الأعراس الجماعية بأدرار

ثقافة متجذرة وتضامن متواصل

ثقافة متجذرة وتضامن متواصل
  • القراءات: 1492

تشهد ولاية أدرار كل ربيع وتزامنا مع العطلة المدرسية، حركة واسعة تهز هدوء المنطقة جراء تنظيم العديد من الأعراس الجماعية التي تسهر عليها الجمعيات الخيرية التضامنية والزوايا والمدارس القرآنية عبر مختلف قصور ومناطق الولاية، والتي يشارك فيها المحسنون لإسعاد المحتاجين على إتمام نصف الدين.

فمع انتهاء كل طبعة يبدأ التحضير للطبعة الموالية على مدار سنة، لإعطاء موعد آخر في نفس المكان والزمان على وقع حفل بهيج، وهنا يساهم الجميع كل بمقدوره في توفير كل الإمكانيات المادية والتأثيث وغيرها، حتى تقدم الإعانة للعرسان إناثا وذكورا، وهنا تجد كبار وأعيان القصور والأحياء المرجع في التنظيم حتى تسيَّر الأمور في كنف الجد واحترام العادات والتقاليد التي تطبع مثل هذه الأعراس بمنطقة أدرار. ومع مرور الأعوام أصبحت الجمعيات الخيرية محل ثقة كبيرة في كسب الفاعلين في المجتمع، كما أصبحت طلباتهم مستجابة حسب طاقة كل فرد، وأسهمت كثيرا في مساعدة الفقراء والمعوزين من الشباب، في عملية تزويجهم مع توفير لهم كل الإمكانيات المتاحة. 

وقد أشار مواطنون في حديثهم إلينا حول ظاهرة الأعراس الجماعية التي تزداد كل سنة ويلتف حولها أعداد كبيرة من السكان، نجدهم كلهم يدعمونها ويفرحون بها، وهذا واضح في أعداد الزوار الكبير لحضور حفل إعلان القران الجماعي للعرسان. وهذه السنة شهدت ولاية أدرار تنظيم عدة أعراس جماعية زادت البهجة في الاحتفال، حيث تم في أقل من أسبوع تزويج 260 شابا وشابة عبر مختلف القصور والمناطق، والعملية لاتزال متواصلة.

قصر أولاد ونقال يحتضن تزويج  22 عروسا

احتضن قصر أولاد ونقال جنوب مدينة أدرار، عرسا جماعيا في طبعته 5 من تنشيط جمعية الأفراح الخيرية وأهل القصر، حضره آلاف الزوار من داخل مدينة أدرار وخارجها؛ حيث شهد الملعب الجواري تنظيم مراسيم عقد القران الجماعي للعرسان بإشراف الأئمة وأعيان القصر. كما تم بالمناسبة تنظيم وجبة عشاء جماعية، سهر عليها شباب القصر وكلهم حيوية وتنظيم محكم، يتقدمهم كبار القصر يستقبلون الضيوف. كما يُختتم العرس بتلاوة الفاتحة والدعاء الجماعي للعرسان.

الزاوية البكرية بتمنطيط في عرس جماعي 

شهدت الزاوية البكرية ببلدية تمنطيط لشيخها ديدي سيدي أحمد البكري مؤخرا، مهرجان العرس الجماعي على وقع تزويج 32 عروسا، بحضور والي أدرار والمنتخبين والضيوف من كل ربوع الولاية وحتى من خارجها، ميزه التنظيم المحكم بانخراط كل سكان المنطقة والمحسنين ورجال المال والأعمال على توفير كل المستلزمات؛ حيث قام شيخ الزاوية بالإشراف على عملية الإبرام الشرعي للقران الجماعي وقراءة الفاتحة والدعاء لهم، ثم تناول الحاضرون الذين فاق عددهم ألفي شخص، مأدبة العشاء في أجواء بهيجة، حرّكت هدوء المنطقة. 

ونظمت جمعية بيت الخير عرسا جماعيا في طبعته العاشرة، تم خلاله تزويج 26 عروسا، احتضنه المركب الرياضي لمدينة أدرار بحضور أعداد كبيرة من الزوار. وعاش نفس الأجواء والمراسيم في مختلف الأعراس الأخرى التي شهدتها مناطق وقصور أدرار، قصر أولاد علي، حيث نظمت جمعية الأفراح التضامنية عرسا جماعيا وزوّجت 22 عروسا. كذلك عاشت عدة قصور وأحياء شعبية أعراسا جماعية سادها التضامن الاجتماعي وانخراط السكان ورجال المال والأعمال والمحسنين. وأصبحت عادة متجذرة في المجتمع لترقية ظاهرة الزواج الجماعي مما مكن من تكريس الروابط الاجتماعية.  

وأشار رؤساء تلك الجمعيات في حديثهم إلينا، إلى أن هذه الأعراس تبقى دوما مسايرة ومحافظة على روابطها جراء المتابعة منها وأهل كبار القصر، بدون تسجيل أي حالة طلاق؛ كون الكل شاهد ومساهم؛ مما يبقي ظهور المشاكل قليلا جدا، حيث تعززت الحياة بالاستقرار الأسري لأزواج يتكفل بهم النمط الجماعي الذي يوفر كل مستلزمات ديمومة الحياة الزوجية. كما تنظم الجمعيات من حين لآخر لقاء جماعيا، يضم الأزواج في أنشطة؛ بغية متابعتهم وتذكيرهم بأهمية الزواج وتأهيلهم حتى لا يقعوا في فخ الطلاق. وتستمر مواسم الأفراح بأدرار في هذا الفصل الربيعي الذي تتخلله عادات وتقاليد خاصة نابعة من عمق المنطقة.