المجوهرات التقليدية التلمسانية

تحف فنية تمزج بين الذهب والفضة

تحف فنية تمزج بين الذهب والفضة
  • القراءات: 971
 نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

تُعد عائلة عشعاشي من أقدم العائلات التلمسانية المعروفة بصناعة الحلي التقليدية، التي توارثت الحرفة أبا عن جد، وتخصصت في صناعة تحف ثمينة من مادتي الذهب والفضة؛ في تمازج غاية في الجمال؛ من خلال قطع لا تستغني عنها المرأة التلمسانية خلال أفراحها، لا سيما في الأعراس مع الألبسة التقليدية التي تزيدها جمالا ورونقا، لتكتمل أناقتها برداء الشدة.

التقت "المساء" بالحرفية حورية على هامش معرض الصناعة التقليدية الذي نُظم، مؤخرا، على هامش شهر التراث، بساحة أول ماي بالعاصمة بمحاذاة المدخل الرئيس للمستشفى الجامعي مصطفى باشا؛ نقطة تجارية استراتيجية، تعمّد القائمون على المعرض تخصيصها للحرفيين من أجل الترويج لمنتجاتهم. حدثتنا حورية قائلة: "لقد توارثنا هذه الحرفة أبا عن جد منذ ثلاثة أجيال. وفي هذه العائلة الحرفية ولِدتُ وترعرعت وسط حب كبير منهم لهذه المهنة التي استرزقت منها، ولاتزال إلى حد اليوم؛ حيث اهتمت العائلة في وقت سابق، ببيع، فقط، قطع تقتنيها من عند حرفيين بالمنطقة، ثم قررت المؤسسة العائلية توسيع نشاطها من محل بيع إلى ورشة صناعة؛ حيث تم اقتناء، حينها، آلات خاصة بالتقطيع والتركيب وحتى الترصيع، وباتت تبدع في منتجاتها، لكن بدون أن تخرج، تماما، عن تقليد تلك الحرفة".

واختارت، اليوم، الحرفية رفقة أخيها وأختها، مواصلة مسيرة أبيهم الذي توفي قبل سنوات، مؤمّنا لهم ورشة بالمنطقة. وقررت الإبقاء على نفس التصاميم التي تعكس التقاليد التلمسانية لتلك الحلي ذات اللونين الفضي والذهبي، وأحيانا من النحاس والفضة، التي تعطي القطعة جمالها الخاص. ولقد لاقى جناح الحرفية بالمعرض، استحسان الزوار الذين توافدوا عليها أفواجا؛ إذ كانت تجتهد في تعريف الجمهور الذي شدته إبداعاتها، على منتجاتها اليومية، والأخرى الخاصة بالأفراح، التي يبدو للبعض أنه يكتشفها لأول مرة. وعن حكاية الحرفية مع الحلي قالت: ما أعرفه هو أن عائلتي امتهنت صناعة الحليّ الفضية والذهبية على حد سواء منذ سنوات، ثم تخصصت في حرفة الترصيع بالأحجار الكريمة وشبه الكريمة خاصة. وهي واحدة من أقدم العائلات المعروفة بهذه الحرفة في الولاية".

وبحكم أنها وُلدت وسط هذه العائلة الحرفية، كانت كثيرة الاحتكاك بالحرفيين؛ سواء والدها أو عمها أو حتى أمها التي كانت تهتم بالتفاصيل، لا سيما الترصيع؛ إذ كان الجميع يبدع في صنع الحلي التقليدية التي تتزين بها المرأة في الأيام العادية، وفي المناسبات والأعراس؛ ما جعل حب الحرفة ينمو عندها، لتجد نفسها تمتهنها، وتحاول، بدورها، توسيع نطاق بيعها؛ من خلال المشاركة في المعارض الوطنية وحتى الدولية خارج الوطن. ولعل من أكثر الأنواع التي لاتزال رائجة في مجال الحلي التقليدية التلمسانية، تلك التي تأخذها العروس معها وتمثل واحدة من تقاليدها الراسخة، تذكر محدثتها الخلخال، والزروف، والجبين، والمسكة، لتتزين أغلب القطع باللؤلؤ أو ما يُعرف بالجوهر، وهي كلها قطع تتزين بها العروس عند ارتدائها الشدة التقليدية، وهي اللباس التقليدي الذي تخرج به الفتاة من بيت أهلها، نحو بيت الزوجية.