الصائم الجزائري وقصة "عشقه" للخبز

تحذيرات من الوقوع في فخ التبذير

تحذيرات من الوقوع في فخ التبذير
  • القراءات: 438
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

يعد الخبز بأنواعه وأشكاله أكثر ما يُقبل الصائم الجزائري على شرائه خلال الشهر الفضيل، حيث تثير تلك الأشكال والأنواع التقليدية والعصرية شهية الصائم الذي يرغب في تذوقها وتناولها جميعها، ليجد البعض أنفسهم قد اقتنوا أكثر من ثلاثة أنواع من الخبز، وفي بعض الحالات يقوم كل فرد من العائلة باقتناء نوع، هذا خبز الفيسال، وهذا خبز السمسم أو خبز الزيتون، لتتزيّن مائدة الإفطار بأنواع مختلفة من الخبز، الذي بات يتفنن في صنعه الخبازون، ويبدعون في عجنه بمختلف البذور وأنواع الطحين من الذرى والشعير والشوفان وغيرها. 

تحول اقتناء الخبز مع مرور السنوات خلال الشهر الفضيل بالنسبة للعائلة الجزائرية، إلى تقليد راسخ، ومعادلة دفعت بالكثير من الخبازين وحتى النساء في البيوت للتفنن في صناعة هذه العجائن بأنواع وأشكال لا تعد ولا تحصى، وهو ما خلق أجواءً تنافسية بين الخبازين والماكثات بالبيت، كل ذلك أعطى تشكيلة متنوعة لهذه المادة لتلبية رغبة الصائم، الذي لا يتردد في تنويع الخبز على مائدة الإفطار.

في جولة قادت "المساء"، الى عدد من محلات الخبازين بالعاصمة، وقفت على مدى تنوع هذه المادة في الشهر الفضيل، حيث لاحظت كما هائلا من أشكال الخبز التي تفنن كل محل في صناعتها، البعض منها تنوع باختلاف تشكليه، أي الاختلاف في تشكيل العجينة، على غرار الخبزة الدائرية، وأخرى "الباغيت" والنجمة وغيرها من الأشكال، في حين تزينت الأخرى ببذور مختلفة كالجلجلان، الشيا، النافع، السانوج، أو الزيتون.

تعدد الأشكال والأنواع إرضاءً لرغبة الصائمين

حول هذا الموضوع تحدث نبيل خباز بالعاصمة، بواحد من أقدم محلات الخبز بمحاذاة شارع ديدوش مراد، قائلا أن محله العائلي له أكثر من 33 سنة عمل في مجال تحضير الخبز والبريوش، وأن نشاط المحل يزداد خلال الشهر الفضيل وتبلغ مبيعات هذه المادة الذروة، موضحا أن فريق عمله، يحضر أنواعا خاصة بمناسبة الشهر الفضيل، تختلف باختلاف نوعية الزبائن، مؤكدا بأن أكثر الأنواع التي يقبل عليها الصائم خلال هذا الشهر هي المحضرة بالزيتون، وأخرى تعرف بـ"فيسال" وهي نوع جد رقيق من الخبز، ويجده المشتري ملائما لأكله مع الشوربة أو الحريرة.

وأضاف الخباز، أنه اليوم يتم توفير العديد من الأنواع منها المحضرة من النخالة أو الشعير، أو الشوفان، أو الخروب وغيرها، خصوصا وأن البعض بات يبحث عن الأنواع الصحية أكثر، بعيدا عن الطحين الأبيض أو ما يسمى بالفرينة، والتي لا منفعة لها، لاسيما بعد أن تم الكشف عن أضرارها الصحية.

وأضاف المتحدث، أن تلك الأنواع تعرف زيادة في السعر مقارنة بالأنواع العادية، حيث يتم إضافة مكونات عليها تجعل تكلفة تحضيرها أعلى، وعن أسعارها قال إنها تتراوح بين 30 و70 دينار للخبزة الواحدة.

المستهلك بين متذوق وطالب للكمية

من جهة أخرى أشار ماليك، خباز ببلدية المحمدية، أن المستهلكين ينقسمون الى فئتين، فئة لها ثقافة "تذوق" الخبز وفئة لا يهمها النوعية بقدر ما تهمها الكمية، هذه الأخيرة عادة ما تبحث عن الخبز العادي، الذي يحضر من الدقيق الأبيض فقط، يضاف عليه أحيانا السانوج فقط، أما الفئة الأولى فهي الفئة الذواقة أكثر، والتي تفضل خبز بسعر أعلى، لكن يحتوي على قيمة غذائية جيدة، كالشعير، أو المحضر بالحبوب الكاملة، أو الأنواع الحديثة كالشوفان، أو فرينة الذرى وغيرها، التي يتفنن الخباز في تحضيرها بأشكال وأحجام مختلفة، وهذا ما يثير دائما فضول الشخص لاسيما الصائم لتذوقها وتجربة أنواع جديدة منها.

"المطلوع" و"الكسرةمن تخصصات النسوة

ولا يخفى على أحد مدى انتعاش التجارة الموسمية للنساء داخل بيوتهن اللواتي تخصصن في تحضير أنواع تقليدية من الخبز، التي تستميل الصائم بشغف من شباب وكبار السن، الباحثين عن نكهة البيت، والذين يتعذر عليهم تحضير هذه الأنواع بالبيت يوميا، خصوصا مع اهتمام نساء العائلة بالفطور ما يجعلهن غير متفرغات للتفكير في تحضير الخبز أيضا.

وفي شوارع بلدية عين طاية، لفت انتباهنا الكم الهائل للأطفال قبيل آذان المغرب بساعات قليلة، والذين نصبوا سلالهم البسيطة على الأرصفة لبيع خبز المطلوع والكسرة، التي خرجت لتوها من فرن أمهاتهن أو إخواتهن، بأسعار هي الأخرى تنافس المحلات، خلق البعض منها طوابير أمام المارة الذين أثارت شهيتهم الروائح المنبعثة من تلك السلال، هذا ما أجمع عليه بعض من حدثتهم المساء، قائلين أن الخبز بأنواعه يثير شهية الصائم خلال الشهر الفضيل، واقتنائه يعد كالتقليد للغالبية، وحتى وأنه في الكثير من الأحيان تعرف هذه المادة تبذيرا كبيرا إلا أنه يبقى الكثيرون على تلك العادة على مدار أيام الشهر الفضيل.

 


 

منظمة حماية المستهلك100 مليون خبزة في القمامة خلال رمضان 2023

وفي الوقت الذي يثير الخبز شهية الصائمين، حذر كمال يويو، رئيس مكتب العاصمة لدى المنظمة الوطنية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه من التبذير الذي يشهده الشهر الفضيل في الأكل، خاصة مادة الخبز، التي أعطت للجزائريين الشهرة في واحدة من أكثر الشعوب المبذرة للخبز، موضحا أن هذا الإسراف لا يزال متواصلا مع كل شهر فضيل، الموعد الذي لابد أن يكون فرصة للرحمة والاقتصاد والصيام لله وليس للأكل والتبذير.

وقال المتحدث، إن الأرقام الرسمية المتداولة بتصريحات عدة قطاعات تشير إلى رمي أكثر من 100 مليون خبزة في القمامة خلال شهر رمضان السنة الماضية، و900 مليون خبزة ذهبت إلى المزابل خلال باقي السنة، وهذه النسبة، حسب نفس المصدر، "كبيرة جدا تعكس لا وعي المستهلك وتستدعي ضرورة توجيه استهلاكه والحرص على الابتعاد عن الإسراف الذي يكلف المواطن والدولة خسائر يمكن تفاديها بوعي استهلاكي أكبر".