تعبّق أسواق وهران الباهية

توابل وبهارات لمذاق جزائريٍّ أصيل

توابل وبهارات لمذاق جزائريٍّ أصيل
  • القراءات: 688
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

تشهد الأسواق ومحلات بيع التوابل في مدينة وهران، إقبالا كبيرا على مدار السنة، من قبل العائلات، التي أصبحت تتوافد على هذه المحلات، وتتهافت بشكل كبير، على شراء التوابل لتحضير أطباق متنوعة لمختلف الوجبات. فبعدما كانت هذه السوق تنتعش خلال شهر رمضان فقط، ها هي اليوم تشهد حركة مستمرة نظرا لتفتّح العائلات الجزائرية على مختلف أطباق العالم، والتي لا يمكن تجربة وصفة معيّنة الا بتوفير التوابل الخاصة بتحضيرها.

وعلى عكس الاعتقاد السائد والخاطئ ـ على حسب حديث مولود بائع التوابل ببلدية أرزيو بمدينة وهران ـ بأن أغلب التوابل المباعة في الجزائر مصدرها المغرب، فمنذ إغلاق الحدود البرية مع دولة المغرب، لم يعد لتلك التوابل طريق للوصول إلى أسواق مغنية، المدينة التلمسانية الساحلية والحدودية مع دولة المغرب، إلا أن اليوم مصدرها غالبا من مدينة وهران، حيث يتم استيرادها من دول أوروبية؛ إسبانيا وكذا بلجيكا، هذه الأخيرة أصبحت تروّج مختلف التوابل العالمية، والتي نجحت، كذلك، في ابتكار الخلطات، خاصة خلطات الأطباق التقليدية لدول المغرب العربي.

وتشهد اليوم أسواق مدينة وهران، غزوا للتوابل من مختلف دول العالم؛ كالهندية والباكستانية والمغربية وحتى الميكسيكية، بعدما كانت تقتصر فقط، في السابق، على التوابل المغربية؛ لما لها من نكهة خاصة متميزة ومتقاربة كثيرا مع تقاليد الطبخ الجزائرية.

وتتشكل هذه التوابل من المواد المركبة العطرية، والتي لها مذاق خاص، تختلف أسعارها من تابل لآخر، وتكون بين 600 دينار جزائري للكيلوغرام الواحد، ليصل سعر بعضها الآخر إلى 15 ألف دينار للكيلوغرام الواحد كذلك، لكن تباع بالكمية التي رغب فيها الزبون؛ يقول المتحدث: "تلبية للطلبات المتزايدة من الزبائن على التوابل الأجنبية لا سيما الهندية والميكسيكية، يتم في كل سنة استيراد أنواع جديدة من التوابل تفتقر إليها السوق الوطنية، ومنها ما أصبح لا يتجزأ من المطبخ الجزائري، خلق بذلك مزيجا بين تقاليد الطبخ العالمية في غاية الروعة، على غرار الكيري، والكركم، والبابريكا، والتوابل المدخنة، والتي يتم جلبها من الهند وباكستان اللتين تشتهران بزراعة هذه الأنواع من التوابل، التي تحظى بشعبية كبيرة وسط كل شرائح المجتمع؛ إذ أصبحت لا تستغني عنها وجبات العائلات الراغبة في تنويع الأطباق بين الحين والآخر.

السيدة وفاء، ربة بيت، قاطنة بالقرب من سوق لاباستي، كانت تبحث عن محلات بيع التوابل، قالت: "لا يمكن أن تحضّر وجبات عائلية بدون بعض الأطباق التقليدية، مثل وجبة الحريرة، التي تُعد سيدة المائدة، والتي يكثر فيها استعمال التوابل، وكذلك الطواجن بمختلف أنواعها. فبالرغم من وضع كمية معتبرة فيها، إلا أنها خلال تقديمها، تضيف إليها العائلات الوهرانية، كميات إضافية لتركيز الذوق، ومنح الطبق نكهة خاصة".

وفي ما يخص التوابل التي تعرف إقبالا كبيرا في مدينة وهران، أوضحت محدثتنا أنها تلك التي توضع في الحريرة؛ على غرار الكروية، وراس الحانوت، والزنجبيل، والفلفل الأسود والأحمر، والكمون، والقرفة، وزريعة البسباس، وحبة الحلاوة وغيرها، لكن تختلف الطلبات حسب كل منطقة، فالقادمون من شرق البلاد يعتمدون كثيرا على الفلفل الأحمر الحارّ في أطباقهم. والقادمون من الوسط على غرار الجزائر العاصمة، يحبذون التوابل البيضاء، كما هي الحال بالنسبة للفلفل الأبيض والزنجبيل والقرفة؛ كونهم يطهون الأطباق ذات المرق الأبيض.