مع افتتاح الموسم الشتوي وترقب هطول الثلوج على قمم البليدة

تدابير استباقية لاستقبال زوار جبال الشريعة

تدابير استباقية لاستقبال زوار جبال الشريعة
  • القراءات: 2152
رشيدة بلال رشيدة بلال

❊ 55 ألف زائر تسلقوا مرتفعات البليدة خلال أسبوع 

❊ ترتيبات احترازية لتفادي مشاكل الموسم الماضي

تتوجه أنظار محبي الطبيعة الخلابة إلى أعالي جبال الشريعة بولاية البليدة بمجرد حلول موسم الشتاء؛ رغبة منهم في الاستمتاع بجمال طبيعتها الربانية، ومنظر الثلوج المتساقطة على الجبال، وأشجار الأرز النادرة التي تنفرد بها الحظيرة الوطنية بالشريعة. وعلى الرغم من تأخر تساقط الثلوج، غير أن عشاق المنطقة يترددون عليها بكثافة نهاية عطلة الأسبوع، قادمين إليها من داخل الولاية وخارجها في إطار رحلات منظمة لجمعيات أو وكالات سياحية، وحتى من خارج الوطن.

"المساء" حاولت من خلال هذا الربورتاج، تسليط الضوء على أهم التحضيرات التي تشهدها أعالي جبال الشريعة لاستقبال زوارها في أحسن الظروف، وأهم الترتيبات المتخذة لتجاوز بعض العراقيل والمشاكل التي حالت دون استمتاع الزوار بجمالها؛ تزامنا وسقوط الثلوج في الموسم الشتوي الماضي؛ نتيجة التدفق غير المسبوق عليها من كل ربوع الوطن، والذي فاق 55 ألف زائر تم إحصاؤهم خلال أسبوع فقط.

استكشاف للطبيعة والنظر إلى متيجة من علٍ

يقف زائر أعالي جبال الشريعة بولاية البليدة التي تقع جنوب غرب العاصمة على بعد 50 كلم، على التواجد المكثف للعائلات فيها على مدار السنة؛ لكون هذا الفضاء الغابي لديه جملة من المؤهلات السياحية، لاسيما الطبيعة العذراء، التي تجعله يشد الزوار إليه في كل فصل خاصة بفصلي الشتاء والصيف.

وإذا كان سكان البليدة يعتبرون غابة الشريعة رمزا للولاية ويعشقون طبيعتها الخلابة في غياب أماكن سياحية أخرى، من أجل هذا يفضلون قضاء عطلة نهاية الأسبوع فيها، حسب ما جاء على لسان عدد من المستجوَبين، الذين يعدُّون الفضاء مكانا مناسبا للعب الأطفال وسط أحضان الطبيعة الهادئة، وكذا التواجد بالقرب من فلاحي المناطق الجبلية لجلب بعض الحشائش العطرية والطبية والمنتجات الحيوانية؛ مثل بيض البط والدجاج البري أو ما يسمى "بيض عرب"، أو بعض مشتقات الحليب، ومنتجات النحل، وحتى المزرعة، منها في الجبال؛ مثل القرع الأحمر والزعتر اللذين يكثر عليهما الطلب خلال موسم الشتاء، فإن الزوار من خارج الولاية يدفعهم الفضول إلى التواجد بهذا الفضاء الغابي؛ حتى يعيشوا نشوة التواجد في واحدة من أعالي المرتفعات بالجزائر، والتي يصل ارتفاعها إلى 1525 متر على مستوى سطح البحر، واكتشاف جمالها، والتعرف على ما تحتويه من تنوع في الغطاء النباتي، خاصة ما تعلق منه بأشجار الأرز النادرة، التي تُعد من بين الأشجار المحمية، فضلا عن الاستمتاع بالمناظر الخلابة التي تمتد إلى سفوح جبال شنوة بولاية تيبازة، وهو ما عبّر عنه زائر من ولاية سطيف، أكد في معرض حديثه، أنه في كل مرة يزور فيها العاصمة من أجل قضاء بعض الأشغال، يشد الرحال إلى ولاية البليدة، من أجل قضاء بعض الوقت في جبال الشريعة، معلقا: "لديها سحر خاص، يكفي، فقط، الجلوس والنظر إلى ولاية البلدية من أعلى مرتفع ".

كما تُعد أعالي جبال الشريعة محطة هامة لمحبي الرياضات الجبلية؛ حيث تشهد، حسب ما أكد رئيس بلدية الشريعة سمير سماعيلية في حديثه إلـى "المساء": "إقبالا كبيرا عليها من  محبي رياضة المشي، وكذا عشاق رياضة الدراجات الهوائية، الذين يضربون موعدا في نهاية كل أسبوع، للقيام بوهواياتهم في شكل قوافل مؤطرة من قبل الجمعيات، تجوب مختلف المسالك الغابية"، فضلا عن تنظيم بعض المبادرات الرياضية أو ما يسمى بالجري في المناطق الغابية. ويواصل المتحدث قائلا: "شهدت بلدية الشريعة، خلال شهر أكتوبر المنصرم، تنظيم دورة الشريعة للدراجات الهوائية، التي عرفت مشاركة أكثر من 400 دراج حتى من ولايات الجنوب. وكانت المناسبة، أيضا، فرصة للتنزه فيها، واكتشافها".

مشاريع هامة لتهيئة الطرق والمسالك

بادرت مصالح بلدية الشريعة قبل افتتاح الموسم الشتوي، باتخاذ جملة من الإجراءات والتدابير التي من شأنها أن تضع حدا أمام الضغط الكبير الذي خلّفه تدفق العائلات على أعالي جبال الشريعة السنة الماضية، والذي تزامن مع هطول كميات معتبرة من الثلوج؛ الأمر الذي تسبب في إغلاق الطرق المؤدية إلى أعالي جبال الشريعة بعد انسدادها، حيث تم حسب رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية الشريعة سمير سماعلية، "الشروع في اتخاذ كافة التدابير التي من شأنها تحسين ظروف استقبال الزوار الذين يتوافدون على هذه المنطقة السياحية بالآلاف من مختلف ولايات الوطن، لا سيما المجاورة للولاية منها".

ويقول المسؤول الأول عن البليدة: " ومن بين أبرز هذه الإجراءات، تهيئة المسالك المؤدية إلى أعالي الشريعة؛ سواء من الجهة الشرقية أو الشمالية؛ بغية تخفيف الضغط عن الطريق الوطني رقم 37 الرابط بينها وبين مدينة البليدة؛ بهدف تفادي الانسداد المروري الذي يسجل خاصة خلال فترة تساقط الثلوج، ويتعذر معه على العائلات الوصول إلى أعالي جبال الشريعة".

من جهة أخرى، أوضح المتحدث أن مصالحه استحدثت مواقع خاصة بتوقف السيارات؛ نظرا لعدم استيعاب ساحة البلدية العدد الكبير من المركبات التي تتوافد على أعالي الشريعة؛ بهدف ضمان راحة الزوار؛ حيث يصبح من الصعب الحصول على مكان لركن السيارة،  خاصة بعد توقف المصعد الهوائي؛ الأمر الذي يفرض حتمية إيجاد حلول سريعة لمنع الازدحام، وضمان راحة الزوار، وأمنهم.

كما يشير المتحدث إلى تنصيب طاولات وكراسي على طول الطريق الوطني رقم 37، وكذا فتح  بعض المحلات الصغيرة لبيع مختلف المواد الاستهلاكية الخفيفة، والتي تحقق هدفين، حسبه، وهما توفير احتياجات الزوار من المواد الغذائية، ومنح شباب بلدية الشريعة فرصة للعمل، وهي المبادرة التي لقيت ترحيبا كبيرا من سكان البلدية.

تهيئة المحيط الغابي والمسالك الوعرة وتنظيفها

قال رئيس البلدية بأنه خلال الحملة الوطنية التي طالب بها السلطات العليا في البلاد من أجل تنظيف البالوعات والمجاري المائية، تم تزامنا وحلول موسم الشتاء، القيام بحملة واسعة لتنظيف كل المجاري المائية؛ بحكم أن بلدية الشريعة لا تحتوي على بالوعات؛ حيث تم تنظيف كل المجاري على حواف الطريق المؤدية إلى أعالي جبال الشريعة بالتعاون مع مديرية الأشغال العمومية، ومتيجة حدائق ومتيجة نظافة. كما تم تنقية وتنظيف الطريق المؤدية إلى جبال الشريعة، وإزالة كل الأغصان المتساقطة أو المسنة، التي يمكن أن تعيق حركة السير لتأمين الزوار حتى من انزلاق التربة"، مشيرا بالمناسبة إلى أنه تم تسجيل بعض المشاريع  التنموية لحماية الطرق من انزلاق التربة. كما تم إضفاء البعد الجمالي عليها، خاصة أنها من المناطق المستقبلة للزوار. وسُجلت برامج لتزفيت الطرق بعدد من المسالك الاجتنابية بعد الانسداد الذي حدث على الطريق الوطني رقم 37، والذي يشهد ضغطا كبيرا عليه من الزوار.

ودعوات لتنظيم المرافق الخدماتية في إطار قانوني

يميل بعض زوار الشريعة إلى البحث عن منتجعات أو شاليهات بغية كرائها نهاية الأسبوع والاستمتاع بالتواجد في أحضان الطبيعة.

وفي هذا الإطار أشار رئيس البلدية إلى أن بلدية الشريعة تحتوي على بعض الشاليهات التي تعود لأصحابها. وعلى الرغم من أن بعض ملاك الشاليهات أو المنازل يقومون بكرائها  للزوار، غير أن العملية تتم بطريقة فوضوية وغير نظامية. ويكشف المتحدث: " من أجل هذا ارتأينا، خاصة أن الطلب كبير على هذه الإقامات السكنية، أن يبادر الملاّك بكرائها، ولكن بطريقة قانونية، وحتى يتسنى لنا متابعة العملية وحماية الزوار.

واقترحنا على أصحاب الشاليهات أو السكنات المبنية في أعلى جبال الشريعة، أن يتم التنسيق مع الوكالات السياحية لتأجير المنازل للراغبين في التواجد فيها خلال موسم الشتاء؛ على غرار ما يحدث في بعض دول الجوار؛ مثل تونس، التي تشجع المواطنين على ممارسة مثل هذه الأنشطة التي تنعش السياحة المحلية"، لافتا في السياق، إلى أن مصالحهم لا تملك  إحصائيات حول عدد الشاليهات على مستوى بلدية الشريعة؛ الأمر الذي يصعّب عملية تنظيم هذا القطاع (إن صح التعبير) الذي يتطلب تدخّل مديرية السياحة لتنظيمه، وإعطاء صورة واضحة حوله، لتسهيل تقديم خدمات للسياح والزوار، مشيرا إلى أن الفنادق الموجودة على مستوى البليدة، هي الأخرى تظل غير كافية؛ حيث نجد هناك فندق الأرز، وفندق النسيم، وبعض المطاعم. وحسبه، فإن هذه المرافق الخدماتية تظل قليلة وغير كافية للتكفل بالعدد الكبير من الزوار، خاصة خلال الذروة في موسمي الشتاء تحديدا، لا سيما عند تساقط الثلوج، وفي الصيف.

تدعيم النقل البري إثر التوقف المؤقت للمصعد الهوائي

لعل واحدة من الأسباب التي تحفز زوار أعالي جبال الشريعة على زيارتها، سهولة الوصول إليها بالاعتماد على المصعد الهوائي الرابط بين أعالي جبال الشريعة ووسط مدينة البليدة، الذي يسمح للزائر بالتمتع بمناظرها الطبيعية من السماء، غير أن هذه الوسيلة يبدو أنها ستغيب خلال هذا الموسم الشتوي؛ بسبب تعطل المصعد الهوائي لأسباب تقنية.

وحسب رئيس البلدية سمير سماعيلة، فإن المساعي جارية من أجل  صيانة المصعد الهوائي الذي يُعد واحدا من المكاسب الهامة في ولاية البليدة؛ لكونه يربط بين وسط البليدة وأعلى جبال الشريعة، ويلعب دورا كبيرا في فك العزلة على سكان المناطق الجبلية، فضلا على دوره في إنعاش الفعل السياحي بالمنطقة، مشيرا إلى أن مصالحه سعت في الإطار، إلى تدارك مختلف النقائص المسجلة في ما يتعلق بالنقل والاستجابة لانشغالات السكان؛ حيث تم تخصيص حافلة لنقل المسافرين تابعة للمؤسسة العمومية للنقل الحضري وشبه الحضري من مدينة البليدة نحو بلدية الشريعة، تقوم بأكثر من ست رحلات من وإلى أعالي جبال الشريعة في اليوم، لافتا في السياق، إلى أنه يُنتظر أن يتم في غضون شهرين كأقصى تقدير، تدعيم هذه الحافلة بحافلة أخرى بعدما تَبين لمديرية النقل أن خط البليدة ـ الشريعة واحد من أهم الخطوط الربحية بالنظر إلى التوافد الكبير عليه للتواجد في بلدية الشريعة، ومنه ضمان توفير النقل لسكان البلدية ولزوارها، متمنيا في السياق، الإسراع في صيانة المصعد الهوائي قبل أن تكتسي أعالي جبال الشريعة حلّة بيضاء، خاصة أنه عصب  السياحة بالولاية.