مختصون يدعون إلى اتخاذ تدابير وقائية

تلوث مياه البحر وراء بعض التسممات

تلوث مياه البحر وراء بعض التسممات
  • القراءات: 1858
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة
أصبح فصل الصيف يشكل هاجسا حقيقيا بالنسبة لمصالح الصحة بسبب حالات التسممات الغذائية المتكررة التي تسجل طيلة هذا الموسم، حيث تعتبر درجات الحرارة العالية من جهة وقلة النظافة من جهة أخرى السبب الرئيسي لانتشار البكتيريا المسببة للتسممات التي قد تتحول إلى مشكل حقيقي يهدد السلامة العمومية، حيث أحصت مصالح التجارة منذ بداية العام الجاري أكثر من 2000 حالة تسمم عبر مختلف ولايات الوطن، كما أشار الطبيب العام محيي الدين بن شيخ إلى أن تلوث مياه البحر وراء بعض التسممات المسجلة. حول هذا الموضوع كان لـ"المساء" جولة استطلاعية عبر شوارع العاصمة لرصد ثقافة المواطن الجزائري حول هذه الظاهرة، ومعرفة أسس الوقاية لاتقاء شر المضاعفات التي تهدد صحته.
في هذا الخصوص، أوضحت السيدة علجية أن التسممات الغذائية مرض يستخف به الكثيرون ظنا منهم أنه مجرد حمى عابرة وآلام في المعدة مصاحبة بالقليل من القيء والإمساك، إلا أنه في حقيقة الأمر قد تتعقد الحالة إلى درجة أخذ المريض إلى الاستعجالات لإجراء حقنة مهدئة أو غسل للمعدة، وعلى هذا أحاول جاهدة حماية أسرتي من خطر التسممات الغذائية بحرص شديد بداية من متابعة قاعدة السلامة الغذائية، لاسيما فيما يتعلق بالنظافة واحترام سلسلة التبريد.
أوضحت لنا سيدة أخرى أن التسمم الغذائي لا مفر منه خلال فصل الصيف، فقد يكون الفرد ضحيته لسبب بسيط مثلا بعد استهلاك مشتقات الحليب التي تكون قد تعرضت لحرارة عالية في مرحلة من مراحل النقل أوالتخزين، إلى جانب اقتناء بضاعة تبدو في أول وهلة أنها في حالة جيدة، لا رائحة غريبة فيها ولا لون مخلف لطبيعة المادة، وهو ما يدفع الفرد إلى استهلاكها بكل طمأنينة.
من جهته، قال نسيم، شاب كان بصدد تناول وجبة الغذاء في إحدى مطاعم الأكل السريع إن التسممات الغذائية مرض يهدد الصحة العمومية على مدار السنة، إلا أنه يزداد حدة في فصل الصيف بسبب درجات الحرارة العالية التي تعمل على إتلاف المواد الغذائية، مضيفا أن أغلبية الشباب يقعون ضحيته بسبب إقبالهم على استهلاك وجبات سريعة في مثل هذه المطاعم التي تقدم الوجبات الخفيفة، ورغم علمهم بذلك إلا أنهم يحاولون اختيار أنظفها، وتلك التي تكون لها سمعة جيدة أو اعتادوا تناول الغذاء فيها دون تسجيل مشاكل صحية.
السيد فارس لم يخالف رأي البقية، مضيفا أن سبب التسممات الغذائية هي بعض المطاعم بشكل خاص وبعض محلات بيع المواد الغذائية بشكل عام التي تتحدى بشكل سافر الأجهزة الرقابية للدولة ويعمل أصحابها المستحيل من أجل الوصول إلى استنزاف أموال المواطنين على حساب صحتهم، غير مبالين بالتهديدات التي تحدق بصحة المستهلكين بفعل تلك البضاعة الفاسدة.
من جهتها، أوضحت السيدة نوال، موظفة أنها مضطرة لاستهلاك وجبة غذاء سريعة على الساعة 12 زوالا والتي تقتنيها من المطاعم السريعة، أو تلجأ إلى اقتناء بعض المواد الاستهلاكية مثل الأجبان أومواد أخرى، عند حلول موعد الغذاء فهي موظفة، إلا أنها أبدت تخوفها الحقيقي من مادتي "الباتي" و"الكاشير" بعد ما تم تداوله حول خطورة هذه المادة التي تسببت في وفاة بعض المواطنين، قائلة "إنني أتفادى تلك المادة بشكل قطعي، واعتمد على حواسي عند اقتناء أية مادة استهلاكية لأن بعض ما نأكله في شكله العام يبدو سليما، بنفس اللون والشكل، إلا أن رائحته تميل إلى الحموضة ويكون طعمه غريبا، وعلى هذا الأساس أتفادى كليا استهلاك تلك المادة، وأفضل اقتناء حبات من الفاكهة التي أغسلها جيدا".
ويؤكد أخصائيون في الصحة العمومية بأن غياب ضمير أصحاب المحلات التجارية وعدم أخذهم بعين الاعتبار شروط النظافة ومقاييس حفظ المواد الغذائية خصوصا سريعة التلف، إلى جانب الغياب شبه الكلي للرقابة... كلها عوامل ساهمت في انتشار حالات التسممات الغذائية أثناء فترة الصيف، بسبب ارتفاع درجات الحرارة التي تتطلب مقاييس صارمة لا يمكن تجاوزها في عرض مختلف المنتوجات الغذائية، و في مقدمتها نجد مشتقات الحليب واللحوم بأنواعها، كما أن للمستهلك جزء من المسؤولية عند اقتنائه لسلع استهلاكية في محلات لا تحترم أدنى شروط السلامة الصحية ألا وهي النظافة.

ماء البحر وراء بعض التسممات!

كما شكل ماء البحر سبب بعض حالات التسممات التي سجلتها المصالح الصحية خلال هذا الصيف، هذا ما أوضحه الطبيب العام محيي الدين بن شيخ الذي أكد أن تلوث مياه البحر خلال هذا الموسم سجل ذروته، وذلك بسبب مجموع الفضلات التي بات المصطاف يلقيها في ماء البحر طيلة موسم الصيف ما حوّل تلك المياه إلى بؤر للتلوث والجراثيم، إلى جانب لجوء بعض المواطنين لقضاء حاجاتهم البيولوجية في الشواطئ التي تفتقر للمرافق العمومية، مما جعل تلك المياه ملوثة تصيب من يسبحون فيها بالعديد من الأمراض على رأسها التسممات، وكذا بعض الأمراض الجلدية وأمراض العيون.
ويدعو الطبيب إلى ضرورة تحلي المستهلك بالوعي، عن طريق التطبيق الصارم لشروط النظافة، في مقدمتها غسل اليدين قبل تناول الأطعمة أو الشروع في إعدادها، مع الغسل الجيد للخضر والفواكه التي يستهلكها، إلى جانب تفادي قدر الإمكان استهلاك المأكولات السريعة في الشارع، وأخيرا تبقى السلامة خير من العلاج بتفادي الاصطياف في البحر خلال أيام نهاية الأسبوع، حيث يكتظ البحر بالمواطنين وبالتالي يكثر تلوثه.
من جهة أخرى كشفت المديرة الفرعية بوزارة التجارة مليكة بزناد، أن مصالح التجارة أحصت منذ بداية العام الجاري أكثر من 2000 حالة تسمم عبر مختلف ولايات الوطن. وفي هذا الصدد، أوضحت المديرة الفرعية حصيلة التسممات الغذائية للسداسي الأول لسنة 2015 المسجلة عبر كل مديريات التجارة حتى يوم 19 أوت الجاري، معترفة أن العدد بلغ 2236 حالة تسمم.
وأضافت المتحدثة أن حالات التسمم تتوزع عبر الوطن، حيث سجل بولاية بومرداس 255 حالة، ثم تليها ولاية بجاية بـ244 حالة، وباتنة بـ152 حالة، كما تم تسجيل تسممات عبر 38 ولاية من مجمل 48 ولاية، مشيرة إلى أن غياب مطابقة المعايير الصحية وحملات قمع الغش، أسفرت في الفترة نفسها عن غلق أزيد من 1000 محل تجاري.