المؤتمر العلمي حول دور الأخصائي في علم النفس المدرسي

ترقية المدرسة مرهونة بالتفعيل

ترقية المدرسة مرهونة بالتفعيل
  • القراءات: 1049
رشيدة بلال رشيدة بلال

ربط المشاركون في أشغال المؤتمر العلمي الوطني العاشر، ترقية المدرسة الجزائرية بالحاجة الملحّة إلى تفعيل دور أخصائي علم النفس المدرسي في الإرشاد والمرافقة النفسية والتربوية، من خلال عدد من المداخلات التي صبت في مجملها، حول ضرورة الاهتمام أكثر بدور الأخصائي النفسي في كل الأطوار التعليمية، وإزالة كل المعيقات التي تحد من مهامه في حل مشكلات المتمدرسين التي تفاقمت في عصر العولمة.

افتُتح الملتقى الذي احتضنته مؤخرا جامعة الجزائر 2 أبو القاسم سعد الله بالعاصمة، بمداخلة لرئيسة المؤتمر الدكتورة فاطمة الزهراء مشتاوي، التي أشارت في معرض حديثها، إلى أنّ الأخصائي النفساني فعال جدا في الوسط المدرسي، وهو ما يعكسه الدور الذي يلعبه في الإرشاد والتوجيه للنهوض بالعملية التعليمية في جميع مراحلها، وبالتالي "نحن في حاجة إلى الإجابة عن عدد من الأسئلة الهامة، ومنها: "من هو الأخصائي النفساني؟ وما هي مهامه؟ ومع من يتعامل؟ وما المقصود بالحاجة المدرسية إلى خدماته؟ وكيف يمكن تفعيل دوره في الميدان؟ التي تقود إلى رفع عدد من التوصيات التي من شأنها أن تعطي أهمية أكبر لوظيفة الأخصائي النفساني في المؤسسات التربوية، خاصة أنّها الوظيفة الوحيدة التي تجمع بين اختصاصين؛ التربية والصحة النفسية.

ولدى تدخلها، عرضت الأستاذة نسيمة طالب المتخصصة في علم النفس المدرسي، أهم المشكلات التي يُفترض أن يتدخل فيها الأخصائي النفساني، والمتمثلة في التأخر المدرسي، وصعوبات التعلم، والرسوب المدرسي، والإفراط الحركي، غير أن هذه الأدوار، للأسف، حسبها، لا يغطيها الأخصائي كلها بالنظر إلى قلة عدد الأخصائيين النفسانيين، الأمر الذي يؤثر سلبا على التلميذ؛ بسبب التأخر في اكتشاف الحالة، "لاسيما إذا علمنا أن الأخصائي قد يوزع على أكثر من مقاطعة إدارية واحدة، الأمر الذي يصعب عمله في الميدان؛ ما يتطلب مناشدة المنظومة التربوية فتح مجال التوظيف لمختصين نفسانيين؛ لتغطية النقص المسجل بالمؤسسات التربوية التي يغيب عنها الأخصائي".

ومن جهة أخرى، أوضحت المتدخلة أن الحاجة إلى وجود مختص نفساني بالمؤسسات التعليمية، ملحّة بسبب التطور التكنولوجي الذي نعيشه، والذي خلّف ضغوطات عديدة أثرت بشكل أو بآخر على التلميذ، ودفعت بالأولياء، حسبها، إلى البحث عن مرافقين نفسانيين لدعم أبنائهم من بداية السنة إلى نهايتها؛ لضمان صحة تربوية ونفسية، خاصة خلال مرحلة المراهقة.

واختارت الأستاذة نادية غيلاس مختصة في علم النفس الاجتماعي، الحديث عن دور الأخصائي النفساني في محاربة ظاهرة الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أشارت في معرض حديثها، إلى أن اختيار موضوع الإدمان راجع إلى تنامي الظاهرة وسط المتمدرسين وتأثيرها الكبير على تعليمه وعلى نفسيته. وكانت الانطلاقة، حسبها، في الربط بين دور الأخصائي النفساني والإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي؛ من خلال استبيان مس ستين تلميذا مدمنا، ظهرت الحاجة الملحة إلى ضرورة التكفل بهم من طرف الأخصائي أو المرشد النفساني بعد اكتشاف الحالة، بالاعتماد على برامج إرشادية تقوم على مبادئ علم النفس للتقليل من إدمانه، الأمر الذي يقود "إلى ضرورة تفعيل دور الأخصائي النفساني، وفتح المجال له واسعا ليتمكن من أداء مهامه".

وفي السياق، تحدثت المتدخلة عن عدد من المعيقات التي تحول دون تمكن الأخصائي النفساني من أداء مهامه، ومنها إيكال المهمة إلى مختص واحد يشرف على كل المؤسسات بأكثر من أربع مقاطعات إدارية، الأمر الذي يجعله غير قادر على تلبية حاجة كل المؤسسات التي تعاني من الاكتظاظ، إلى جانب عدم منحه الوقت الكافي للتواصل مع التلاميذ الذين يعانون من مشاكل نفسية وتربوية. وتقول: "ما يقودنا إلى القول إن دور الأخصائي النفسي شبه مغيَّب في المؤسسات التعليمية؛ الأمر الذي أدى إلى استفحال بعض المشاكل النفسية والتربوية كالتسرب المدرسي".

ومن جملة التوصيات التي رفعتها المحاضرة، الحاجة إلى فتح مجال لتوظيف الأخصائيين النفسانيين بكل المؤسسات التربوية؛ بمعدل مختصين في كل مؤسسة، إلى جانب بناء برامج إرشادية، والتكثيف من حصص التوجيه والإرشاد للتلاميذ في كل الأطوار التعليمية.

وسلطت طالبة الدكتوراه سهام سراوي لدى تدخلها، الضوء على دور الأخصائي النفساني في محاربة ظاهرة التسرب المدرسي. وأوضحت أن "التسرب المدرسي من المشكلات العويصة التي تواجه المدرسة، يكفي فقط تفعيل دور الأخصائي النفساني، الذي يُفترض أن من بين أدواره التواصل مع التلاميذ لمعالجة مختلف مشاكلهم بالمرافقة والتوجيه والتواصل مع الأولياء"، مشيرة إلى أن التحدي الكبير الذي يواجه المؤسسات التعليمية هو قلة عدد الأخصائيين، "الأمر الذي يقودنا إلى المطالبة بالتكثيف من تواجد الأخصائيين النفسانيين لتهيئة بيئة مدرسية صالحة".

وتحدثت طالبة الدكتوراه تخصص لسانيات من جامعة حاج الأخضر باتنة 1 الأستاذة إيمان بلحداد، عن أهم الآليات التي من شأنها أن تفعّل دور الأخصائي النفساني في المدارس الجزائرية وبجميع الأطوار التعليمية، ومنها خلق منصب قار للمختص النفساني في جميع المؤسسات التعليمية لتمييزه عن باقي الأخصائيين، خاصة أنّ دوره هو معالجة صعوبات التعلم وما تفرضه من مشاكل، إلى جانب الحاجة إلى انتهاج الأخصائي النفساني طرقا علمية حديثة في معالجة مختلف المشاكل النفسية والتربوية التي يعانيها المتمدرس وتحديدا  في مرحلة المراهقة، وأخيرا دعوة إلى فتح شبكة على الإنترنت لكل أخصائي نفساني بالمدارس، للتأكيد على فكرة التواصل بين الأخصائي والأولياء.