إقبال ترجم مدى تفتح الجزائري على ثقافة «الصولد»

توافد منقطع النظير على المحلات التجارية بالعاصمة

توافد منقطع النظير على المحلات التجارية بالعاصمة
  • القراءات: 1281
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

أدرج المستهلك الجزائري في السنوات القليلة الأخيرة، مفهوما جديدا في قاموس حياته اليومية؛ وهو «الصولد»، حيث أصبح الفرد يدخر ما لديه من مال بهدف اقتناء ملابس بنصف أسعارها الأصلية وأحيانا بأقل من 80 بالمائة مما كانت عليه خلال تلك المواسم. الأمر الذي جعل فترة «الصولد» محل انتظار  «عشاق» الملابس الجديدة، ينتظرونها بفارغ الصبر ويسجلون حضورهم منذ الساعات الأولى من انطلاقها.

مفهوم أدخلته بكل مقاييسه تلك العلامات التجارية الأجنبية التي غزت السوق الجزائرية منذ فتحها لفروع داخل أكبر المدن الجزائرية، لاسيما العاصمة والبلديات المجاورة لها، حيث أصبح الفرد الجزائري «ضحية الموضة» الأوروبية، بعدما أصبحت تلك الملابس بأحدث الصيحات تروج لها مختلف الوسائل الإعلامية التي جعلت الجزائري يواكب أحدث التصاميم لأشهر الأزياء العالمية الفرنسية، الإيطالية، الإسبانية أو اليابانية وغيرها.

وقد أدرج هؤلاء التجار الأجانب سياسية جديدة للترويج لتلك المواسم، ودفع المستهلك، خاصة الشباب، إلى الإقبال بشكل «جنوني» على البضاعة التي مسها «الصولد»، الأمر الذي يخلق إقبالا منقطع النظير منذ أولى ساعات انطلاق «العملية»، وهو الأمر الذي وقفنا عليه خلال توافد المئات على أحد المراكز التجارية بالعاصمة، التي أصبحت لها شهرة وسط مختلف الشرائح العمرية التي تنتظر «الصولد» خلال فترات محددة من السنة، يحترمها مسيرو تلك المحلات للعلامات التجارية الأجنبية.

وقد اعتمد هؤلاء المتعاملون مختلف السياسات بهدف الترويج للعملية، إذ قبل أسابيع من الانطلاقات، تعج صفحات مواقع التواصل الاجتماعية خاصة «الفايسبوك»، لمنشورات تحدد تاريخ انطلاق عملية «الصولد»، تلك المنشورات التي تحصد آلاف المعجبين في الدقيقة الواحدة، ليتهافت الشباب والشابات على معرفة التواريخ وعناوين تلك المحلات حتى يكونون في الموعد ولا يفوتون «الصولد». وعند اقتراب اليوم المحدد، يتلقى «الزبائن الأوفياء» الذين لهم حسابات خاصة عند مسيري تلك المحلات رسائل نصية لدعوتهم إلى الاقتراب من المحلات واقتناء بضاعة من «الصولد»، مع تحديد في الرسالة، نسبة التخفيضات في كل مرة.. ويبدو أن التقشف لم يمنع البعض من اقتناء مختلف الملابس التي انخفض سعرها إلى 50، 60 وحتى 80 بالمائة من سعرها الأصلي، كونها إغراءات جعلت البعض يتناسون كليا الأزمة الاقتصادية التي يمرون بها.

وحول هذا الموضوع، اقتربنا من محل خاص بالملابس الجاهزة بباب الزوار، علامة تجارية أصبحت مرموقة وسط الشباب بفضل تشكيلتها الجميلة، تعرض بصفة مواكبة لفروعها الأجنبية في مختلف الدول حول العالم، الأمر الذي أثار الشاب الجزائري في اقتناء ملابس بماركات عالمية، دون اضطراره إلى التنقل إلى دولة أوروبية. وأوضح لنا عدد من الشباب الذين اقتربنا منهم خلال تجوالنا بالمركز التجاري، أن اقتناءهم لملابس خلال عملية «الصولد»، أصبح أمرا لابد منه نظرا للأسعار المغرية التي تقترحها إدارة تلك المحلات، خصوصا أن أسعار تلك البضاعة تنتقص أحيانا إلى أكثر من نصف سعرها الأصلي، هذا ما يجعل انتظار «الصولد» روتينا تبنى ثقافته العديد من المواطنين، وهو في تزايد مستمر من موسم إلى آخر، إذ كانت الثقة في تلك العملية في وقت سابق شبه منعدمة، بسبب وهم كاذب كان ينتهجه بعض التجار بتعليق لائحات «الصولد» على واجهات المحلات دون تطبيقها حقيقة أو دون تخفيض ملموس في سعر البضاعة داخل المحل، الأمر الذي جعل كلمة «الصولد» مجرد وهم لا يثق فيه أحد، إلا أنه بعد المنافسة القوية التي خلقتها الفروع التجارية لعلامات تجارية مشهورة رائدة في مجال الألبسة الجاهزة، أصبح التقيد بقواعد الصولد أمرا يفرض نفسه لجلب الزبائن أكثر وعدم تكديس المحل ببضاعة قديمة غير رائجة، وإذا لم يتم التخلص منها في فترة معينة سوف تصبح قديمة ولا تواكب «موضة حديثة»، بالتالي لا يقبل عليها الزبون في المواسم القادمة مهما انخفض سعرها.

وقد سجلت المحلات منذ انطلاق عملية «الصولد» أرقام أعمال جد عالية، رفض القائمون عليها الكشف عن قيمتها، إلا أن الطوابير الهائلة التي رسمها الزبائن طيلة الفترة أوضحت مدى مداخيل هؤلاء خلال مواسم «الصولد»، وأكد أحد رؤساء الفروع بإحدى  تلك المحلات، أن إقبال الزبائن على المحل خلال فترة «الصولد» يتضاعف بأكثر من أربع مرات منه في الأيام العادية. موضحا  أنه رغم ارتفاع أسعار السلع خارج «الصولد»، إلا أن تلك البضاعة تجد مستهلكيها على مدار السنة من طرف فئة معينة من المجتمع ميسورة الحال، إلا أن نوعية الزبائن تتباين أكثر خلال فترة «الصولد»، حيث يقبل الميسورون وذوو الدخل المتوسط على اقتناء بضاعة بمواصفات عالمية ونوعية جيدة وبأسعار مغرية.