الأطباق الشعبية بقالمة
تراث عريق يصعب التخلي عنه

- 151

يتميّز المطبخ الڨالمي بتنوّع الأطباق والأكلات الشعبية، إذ تحصي ڨالمة الكثير من تراث الجدّات، لا يمكن الاستغناء عنه على مدار السنة. وفي مقدمة الأطباق التقليدية، نجد "الكسكسى" الذي له تاريخ طويل في شمال إفريقيا، حتى جعله البعض علامة مميّزة في معاشهم، وهو من الأطباق الرئيسية لدى المجتمع القالمي، سواء في الأفراح أو الأقراح أو في سائر الأيام، ومن أهم تسمياته الشائعة في المنطقة "الكسكسي المفتول" أي العادي، و"المسفوف" و"كسكسي بومغلوث".
فـ"الكسكسي" العادي شائع ومعروف، يقدّم عادة باللحم أو الدجاج، والمرق والخضر، كما يُقدّم باللبن والسكر خاصة في فصل الصيف، أما "المسفوف"، يُحضّر بالزبيب والسكر والزبدة، ويزيّن بالرمان والعنب والمكسّرات حسب الأذواق، ويقدّم في السحور في رمضان مع الحليب الرائب، ويعتبر من الأطباق التي تستهوي ناس قالمة، خلال الشهر المبارك، فيما يحضر "الكسكسي بومغلوث" من دقيق الشعير، ويميل لونه إلى الاحمرار الذي يشوبه سواد، تكون حبّاته نوعا ما غليظة، ويقدم بالمرق والخضر، وأحيانا، يقدّم باللبن والسكر.
ومن الأطباق الشعبية التقليدية الشائعة في قالمة، "الثريدة" التي تُحضّر من الدقيق والماء وتُعجن، ثم تقطّع على شكل مربعات صغيرة، وتترك لتجف لمدة أيام، ثم يُحضّر المرق واللحم والحمص، وعند طهيهما، تُجَمَّر في المرق حتى تمتصّه، ثم تقدم مع قطع اللحم، وتزيّن بالحمص والبيض المسلوق، ولا يمكن الاستغناء عنها، حيث تقدم في ليلة النصف من رمضان وفي ليلة السابع والعشرين وأيضا في الأعراس والافراح وعند قدوم الضيف تكريما له.
"الشخشوخة" فخر الأعراس
أما الطبق المشهور في قالمة وفي كل الشرق الجزائري، ويعد الأكثر شعبية، "الشخشوخة"، تطبخ في المناسبات كالأعراس والأعياد، ولا يمكن الاستغناء عنها، تقدّم في النصفية وفي ليلة السابع والعشرين، وهي عبارة عن عجينة من القمح الليّن والماء والملح، وهي نوعان: "شخشوخة" الظفر و"شخشوخة" الفول، بالنسبة لـ"شخشوخة الظفر"، فهي عبارة عن دقيق وماء وملح، تخلط لتكون عجينة طرية، ثم تخبز كالكسرة، وبعد الطهى تقطع مستطيلات، ثم تقطع بالظفر على شكل دوائر صغيرة، وتفوَّر ثم تقدّم مع المرق واللحم والحمص، أما "شخشوخة الفول"، فهي عبارة عن فول مفوّر، يضاف إليه "الشخشوخة" المقطعة والزبدة، وتكثر هذه الأكلة في موسم جني الفول في فصل الربيع، خاصة هذه الأيام، وإلى جانب "الشخشوخة" والثريدة" و"الكسكسي"، نجد طبق "النعمة" بما يعرف في بعض المناطق بـ"الفطير".
"الغرايف" و"الرفيس" للمناسبات السارة
وبخصوص المناسبات السّارة كالأفراح والأعراس، فإن ناس قالمة، لا يمكنهم الاستغناء عن طبق "الغرايف" أو "الرفيس"، باعتبارهما حلوا المذاق، تعبيرا عن السعادة والفرح وفال خير، فطبق "الغرايف" بما يعرف في الوسط الجزائري بـ"البغرير" وفي قسنطينة بـ"القُرْصة"، فهذا الطبق عبارة عن دقيق وماء وخميرة، يُطهى في "الطاجين لمْسَرَّح (آلة طهي)، ثم تضاف إليه الزبدة الذائبة، والسكر أو العسل، و"الرفيس" أيضا، من الأطباق التقليدية حلوة المذاق، وهو نوعان: "الرفيس" العادي: يُقدّم عادة في الأعراس والأفراح والمناسبات السعيدة، عبارة عن خليط من دقيق وملح وماء، ثم يقطع العجين إلى قطع ويطهى في فرن حتى يميل لونه إلى الاحمرار، بعد ذلك، يطحن باستعمال "المهراس"، ويخلط بالعسل والزبدة، ويزيّن الطبق بالمكسّرات، ويُقدّم عادة مع الحليب الرائب، فيما يتم تحضير "الرفيس" ال تونسي، بالسميد المتوسط، وبعد تحميصه في المقلاة، يخلط بالتمر المعجون (الغرس) المنزوع من النواة وكل الشوائب، مع إضافة الزبدة والعسل، ثم تُشكّل قطع عجينة حلوة المذاق، ويقدم في سائر الأيام مع القهوة وأيضا، للضيوف.
كما تشمل قائمة الأطباق التقليدية، "الجاري" بما يعرف بـ«شربة الفريك"، فلا تخلو موائد رمضان في قالمة، منه على مدار شهر كامل، وفي الأعراس والأفراح، كما يُعد ّالجاري" من الأطباق الرئيسية المميّزة في شهر رمضان بمذاقها الرائع ومكوناتها البسيطة من "الفريك" والطماطم والنعناع أو "الدبشة" والكرافس"، إذ يقدم يوميا رفقة "البوراك" أو "البريكة"، أو "الكسرة" سواء "الرخسيس" أو "المطلوع" وأيضا "خبز الدار".
ولا بد أن نشير إلى أن قالمة تشتهر بطبق "الملوخية"، وهو غير معروف كثيرا في الولايات المتبقية وحتى البعض رغم قربها منها، ويعتبر طبق "الملوخية" مع كسرة "المطلوع" من أشهى الأطباق التي تستهوي سكان قالمة، إلى جانب طبق "االقناوية". ويحبّذ ناس قالمة أكلة "العيش بالقديد" مع الفلفل الحار، في فصل الشتاء لإعطاء القوة ومحاربة نزلات البرد، و"القديد" هو اللحم المجفّف طبيعيا في الملح، له مذاق لذيذ، يتم تناوله أحيانا، مع "العيش" و«الكسكسي"، أما أكلة "العصيدة" فكانت تُقدّم خصّيصا في يوم المولد النبوي الشريف، تُحضّر من الدقيق والماء وتُطبخ في ماء القدر، بحيث يُحرّك الدقيق في القدر تحريكاً مستمرّا، حتى ينضب الماء، وتُقدم بإضافة الزبدة والسكر، كما تُقدّم في أيام البرودة في الشتاء، وإلى جانب "العيش بالقديد و"العصيدة"، نجد أكلة "المْحَمْصة" التي تقدم أيضا، في الشتاء، فيما يحبّذ ناس قالمة أكلة "المحاجب" في فصل الشتاء لمقاومة البرد، لمكوّناتها من البهارات والتوابل والطماطم والفلفل الحار، بإضافة العجين المادة الأساسية.