"المخدرات وانعكاساتها على استقرار المجتمع" بقسنطينة

تخلي الأسرة عن وظيفتها التربوية سبب في الإدمان

تخلي الأسرة عن وظيفتها التربوية سبب في الإدمان
  • القراءات: 2114
❊ح. شبيلة ❊ح. شبيلة

دعا المتدخلون في أشغال اليوم الدراسي الذي نظمه ديوان مؤسسات الشباب بقسنطينة، أول أمس، إلى ضرورة فتح باب الحوار والتواصل بين الأولياء وأبنائهم، للحد من ظاهرة المخدرات التي باتت تعرف انتشارا كبيرا خلال السنوات الأخيرة في المجتمع الجزائري، خاصة بعدما استقلت الأسرة عن دورها الحقيقي في التكفل بأبنائها والاستماع لانشغالاتهم ومشاكلهم بسبب انشغالاتها اليومية.

طالب المتدخلون من أخصائيين نفسانيين واجتماعيين وممثلين عن الأمن الوطني، وكذا مديرية الشؤون الدينية، في أشغال اليوم الدراسي حول "آفة المخدرات وانعكاساتها السلبية على استقرار المجتمع"، الذي حمل شعار "المخدرات آفة المجتمع ودمار العائلة"، بضرورة تبني مشاكل الأطفال والشباب والتكفل بها من قبل الأسرة وحتى المجتمع، مع تدعيم النشاطات الترفيهية والرياضية لتجنيبهم الانسياق وراء الآفات الاجتماعية التي تنخر المجتمع، وإعداد برامج إرشادية وتحسيسية وتنظيم دورات لتوعية المراهقين والشباب بمخاطر هذه الظاهرة، زيادة على نشر الوعي بأهمية التماسك الأسري والحرص على الجلوس والحوار مع الأهل.

من جهته، أكد رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة قسنطينة "2"، الدكتور زيان محمد، في مداخلته، غياب الحوار بالمجتمع الجزائري، خاصة داخل الأسرة التي باتت مستقلة عن أبنائها ومشاكلهم، وبدأت تذهب من حيث الشكل والمضمون، والوظيفة التربوية التي تخلت عنها تماما، حيث أنّ الكثير من الآباء والأمهات لازالوا غير واعين بخطورة مشاكل أبنائهم خاصة الشباب والمراهقين منهم، لأنهم في كثير من الأحيان يغضون النظر على إدمانهم العديد من الأمور السلبية، كرفقاء السوء والتسرب المدرسي، مما يؤدي إلى إدمانهم على الآفة الاجتماعية كالمخدرات والمهلوسات. مضيفا في نفس السياق، أن غياب الحرية وأماكن الترفيه وفقدان الأمل والاصطدام بحواجز اجتماعية وغيرها، كعدم الحصول على منصب عمل أو منصب في التكوين المهني وغيرها، تدفع الشباب للاتجاه إلى آفة المخدرات، حيث اعتبر المتدخل أن اللجوء إلى الإدمان يعد رد فعل نفسي وليس مادي، باعتبار أن أغلب المشاكل لدى المراهقين أو ما قبل المراهقة والذين يتوجهون للمخدرات، يحاولون إثبات ذاتهم، وهو ما يجعلهم في صدام مع العائلة.

أضاف باحث علم الاجتماع، أن الجزائر باتت اليوم من بين الدول التي تعرف انتشارا كبيرا للظاهرة، بعدما كانت مجرد منطقة عبور لهذه السموم، إلا أنها أصبحت منطقة استهلاك بسبب شبكات دولية مختصة تريد إلحاق الضرر بالبلاد، حيث أن 50 بالمائة من المخدرات تبقى في الجزائر وتروج داخلها. كما طالب بضرورة تخطي الخطابات الرسمية في المساجد والنزول بالخطاب الديني إلى مستويات ومشاكل الأفراد اليومية،  وعلى رأسها المخدرات، حتى لا تكون خطابات رسمية وهامشية.

أما ممثل الدرك الوطني، فأكد خلال عرضه لإحصائيات حول انتشار المخدرات، أن الآفة عرفت في السنوات الأخيرة انتشارا رهيبا، خاصة في أوساط الشباب والقصر رغم الحملات التحسيسية والتوعوية، حيث أن  أغلب الموقوفين خلال السنة الفارطة تتراوح أعمارهم بين 18 و25 سنة، تم إيداع أزيد من 45 منهم مؤسسات إعادة التربية والتأهيل بسبب جنحة ترويج واستهلاك المخدرات والحبوب المهلوسة، متحدثا في نفس السياق، عن قانون 04-18 الذي رفع من عقوبة المستهلكين للمخدرات من شهرين إلى سنتين.

الجدير بالذكر أن اليوم التحسيسي التوعوي عرف عرض فيلم وثائقي حول آثار الإدمان على المخدرات، زيادة على فتح باب الحوار لطرح عدد من المشاكل والصعاب التي واجهت عددا من المدمنين، وحتى الطلبة الذين استفسروا عن القوانين وأنواع المخدرات وغيرها. من المنتظر أن يتم تنظيم أبواب مفتوحة طوال الأسبوع على مستوى الفضاءات المختلفة ودور الشباب، للتحسيس بمخاطر الإدمان والمخدرات.