت "المساء"، على هامش أشغال الملتقى، مع الدكتور مهدي رحماني، أستاذ محاضر بكلية الحقوق والعلوم الإنسانية والسياسية جامعة البليدة "2"، الذي سلط الضوء على التوصيف القانوني للتجارب النووية في الصحراء الجزائرية، والذي يرتقي، حسبه، إلى جريمة إبادة الجنس البشري، وإلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مؤكدا أن التوصيف القانوني لهذه الجريمة، مرجعه اتفاقية منع إبادة الجنس البشري سنة 1948، واتفاقية جنيف الثالثة لحماية الأسرى، واتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين، وكل هذه الاتفاقيات، يؤكد المتحدث "فرنسا منظمة إليها، مما يعني أن المسؤولية الجنائية قائمة في حق فرنسا، وقادتها الذين نفذوا هذه التفجيرات".

من جهة أخرى، أكد الدكتور أن بشاعة هذه التفجيرات، تظهر من خلال أثارها التي لا تزال بادية على كل الكائنات الحية بالمنطقة، الأمر الذي يتطلب معرفة المسارات القانونية الكاملة، من خلال التركيز على المسؤولية الجنائية والمدنية، والتي تقوم على وجوب دفع التعويضات المناسبة لضحايا هذه المأساة البشرية.

من جانبه، أشار الدكتور مصطفى بطراوي، أستاذ في التاريخ الحديث والمعاصر، إلى أن تفجيرات رقان، جريمة إبادة ارتكبها الاستعمار الفرنسي، في حق الشعب الجزائري، تحت غطاء التجارب، لكنها في الأصل، تفجيرات نووية متعمدة في البيئة الجزائرية، مشيرا إلى أن الأبحاث التاريخية تفيد بأن هذه التفجيرات مرت بمرحلتين هامتين، الأولى كانت سطحية في منطقة رقان، وكانت أربع قنابل نووية، حوالي سبعة كيلو طن، ما يعادل ثلاث مرات قنبلة هيروشيما باليابان، وبعد الضغوط الدولية على المستعمر الفرنسي، اضطر في مرحلة ثانية، إلى إجراء 13 عملية  أخرى بولاية تمنراست، في إطار التفجيرات الباطنية لإخفاء جريمته .

وعن أهم الآثار المترتبة عن هذا الفعل الإجرامي، أكد الدكتور أنها متنوعة الأبعاد، منها ما هو صحي، ممثل في الأمراض السرطانية، إلى جانب التسبب في عدد من الإعاقات الجسدية، وكذا الآثار النفسية والتأثيرات البيئية، حيث امتد الإشعاع النووي إلى حوالي 200 كيلومتر، ومست حسب بعض الدراسات الغطاء النباتي، وتفيد الأبحاث بأن منطقة رقان، كانت منطقة فلاحية بامتياز، وتنتج محاصيل زراعية، واليوم هي منطقة قاحلة وجرداء بفعل تأثير التفجيرات، مشيرا إلى أن تفجيرات رقان، تعد من أبشع الجرائم التي ارتكبها المستعمر الفرنسي منذ دخوله إلى الجزائر، وهو ما تعكسه الآثار التي ترتبت عن التفجيرات، والتي لا تزال إلى يومنا هذا تحصد الضحايا.