الملتقى الدولي «محمد الغزالي» يناقش مفهوم الحرية العامة

تشخيص واقع المجتمعات المسلمة ورسم معالم جديدة لمستقبل أفضل

تشخيص واقع المجتمعات المسلمة ورسم معالم جديدة لمستقبل أفضل
  • القراءات: 1877
ز. الزبير ز. الزبير

ناقش دكاترة وأساتذة جامعيون، نهار أمس، بجامعة «الأمير عبد القادر» للعلوم الإسلامية بقسنطينة، مفهوم الحرية العامة بين تحديات الحاضر ورهانات المستقبل، ضمن ملتقى دولي نظمه الاتحاد العام الطلابي الحر في إطار الطبعة الحادية عشر من سلسلة ملتقيات الشيخ محمد الغزالي بين التجديد والإصلاح، مستندين على مفهوم الحرية في فكر العلامة محمد الغزالي.

تطرق الدكتور عبد الرحمان خلفة إلى موقف الفكر الإسلامي المعاصر للحريات العامة، معتبرا أن معظم الفقهاء في الوقت الحالي لم يعيروا مفهوم المواطنة الاهتمام اللازم، بل ذهب أكثر من ذلك، عندما أكد أنّ عددا من الفقهاء من أتباع العديد من التيارات الدينية التي رفضت مفهوم المواطنة عن جهل وعدم دراية بأهمية هذا المصطلح، مضيفا أن مصطلح الحرية أصبح غريبا عن الفقهاء المسلمين.

وأثارت أفكار الدكتور عبد الرحمان خلفة، جدلا ونقاشا واسعين داخل قاعة المحاضرات الكبرى، خاصة عندما تطرق إلى نقطة التحريم والتجريم في الدين الإسلامي، معتبرا أن الإسلام وفقا للقرآن الكريم كان أضيق شريعة في تجريم الأفعال على عكس بعض الكتب السماوية الأخرى مثل التوراة التي تساوى فيها التجريم مع التحريم، وأكد أن عددا من الأفعال المحرمة في الإسلام لا يجرم صاحبها ولا يأخذ عقوبة دنيوية على غرار الكذب والنميمة والحسد، معتبرا أن الدين الإسلامي طرح فلسفة جديدة لم يفهمها أتباعه، من خلال التعامل مع العقوبة الدنيوية والمحرمات في خطوة لعدم تنفير الناس من هذا الدين.

أما الأستاذ والكاتب التونسي سليم الحكيمي، رئيس المنتدى العالمي للوسطية، ومن خلال مداخلته الموسومة بـ«الحريات العامة وعوائق الاندماج الاجتماعي»، فقد اعتبر أن الحرية مرتبطة بالواجبات وأن الحرية في الإسلام ليست مبدأ سياسيا، مضيفا أن أكبر خطر بات يهدد الأمة الإسلامية هو اختلاط المفاهيم في تحديد حرية الفرد تجاه الدولة وتجاه المجتمع، ما ينتج عنده التصادم عند بروز رغبة في التغيير ولو بنية حسنة، وقال إنّ النخب العربية لم تؤد رسالتها، بل زادت من تأزم الأمر عندما وضعت نفسها كوسيط بين الشعوب العربية وبين الغرب وتواصل الانزلاق، عندما وضعت بعض الأطراف نفسها وسيطا بين الله وبين عباده وزكى هذه الأفكار ـ حسب المتحدث ـ بعض الأنظمة المتخلفة التي أساءت للإسلام أكثر مما خدمته.

من جهتها، تحدثت الدكتورة سهيلة مازة، عن قضية التربية على الحقوق والحريات العامة بين التنظير والممارسة، معتبرة أن الحرية فعل أخلاقي لا يمكن دونها الحديث عن الإتقان وأداء الواجبات وأن ممارسة هذه الحرية من طرف الفرد يجب أن يكون دون إفراط ولا تفريط، وقالت إن الفقهاء أهملوا الجانب الجمالي في الأحكام مما جعل هذه الأخيرة تصدر جافة شأنها شأن العديد من القيم.

وتناول الوزير السابق، الدكتور بشير مصيطفى، الحرية في التعامل بين الفرد والدولة من الجانب المالي والاقتصادي، معتبرا الحرية في الإسلام لها جانب وظيفي ضمن إطار عقائدي، قانوني وضمن حدود ومجالات للتطبيق وأن الشريعة الإسلامية تضمن التوازن للأسواق بالنظر إلى قوة الشريعة في ضبط سلوك الحرية الاقتصادية، حيث قارن بين التعاملات في الأسواق الغربية والتعاملات التي تنصّ عليها الشريعة الإسلامية، واستنتج أن الغرب أعطى صلاحيات كبيرة للملكية الفردية وهو ما سبب العديد من الأزمات، مضيفا أن الملكية في الإسلام متنوعة بين الفرد، العامة والدولة وقال إن العمل في الشريعة الإسلامية مصدر للقيمة.

واقترح بشير مصيطفى، في رؤيته الاستشرافية، تأسيس بنك وطني للزكاة من أجل بعث الاقتصاد المحلي، كما اقترح إدماج الاقتصاد الإسلامي ضمن المناهج التعليمية والأبحاث الأكاديمية في الجامعة والاهتمام بقضية الثقافة والعامل العقدي التي ستتحول إلى محور نقاش عالمي خلال القرن المقبل.