سبعة أيام وليال من الاحتفال

تقليد "التحزام" عادة متجذرة تحييها نساء مستغانم

تقليد "التحزام" عادة متجذرة تحييها نساء مستغانم
  • القراءات: 1710
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

تختلف عادات وتقاليد الجزائريين من مدينة إلى أخرى، باختلاف المناطق والجهات، مما أضفى تنوعا كبيرا في أنماط الزي واللباس وطرق التجميل، وشكل الاختلافات والطقوس والاحتفال ببعض المناسبات التي تخص المنطقة دون غيرها، وهذا ما ميز الحياة الثقافية والفنية للمجتمع المستغانمي. ومن بين تقاليده "التحزام"، وهو اليوم الذي يلي، مباشرة، ليلة الزفاف، والذي يزخر بمجموعة من التقاليد لاتزال نساء الولاية يحرصن الحرص الشديد، على القيام بها عند تزويج إحدى فتيات العائلة.

تحتفظ مدينة مستغانم بكثير من مقوماتها الخاصة التي توارثها السكان منذ القدم، ولا يعرف أبناء الجزائر عنها إلا القليل عن طريق السماع، أو قراءة بعض الكتابات السطحية، خاصة تلك التي كتبت أثناء فترة الاحتلال، والتي شوهت الكثير من تلك العادات، وحاول البعض تغيير اسمها لطمس الهوية وقطع صلة الأهالي بماضيها الفكري وتاريخها الحضاري. ومن تلك العادات الشهيرة بالمنطقة "يوم التحزام"، وهو صبيحة العروس الذي ترتدي فيه اللباس التقليدي الشدة، وفيه تأتي أم العروس بالغداء، وهو "الثريد بالمرق والدجاج" (عجين يرقق بطريقة رفيعة جدا، تصنع منه عدة أكلات، أشهرها الثريد بالمرق ولحم الدجاج).

وبعد الغداء يبدأ الحفل المعروف بـ "التحزام"، حيث تختار لهذه العملية كبيرة العائلة، تكون مسنة ومحترمة، تضع قصعة من الخشب على الأرض لتقف العروس فيها. وعندئذ تحزمها المرأة بحزام أخضر على خصرها، وتلفه سبع مرات، وعند الانتهاء تضع لها الحاضرات النقود في الأكمام "الكمايم" (جمع كم، وهو مدخل اليد ومخرجها من الثوب)، ويعطى لها حزمة من السنابل، كل ذلك يدل على عزمها في تكوين عائلة، والسهر على راحتها، وعلى أنها امرأة متمكنة من تأدية شؤون بيتها، ومدبرة ممتازة. وبانتهاء هذا اليوم تستطيع العروس أن تتحزم بحاشية خضراء فقط. وبعد الحزام تحمل العروس بين يديها طفلا صغيرا، يقدم لها ماء محلى بالسكر، فتشرب منه، ثم ترمي الحلوى من خلفها، فيسارع الأطفال لالتقاطها وهي متفائلة بأن تكون أيامها حلوة ومملوءة بالفرح والسعادة. وبعد مرور يومين أو أربعة أيام يشتري أبو الزوج السمك الأحمر، وعادة يكون من "الروجي" أو ما توفر من السمك، بالنقود التي أعطيت لعروس يوم "التحزام"، فتقوم العروس بتنظيفه وقليه ليكون غداء للأسرة، وهذا الفأل يدل على الرزق، حيث يقال إن العروس "مرزاقة"، أي تجلب رزقها معها، كدليل على بركة الزواج. كما تقوم بعمل ثان، وهو عجن الخبز إظهارا لمهارتها وقدرتها على تدبير شؤون البيت. أما اليوم المسمى " القطيع السالف" فتأتي فيه الأم لتناول الغداء مع ابنتها العروس حاملة "الزاورة"(وهي أن تأخذ الأم لابنتها الغداء مثل المدفوع)، ثم تقوم بإسداء بعض النصائح الهامة، كحسن العشرة، والمودة، وطاعة الزوج وأفراد عائلته، متمنية حياة سعيدة لابنتها، لتنتهي سبعة أيام وسبع ليال من العرس.

وتتشابه الكثير من المدن المجاورة في هذا التقليد، على غرار مدينة "الشلف"، التي تحرص، هي الأخرى، على إحياء تقليد "الحزام" خلال تزويج الفتاة.