دعا إليه مختصون في الصحة
تقوية أساليب التواصل بين المريض والطبيب ترفع معدل الوقاية

- 1282

شكل موضوع الإعلام حول الصحة لمهنيي ومستخدمي الصحة، محور ندوة احتضنها منتدى المجاهد مؤخرا، ناقش فيها مختصون أهمية تقوية أساليب التواصل بين المريض والطبيب لإيصال المعلومة والرفع من معدل الوقاية، لاسيما أن التطور التكنولوجي اليوم جعل المريض أكثر وعيا ويتطلع إلى معرفة كل ما يخص حالته الصحية.
وصف الدكتور محمد بقاط بركاني رئيس مجلس عمادة الأطباء في بداية تدخّله، الإعلام فيما يخص مستخدمي الصحة بالضعيف، وقال «نعيش في مجتمع لا يعرف كيف يتواصل على جميع الأصعدة، الأمر الذي جعل المعلومة لا تصل كما يجب للمواطنين، وضرب مثالا بالتلقيحات التي وجهت للتلاميذ في الموسم الدراسي المنصرم، حيث رفض الأولياء تلقيح أبنائهم، مشيرا إلى أن ما جعل الأولياء لا يلقحون أبناءهم هو انتشار بعض المفاهيم الخاطئة حول التلقيح الذي كان يعتبر إجباريا وضروريا، وهو الخطأ الذي ارتكبته وزارة الصحة التي باشرت طرح برنامج التلقيح دون أن تعلم المواطنين حول كل ما يخص هذه التلقيحات التي في النتيجة، انصبت في ثلث التلاميذ، فيما ينتظر أن يعاد طرح البرنامج بالنسبة للفئة التي لم تلقح، ومن هنا تظهر أهمية الإعلام الذي يعتبر من حق المواطن ويدخل في إطار الوقاية.
من جهة أخرى، نقل الدكتور بركاني صورة أخرى عن غياب ثقافة الإعلام بالمجتمع الجزائري، من طرف مهني ومستخدمي القطاع الصحي، رغم أنها تلعب دورا كبيرا في الوقاية الصحية، فمثلا يقول «يفترض في الأيام القليلة القادمة انطلاق حملة التلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية التي تعتبر إجبارية بالنسبة لبعض الفئات، مثل المسنين والنساء الحوامل والمصابين بالأمراض المزمنة، غير أن غياب التواصل يجعل دائما المعلومة لا تصل إلى المعنيين بها، لأن الصيدلي لا يوصل المعلومة للمستهلكين، والطبيب خلال قيامه بعمله لا يذكّر مرضاه، الأمر الذي يدعونا دائما إلى المطالبة بضرورة فتح المجال واسعا في سبيل إيصال المعلومة التي تدخل في إطار نشر ما يسمى بالتربية الصحية.
لم يحصر رئيس عمادة الأطباء مشكل غياب التواصل بين المريض والطبيب فحسب، وأكد بأن المشكل مطروح أيضا بين وزارة الصحة والأطباء، ولعل أحسن مثال على ذلك، قانون الصحة الذي لا يزال مجرد مشروع قانون يجهل أغلب الممارسين للصحة ما يحويه من قوانين، الأمر الذي يدعونا ـ بالمناسبة ـ يقول «إلى المطالبة بإعادة مراجعته، خاصة أنه يحوي بعض المواد التي لا تخدم المنظومة الصحة ولا الأطباء»، مشيرا في الإطار إلى أن مشروع قانون الصحة يحتوي على العديد من النصوص العقابية التي كان يفترض أن تستبدل بغيرها من قضايا تهم المريض والطبيب، لاسيما أن قانون العقوبات يشير إليها، بالتالي لا داعي لأن يحملها قانون الصحة.
على صعيد آخر، يرى الدكتور بركاني بأن الإعلام الجيد يلعب دورا كبيرا في الوقاية من مختلف الأمراض، غير أن هذا الأخير بصفة عامة لا يلعب دوره كما يجب في مجتمعنا، وإنما يساهم في التضليل لأن المعلومات التي يقدمها تسيء للصحة، وأكثر من هذا، تربي المجتمع على ثقافة غير صحية. ويذكر في الإطار الومضات الإشهارية التي تروج لبعض الأغذية المضرة بالصحة، كالمشروبات المحلاة، ومن ثمة نطالب ـ يقول ـ «بضرورة وجود قانون يلزم مثل هذه القنوات على القيام بالوقاية الصحية من خلال فرض الرقابة على ما يتم عرضه.
أبدى الدكتور بركاني تعاطفه مع الأطباء الذين يعتبرون ـ على حد قوله ـ ضحايا لمحيطهم وقال «بأن هذه ربما من بين الأسباب التي تجعله مقصرا في تقديم المعلومة للمشاركة في فرض تربية صحية وقائية، مشيرا إلى أن ظروف العمل صعبة، خاصة على مستوى المؤسسات الاستشفائية، حيث تكون أدوات العمل غير المتوفرة هي التي تؤثر سلبا على أساليب التواصل بين المريض والطبيب، معلقا بأن الجزائر تستثمر في تكوين أطباء أكفاء، غير أنهم يفرون إلى خارج الوطن سعيا وراء محيط محفز للعمل».
الإعلام الصحي الجيد يساهم في نشر ثقافة وقائية، وهي مسألة تخص الجميع، والمطلوب اليوم العمل على تقوية أساليب التواصل، يقول الدكتور بركاني، ويكشف عن أن ضعف الثقافة الوقائية بسبب عدم توفر المعلومة جعل 50 بالمائة من الأدوية توجه لمرضى السرطان من أجل العلاج ولا تقدم نتائج ملموسة.
من جهته، أرجع الدكتور إسماعيل بولبينة، خبير في الإعلام والتكوين الطبي المستمر، ارتفاع نسبة الأمراض في المجتمع إلى عدم فرض الرقابة على ما يتم عرضه من ومضات إشهارية تؤثر على صحة المواطنين، مشيرا إلى أن ارتفاع معدل الإصابة بالبدانة والسكري في الجزائر راجع إلى التغذية غير الصحية التي يجري الترويج لها.
في السياق، دعا بولبينة إلى ضرورة أن يعتمد الطبيب عند الحديث إلى مرضه على لغة بسيطة وشعبية حتى يضمن وصول المعلومة، موضحا أن التواصل بين الطبيب والمريض بالمقارنة مع السنوات الماضية، يعرف نوعا من التحسن، لأن المواطن اليوم أكثرا وعيا بفضل مختلف الوسائط التكنولوجية الحديثة، داعيا في السياق الجمعيات إلى لعب دورها.